دراسات التهيئة شملت مبدئيا 70 هكتارا وستوفر طاقة إيوائية تقدّر بألفي سرير يمثل شاطئ «الشفار» الوجهة الأكثر ارتيادا لمتساكني جهة صفاقس، وهو يكاد يكون متنفّسهم الوحيد كلما اشتدّت حرارة الشمس اللافحة رغم افتقاره للعديد من المرافق والتجهيزات الأساسية التي ساهم غيابها في خلق بعض المظاهر السلبية كتراكم الأوساخ وتلوّث البحر والتخييم العشوائي ولأن «دوام الحال من المحال» كما يقولون فإن هذه المنطقة ستشهد تغييرا جذريا من وخلال مشروع السياحة الداخلية والعائلية الذي ستنطلق أشغاله عل أرض الواقع في غضون الأشهر القليلة المقبلة... تفاصيل أكثر حول واقع وآفاق هذا المشروع الواعد تطالعونها من خلال هذه المصافحة مع السيد رشيد غربال الرئيس المدير العام لشركة الدراسات والتنمية والتهيئة السياحية بصفاقس الذي تحدّث عن هذا «المولود» القادم على مهل بحماس الشباب وأيضا بخبرة وتجربة السنوات الطوال التي قضاها كإطار في إدارة الاستثمارات السياحية ومدير للتراث والمحيط ومشرف على تسيير اللجنة الفنية لصندوق حماية المناطق السياحية في صلب وزارة السياحة إضافة إلى عضويته في عدد من اللحان الوطنية المهتمة بالتنمية والتراث والبيئة والتنمية المستديمة وحماية الشواطئ.. بعد المصادقة على المثال التصميمي يتم حاليا النظر في ملف التقسيمات المشروع سيشمل في مرحلة أولى إنجاز مركز ترفيهي ضخم راعينا خصوصيات العائلة في كل مقوّمات المشروع مع ضرورة انفتاحه على الجهات بحكم موقعه * لو تقدم لنا أولا أهداف الشركة وأهم مشاريعها؟ - تقوم الشركة بانجاز الدراسات الهادفة إلى خلق منتوج سياحي تتجمّع فيه كل المواصفات قادر على الاستقطاب وعلى إضفاء ديناميكية وحركيّة اقتصادية اعتمادا على المخزون الحضاري والثقافي المتنوّع والثري بجهة صفاقس الذي نعمل على ديمومته من خلال قناعة راسخة نؤمن بها وهي أن أحسن طريقة للمحافظة علي هذا المخزون هو توظيفه المحكم، إضافة إلى العمل على تحسيس رؤوس الأموال سواء كانت الوطنية أو العربية أو الأجنبية بجدوى الاستثمار في هذا القطاع، وفي هذا الصدد يمثل المشروع السياحة الداخلية والعائلية بالمنطقة السياحية بالشفار فاتحة مشاريع الشركة الذي سيشكل اللبنة الأولى على درب تنمية القطاع السياحي بولاية صفاقس، في انتظار إنجاز مشاريع أخرى في عدة مناطق تتميز بخصوصيات ثقافية وتراثية وطبيعية مغرية مازال أغلبها «خاما» ودورنا طبعا هو إبرازها واستغلالها الاستغلال الأمثل. * ماهي مكوّنات وتكلفة هذا المشروع؟ - يندرج هذا المشروع في إطار قرار رئيس الدولة الصادر بمناسبة زيارته إلى ولاية صفاقس يوم 14 أفريل 1997 والقاضي بإحداث منطقة سياحية بالشفار تمسح 190 هكتارا، وبتاريخ 20 أكتوبر 1999 أقرّ المجلس الوزاري المضيّق تصنيف هذه المنطقة السياحية الجديدة في مجال السياحة العائلية والداخلية، وقد شملت دراسات التهيئة مبدئيا مساحة 70 هكتارا بطاقة إيوائية تقدّر ب2000 سرير تتوزع على برامج إنجاز وحدات فندقية وإقامات وفضاءات ترفيهية وتنشيطية ومخيمات ومساحات خضراء، وفي مرحلة أولى تم تحديد مقسمين على مساحة 14 هكتارا لاحتضان مركز تنشيط سياحي ونزل وإقامات سكنية سياحية للاستجابة لخصوصيات السياحة العائلية والداخلية تحتلّ منها المنطقة المعنية بإنجاز المشروع 11,65 هكتارا وقع إخراجها من الملك العمومي البحري إلى ملك الدولة بمقتضى الأمر عدد 2818 المؤرخ في 20 نوفمبر ,2000 ثم إنجاز دراسة المؤتمرات البيئية وجانبا هاما من البنية الأساسية الخارجية لهذا المقسم الذي سيتضمن مركز ترفيهي يحتوي على شواطئ مهيأة ومطاعم ومقاهي وفضاءات تنشيطية ومآوي للسيارات، إضافة إلى نزل إقامة (Appart-hôtel) بطاقة إيوائية تقدر ب400 سرير ومركب سكني سياحي يشتمل على مقاسم معدّة لبناء «بنفلوات» وفيلات فردية ومزدوجة للتفويت بكلفة جملية تقديرية تناهز 30 مليون دينار. * وقع تصنيف المنطقة السياحية بالشفار في مجال السياحة الداخلية والعائلية، وفق أية رؤية تم هذا التصنيف؟ وماهي مميزات هذا النوع من السياحة؟ - تمّ هذا التصنيف اعتبارا لطبيعة منطقة الشفار التي يقطن بها آلاف السكان وهو ما يتوافق مع مميزات السياحة الداخلية والعائلية التي توجه خدماتها وتأقلمها في الغالب مع حاجيات وطلبات السائح التونسي، لذلك فإن الوحدات الفندقية السكنية والمركبات السكنية، وحتى برامج التنشيط تحترم وتضع في اعتبارها خصوصيات العائلة، وهي عناصر تساهم في مزيد تنمية وتطوير نسق السياحة الداخلية ويمكن أن نشير في هذا السياق أن حوالي 7 مليون تونسي يقومون برحلات سياحية داخل البلاد. * ماهي نسبة تقدّم إنجاز الدراسات الخاصة بالمشروع؟ - تمّ خلال فترة سابقة تقديم الرسم الإعدادي للمشروع ثمّ في مرحلة ثانية المثال التصميمي الذي عرض على نظر اللجنة الفنية بالديوان الوطني التونسي للسياحة وحظي بموافقتها بتاريخ 12 مارس ,2008 وتم أخيرا بالتنسيق مع الوكالة العقارية السياحية عرض ملف التقسيمات على اللجنة الجهوية للتقسيمات للنظر فيه ولمواصلة إعداد بقية الدراسات الفنية الضرورية للحصول على المصادقة النهائية على الملف والانطلاق الفعلي في مرحلة الانجاز والاستغلال. * ومتى تنطلق الاشغال على الأرض؟ - أقررنا مؤخرا الترفيع في رأس مال الشركة للدخول في مرحلة الإنجاز الفعلي بداية من الثلاثية الأولى لسنة ,2009 حيث يكون الانطلاق بأشغال التجهيزات الأساسية علي مدى 6 أشهر، فأشغال البناءات التي تستغرق قرابة 24 شهرا ليكون المشروع جاهزا للاستغلال في غضون ثلاث سنوات قادمة. * اختيار «الشفار» لإقامة هذا المشروع الضخم هل تمّ بناء على خصوصيات تنفرد بها هذه المنطقة؟ - طبعا، فهذه المنطقة التي تبعد مسافة 25 كلم جنوب مدينة صفاقس و5 كيلومترات شمال مدينة المحرس تتميز بموقعها الاستراتيجي (مفترق طرق) الذي سيشكل عنصرا هاما في إدماج المنطقة في الدورات السياحية بولاية صفاقس والولايات المجاورة والمناطق والمسالك السياحية التونسية بصورة عامة، وهو ما سيساهم في تلبية حاجيات المتساكنين الحاليين لمنطقة الشفار البالغ عددهم أكثر من 9 آلاف ساكن، يضاف إليهم الوافدين والمصطافين الذين يرتفع عددهم خلال فترة الذروة ليتخطى 170 ألف زائر. * هل لك أن توجز لنا آفاق هذا المشروع على مستوى المردودية الاقتصادية والتشغيل؟ - بالنسبة للمردودية الاقتصادية فهي متأكدة وواعدة بالنظر إلى توفر عنصر الطلب، وبالنظر إلى خصوصية المنطقة من حيث الموقع، بل يمكن القول إن المشروع أخذ أبعادا أخرى بعد القرار الرئاسي الرائد بنقل مقر «السياب» هذا إلى جانب إقرار برنامج تحسين الطريق الرابطة بين المحرسوصفاقس. أما على مستوى التشغيل فهو سيخلق فرص عمل كبيرة خاصة بالنسبة لأصحاب الشهائد العليا واليد العاملة المختصة، فعلى سبيل المثال من المتوقع أن يوفّر مركز التنشيط السياحي لوحده 100 موطن شغل على الأقل، إضافة إلى ما يمكن أن تخلقه مثل هذه المشاريع من مواطن شغل أخرى غير مباشرة. * شركة الدراسات والتنمية والتهيئة السياحية انقسمت على إثر قرار وزاري إلى ثلاث شركات وهي «سيدي فنخل» و«شط القراقنة» و«الشفار» على أي أساس وقع هذا التقسيم؟ وماهي أهدافه؟ - نظرا للصعوبات التي اعترضت مشاريع تنمية السياحة بجهة صفاقس فقد تم إنشاء شركة لكل مشروع بهدف تذليل هذه الصعوبات ولاضفاء مزيد من النجاعة على العمل لا غير، وهي في النهاية تتكامل وتتعاون وتنسق فيما بينها، إذ يمكن أن تتحدث في هذه الحالة عن توزيع مسؤوليات أكثر منه انفصال توزيع على أساس جغرافي. * لاحظنا تركيز الشركات الناشطة في هذا المجال بجهة صفاقس على الجانب البيئي، هل هي أولى الخطوات الحقيقية على درب مصالحة المدينة مع محيطها؟ - فعلا أولينا هذا الجانب الاهتمام الرئيسي، وهو يمثل عنصرا هاما في هذه المشاريع وذلك من خلال العمل على المحافظة على الشواطئ وعلى الكثبان الرملية ونقاوة المياه، مع التركيز على اعتماد الطاقات المتجدّدة، وقد راعينا هذا الجانب حتى على مستوى مواصفات البناء خاصة تلك القريبة من الفسحات الشاطئية التي لن تكون ذات اتجاه عمودي حفاظا على الواجهة البحرية، كما تعتزم القيام بحملات تشجير في المدة القريبة القادمة أي قبل الشروع في أشغال البناء. * أخيرا، ماذا يمكن أن تضيف؟ - أودّ في النهاية أن أنوّه بالدعم الذي لقيه مشروع السياحة الداخلية والعائلية بالشفار وطنيا وجهويا بعد فترة الركود التي شهدها طيلة ثلاث سنوات كاد بسببها أن يلفّه النسيان، كما لا يفوتني أن أثمّن الجهود التطوعية لجمعية صيانة قرية الشفار المصيفية في السهر على نظافة الشاطئ التي تدعّم توجهنا مع انطلاق مرحلة الاستغلال الفعلي للمشروع في الالتزام بالمعايير الدولية المتعارف عليها في القطاع السياحي ما يجعلنا نطمح للحصول على «الراية الزرقاء» والتحوّل لم لا إلى قطب سياحي مشعّ على المناطق الداخلية خاصة وعلى المستوى الوطني عامّة. للتعليق على هذا الموضوع: