حفل نجوى كرم الذي احيته يوم 25 جويلية 2008 على مسرح قرطاج الاثري كان متوسطا ولم يرق الى مستوى انتظارات جمهور قدم بالالاف وتكبد عناء ومشقة التنقل والثمن الباهظ للتذاكر والوقوف ومنذ الثامنة مساء اي قبل بداية الحفل بساعتين او اكثر احيانا بالنسبة للبعض وقد تلاحمت الاجساد وتسببت حرارة الطقس والشعور بالضيق في تشنج البعض وشدت اعصاب البعض الاخر ولكن كل شيء يهون والكل يمني النفس بسهرة من سهرات الف ليلة وليلة ولكن! هذا الجمهور الزاحف على قرطاج بحثا عن الكلمة الرقيقة والموسيقى النافذة الى الاعماق والصوت الجبلي الشعبي الذي شبه بصوت صباح في وقت ما واكتشف فيه بعض المغرمين عذوبة صوت سميرة توفيق لم يجد نجوى كرم «الملكة» ولا شمس الاغنية العربية كما تلقبها روتانا التي تبنتها وانما وجد صوتا اتعبه السهر والعمل وكثرة التنقل من مكان الى آخر واللهث وراء «الغناء في المطاعم» ووجد صورة لمعتها كاميروات الكليبات وزينها مخرجون اكفاء ما ان غابوا حتى بانت الحقيقة عارية واكتشف اغلب الجمهور الساهر في الحفل ان نجوى كرم اصبحت صورة جميلة في كليب وعاملة في شركة تجارية غايتها الربح على المدى القصير لا التأسيس لمستقبل طويل ومشرق. لقد وقف الجمهور طيلة السهرة متحفزا للغناء وخاصة للرقص ولكن البعض منه تشنج واستاء واحبط خلال بعض فترات الحفل الذي لم يدم اكثر من ساعة ونصف تخللته بعض التدخلات المباشرة لنجوى كرم للتوجه الى الجمهور التونسي بالشكر على الحضور باعداد غفيرة او للاستعداد لاغنية اخرى.. استاء اغلب الحاضرين لانهم لم يجدوا حضورا ركحيا متميزا ولا صوتا متمكنا خال من الحشرجات والنشاز كما عهده.. ولا اغاني تشبع نهمه للرقص او الغناء بحيث كان الجمهور كلما تسلطن ودخل في موجة غناء او رقص الا وانتقلت به نجوى كرم مراوغة الى اغنية اخرى اذ غنت اجزاء متقطعة من بعض اغانيها.. استخفاف فنجوى كرم لم تغن الا اغنية جديدة يتيمة من البوم «عم بمزح معك» الذي اصدرته لها مؤخرا شركة «روتانا للصوتيات والمرئيات» وواصلت فيه التعامل مع الملحن وكاتب الكلمات عماد شمس الدين الذي كتب ولحن لها عشرات الاغاني ولعل هذا ما جعل اغلب اغانيها متشابهة جدا الى درجة ان البعض لم يتفطن الى انها كانت تنتقل وبسرعة من اغنية الى اخرى.. ولكنه تفطن الى ان لهفته على الاغنية سببها وجود مخرج متمكن وذو رؤية نافذة هو فادي حداد وديكورات ضخمة استوعبت ابداعات 80 راقصا وراقصة قدموا الوانا زاهية ولوحات استعراضية مستوحاة من قصص الف ليلة وليلة اجواء شهرزاد وشهريار. هذه الاغنية الجديدة اليتيمة التي قدمتها تخللتها صعوبات على مستوى العزف والترديد وغاب فيها الانسجام بين بعض العناصر الموسيقية المطروحة على الركح اما بقية ما اثثت به السهرة فكان قديما نال حظه بما فيه الكفاية وعبثا حاولت نجوى كرم استرضاء الجمهور وحثه على الغناء معها لانها فهمت انه تركها واتجه للباتري يرقص على نغماتها ويردد ما حفظه للمغنية من اغاني. قالت نجوى خلال السهرة انها (ومن يعادلها قدرة على التمثيل) تعودوا على ان يقفوا للاستماع الى جمهور قرطاج وهو يغني ولكن فاتها ان جمهور قرطاج يقف ويغني بصوت واحد ككورال اغاني مغنين يحترمونه ويسعون جادين لارضائه ويستعدون بدقة لحفلاتهم اما اذا احس بالاستخفاف فانه يولي وجهته بطريقة آلية الى «الدربوكة» والباتري ليرقص وينقذ ما يمكن انقاذه من سهرة صرف من اجلها جهدا ومالا. انطلق الحفل على الساعة العاشرة و5 دقائق عندما اشرت له قناة روتانا التي كانت تنقله مباشرة ومنتصف الليل الا 25 دقيقة خرجت نجوى كرم بطريقة فجئية مسرعة وكأن طائرتها ستقلع للتو وموسيقى الاغنية التي سبق ان غنتها تملأ ارجاء المسرح والجمهور واقف يصيح ويرقص بعضه يستجدي عودتها للركح وبعضه الاخر لا يصدق انها وضعت نقطة نهاية للحفل حتى انه تسمر ولم يغادر مدارج المسرح الا بعد خروج العازفين وتأكيد البعض ان نجوى استقلت سيارة وغادرت مسرعة لارتباطها بموعد اهم من الاف الذين احبوها واشتاقوا لها وصرفوا من اجلها الجهد والمال.