تونس الصباح: يعد مهرجان المدينة الرمضاني تظاهرة فنية وثقافية وتنشيطية هامة ومبتكرة ارادها باعثوها منذ اكثر من ربع قرن وعلى رأسهم الوجه الاعلامي ورجل الثقافة الاستاذ مختار الرصاع ان تكون من جهة «حركة» تصد لواقع التهميش الثقافي والعمراني الذي طال على مدى سنوات طويلة دور وقصور وأنهج وأزقّة مدينة تونس العتيقة، كما ارادوها من جهة اخرى ان تكون مسعى عمليا من أجل اعادة الوهج الابداعي والثقافي والاحتفالي لنبض الحياة داخل النسيج العمراني لمدينة تونس العتيقة في ليالي وسهرات شهر رمضان المعظّم.. والواقع ان النجاح الكبير الذي عرفته هذه التظاهرة منذ دوراتها الاولى وحجم الاقبال والدعم الذي لقيته من قبل الجمهور قد فاجأ حتى القائمين عليها وجعلها تولد كبيرة وناجحة بأتم معنى الكلمة وهو النجاح الذي يبدو أنه بقدر ما زاد من حماس القائمين على هذا المهرجان وشحذ عزيمتهم بقدرما جعلهم لا يغترون «ولا يضيّعون البوصلة» فقد سار ركب المهرجان على امتداد السنوات العشرين الاولى من عمره وبثبات باتجاه الهدف المرسوم ألا وهو اعادة الحياة الثقافية داخل النسيج العمراني لمدينة تونس العتيقة الى مستوى نسقها الحي والمرتفع والزاهي الذي اشتهرت به تاريخيا خاصة خلال سهرات وليالي شهر رمضان المعظم.. فلقد تحوّل مهرجان المدينة الرمضاني بمرور الزمن وبتوالي دوراته الى تظاهرة فنية وثقافية وتنشيطية ذات قيمة وصيت يؤثث سهراتها وعروضها الفنية والفرجوية المختلفة نجوم كبار تونسيون وعرب واجانب في عالم الطرب والغناء والانشاد الديني (صباح فخري صبري المدلّل لطفي بوشناق والباكستاتي علي فتح نصرت خان.. وغيرهم). غير أنه وخلال الدورات القليلة الاخيرة تحديدا من مسيرة المهرجان بدا وكأن «الامور» بدأت تفلت نسبيا من بين يدي القائمين عليه وذلك اما بفعل «اجتهادات» تنظيمية في غير محلها مثل قرار الخروج بعروض المهرجان الى فضاءات «دخيلة» واقعة خارج النسيج العمراني لمدينة تونس العتيقة مثل فضاء الأكروبوليوم بقرطاج او بفعل ما يقال انها صعوبات في توفير التمويل المالي اللازم لجلب فنانين وفرق عربية واجنبية بامكانها تقديم الاضافة النوعية للمهرجان. غير ان هذا لا يعني طبعا بان مهرجان المدينة قد فقد بريقه وصيته وانه لم يعد يحظى بالمتابعة والاقبال.. بل هو لا يزال يمثل «محطة» هامة وعنوانا بارزا في قائمة المواعيد الثقافية السنوية في المشهد الثقافي في تونس.. دورة جديدة الدورة الجديدة (25) من مهرجان المدينة الرمضاني ستنطلق عروضها وانشطتها بداية من يوم 7 سبتمبر المقبل لتتواصل الى غاية يوم 27 منه وقد بدأت بعض الاصداء والمعلومات تتسرّب حول مضمون برنامجها العام.. ففضلا عن بعض المشاركات العربية والاجنبية التي ستكون بامضاء فنانين ضيوف عرب واجانب فان عددا من الفنانين والفرق والمجموعات التونسية البارزة ستسجّل حضورها خلال هذه الدورة مثل فرقة المعهد الرشيدي بقيادة الفنان زياد غرسة ومجموعة «العازفات» بقيادة الفنانة امينة الصرارفي فضلا عن حفل للفنان لطفي بوشناق وآخر للفنانة أمينة فاخت التي تسجّل حضورها لاول مرة ضمن مهرجان المدينة الرمضاني.. تلك هي ملامح جانب من برنامج الدورة الجديدة (25) من مهرجان المدينة الرمضاني الذي نتمنى أن يتواصل وان يحافظ خاصة على قيمته الثقافية وعلى جوهر مضمون رسالته التي تأسّس تاريخيا عليها خاصة وانه يحتفل هذا العام بيوبيليه الفضي اي مرور 25 سنة على انبعاثه.