ما شهدته الجزائر في اليومين الاخيرين من تفجيرات انتحارية وصفت بالأعنف في البلاد منذ سنوات مخلفة عشرات القتلى والجرحى واضرارا مادية جسيمة يؤكد مرة اخرى ان الجماعات التي تقف وراء اعمال العنف هذه بعيدة كل البعد عن كل ما هو انساني فينا وعن كل مفاهيم الحوار والتسامح والاختلاف وترفض ما يمكن ان نسميه «حكمة العيش معا». هجمات الجزائر الدامية الاخيرة تؤكد مرة اخرى مقولة ان من اعوزته الحيلة يلتجئ الى أساليب القوة والعنف وان «نجاح» هذه الجماعات في نهجها الدموي العنيف الذي ترفضه كل الشرائع السماوية والقيم الانسانية النبيلة والأديان السمحة مرتبطا بفشلها وافلاسها الذريعين الاخلاقي والجمالي والروحي لانها ترفض قيم الحياة وتقدس الظلام وتريد ان تحجب «نور الشمس» وان تعطل المصالحة الوطنية في هذا البلد الشقيق. تفجيرات الجزائر والقتل الاعمى الذي تحترفه وتنتهجه هذه الجماعات دليل آخر على مرضها النفسي وبربريتها فهي لا تميز بين الاخضر واليابس ولا بين مدني وعسكري ولا بين طفل وشيخ همها الوحيد اسالة المزيد من دماء الابرياء الذين لم يقترفوا اي ذنب ولتقدم يوميا قرابين بشرية في تلوين ظلامي للقبور بألوان ابشع الجرائم التي ترفضها كل الثقافات الانسانية وتحرمها كل الأديان حتى الطبيعية منها. في الواقع ان التفجيرات الارهابية الاخيرة التي ضربت الجزائر تعري بصفة واضحة وتكشف غياب وعي هذه الجماعات وعدم استيعابها الموضوعي لكل خطوة او دعوة للحوار ورفضها الابدي لكل قيم الحياة والتعايش السلمي في كنف الاحترام والتعايش والتعاون من أجل غد افضل للجميع.. هذه التفجيرات دليل آخر عن وعيها المقلوب واغترابها وعن الانفعالات التي لا تنتج غير قيم الموت والدمار التي تعشش في رؤوسها والذي ما يزال يطمس نور العقل لتتشبه بالاشباه في كل مكان تحت رمال التصحير الجماعي والقتل الجماعي دون ادنى استيعاب موضوعي لحتمية التعايش البشري. في الحقيقة ان كل مجتمعات اليوم مدعوة الى التعامل بكل حذر مع مثل هذه «الخفافيش» التي لا يحلو لها العيش الا في جراح الآخرين ولا يهنأ لها بال الا بمزيد القتل والعنف وانتاج كل ما هو غير انساني في تشويه لكل جماليات الحياة وصورة الانسان الذي يتميز بالوعي والانفتاح والتسامح لمعالجة الأرض والفضاءات التي تنتجها كي لا تكون زرعا طفيليا ينهش خيراتنا ويعطل كل خطوة تنموية تحتاجها شعوبنا بدءا لا بمعالجتها امنيا فقط وانما بالبحث في اسبابها الاجتماعية والنفسية لايجاد طريقة ناجعة في علاج ومداواة مثل هذه الامراض حتى لا تكتوي مجتمعاتنا بها وتشوه سمعتنا في العالم وتطمس صورتنا في مرآة التاريخ.