«لماذا يفرض الطبيب على منخرط «الكنام» تسديد الأداء ولا يفرضه على بقية المرضى؟» «الكنام» قصّرت في توضيح الغموض والاطباء استغلّوا الأمر ليفرض كل واحد تصّوراته» كشفت الأسابيع الاولى من دخول نظام التأمين على المرض مرحلته الثانية عن عديد النقائص والهنات والثغرات القانونية كما كشفت عن ضبابية المعلومة وتذبذب التفسيرات والتأويلات لبعض النّصوص القانونية. ولعلّ من النقاط التي استوجب التوقف عندها هي حاجة صندوق التأمين على المرض الى منظومة جودة شاملة يسير وفق توجهاتها.. منظومة جودة بمواصفات محددة وبمصادقات دولية على غرار ما تمنحها بعض المؤسسات الدولية المختصة للهياكل المماثلة. ورغم أن الأشهر القادمة ستحمل حتما الجديد الذي قد يخفّف الضّغط عن المراكز الناشطة حاليا فإن البناء على أسس علمية تراعي مسائل جودة الخدمات يظلّ أمرا مطلوبا حتى لا تجبر الادارة العامة للصندوق لاحقا على نهج سياسة الترقيع لبلوغ المواصفات المحددة وما يرافقه من تبذير لأموال.. منخرطو الصندوق هم في أمسّ الحاجة اليها. كما أنّه وفي انتظار فتح المراكز الجديدة تبقى المراكز العاملة في حاجة الى مرونة في التعامل مع المنخرطين والمتعاملين معها... مرونة تشمل بالأساس مواعيد الفتح والغلق والتي تتمّ في اوقات غير مناسبة البتّة إذ أنّ فتح المكاتب على الساعة السابعة صباحا صيفا قد لا يسجّل الإقبال المرجوّ سيّما أن الأطباء لا يحلّون بعياداتهم إلا بعد العاشرة صباحا بما يعني ان الرّاغبين في إعداد ملفاتهم سيجدون انفسهم مجبرين على تأجيل تقديم مطالبهم العاجلة كالحصول على أذون بإنجاز بعض المتمّمات التشخيصية أو العلاجيّة ليوم أو أكثر بما أن بعض مديري المراكز يغلقون الابواب عند منتصف النهار عوضا عن الواحدة ظهرا، وهنا يجدر التساؤل عن جدوى المرونة في التّوقيت التي رفعتها الحكومة شعارا منذ سنتين خصوصا اذا ما تعلّق الأمر بخدمات مستعجلة وحياتيّة. من المسائل الأخرى التي يستوجب توضيحها وبشكل حازم تلك التي تتعلّق بحقوق الأطراف المتعاقدة وواجباتها فنحن نستغرب كيف يطلب طبيب 33,33% عوضا عن 30% من قيمة الفحص ويفرض على المريض المنخرط في المنظومة الثانية مدّه بأوراق استرجاع المصاريف التي ينصّص عليها قيمة الفحص كاملة ولا تتحرّك «الكنام».. كما نستغرب كيف يثقل الأطباء كاهل مرضاهم بدفع الأداء على الخدمات المقدّر ب 6% وتتعلّل «الكنام» بأن ما يقوم به الأطباء غير قانوني ولا تصدر نصّا يوضّح الأمر ويضع حدّا لتأويلات مختلف الأطراف. وما يزيد استغرابنا أن قانون المالية موضوع التفسيرات المختلفة صدر منذ مطلع السّنة ولم يقدم أي طبيب على تطبيقه كما أن الأطباء غير المتعاقدين وحتى المتعاقدين منهم إذا ما تعاملوا مع مرضى غير معنيين باسترجاع مصاريفهم من «الكنام» لا يطالبونهم بتسديد هذا الاداء.. فإن كان هذا الأداء فعلا موجبا على كل المتمتّعين بالخدمات الصحية فلماذا يُعامل «بعضهم فرضا وبعضهم الآخر سنّة» لماذا يُضمّن في قيمة الفحص مع مرضى ويُطالب مرضى آخرون بتسديده.. أم ترى لأن كل ما يمرّ عبر «الكنام» سيخضع حتما لمراقبة الجباية لذلك يكون التعامل شفّافا شرط أن لا يسدّد الطبيب شيئا للجباية. إنّ كل ما ذكرناه يستوجب من «الكنام» ان تقدّم توضيحات في الغرض تبيّن لعموم الناس ما عليهم تسديده للطبيب وما عليهم تسديده للصيدلي وما عليهم تسديده للبيولوجي... وكان من الأجدر أن يتمّ ارفاق دفاتر العلاج بهذه التوصيات لكن يبدو أن الإدارة الشاقة للتفاوض والتصرّف في الكمّ الهائل من المعاملات الادارية أنسى «الكنام» الكيف فلم تول الجانب العلائقي مع من يعتبر المموّل الأساسي لنظام التأمين على المرض العناية التي يستحق.. فظلّ الحلقة الضعيفة في المنظومة خصوصا أن اتحاد الشغل الطرف الوحيد الممثل للمنخرط كانت له مواقف مشجّعة لمزيد دعم القطاع العمومي بما يعني انفتاحا محدودا على القطاع الخاص فسّره قبوله بسقف لاسترجاع المصاريف قد لا يكفي لعلاج نزلة برد معقّدة بعض الشيء. إن إثارتي لهذه النقائص لا تحطّ بحال من قيمة نظام التأمين على المرض ومن نبْل أهدافه لذلك سأظّل شخصيا متشبّثا بهذا النظام مؤمنا بأن غَدَ «الكنام» سيكون أفضل من يومها لو اوليت مصلحة المضمون بوصفه المحرّك الاساسي لهذه المنظومة العناية التي يستحقها... عناية من عليه الحفاظ على حريفه لأنّ بدونه لا يكون لمسديي الخدمات في القطاع الصحي معنى لوجودهم. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: