لماذا لا تضبط آليات المتابعة والتعرّف على أسباب الغيابات؟ تونس الصباح قد يبدو الحديث عن الغيابات المدرسية للتلاميذ والأساتذة مع مفتتح السنة الدراسية سابقا لاوانه بعض الشيء في ظل وجود مواضيع اكثر الحاحا تشغل في هذه الفترة بال الوزارة والمدرسين والاولياء والتلاميذ من قبيل ضبط
جداول الاوقات النهائية والبت في طلبات النقل من قسم الى قسم وتوزيع الاساتذة والكتب وغيرها من اجراءات و«تروشيكات» الاسبوعين الاول والثاني من انطلاق كل سنة دراسية. لكن واقع الأمور يؤكد اهمية موضوع الغيابات وضرورة طرحه منذ بداية السنة الدراسية حتى يكون حجم الاهتمام به في حجم المشاغل والاشكاليات التي يثيرها هذا الموضوع. كيف ذلك؟ قبل الخوض في التأثيرات السلبية لموضوع الغيابات على المردود الدراسي وعلى الحياة المدرسية في مجملها، تجدر الاشارة الى ان تغيب التلاميذ عن الدروس ينطلق منذ بداية السنة ولكل حجته في ذلك، فنجد من ينتظر تغيير قسمه ومن يتعلل بعدم الانطلاق الفعلي للدروس لان الساعات الاولى عادة ما تخصص للمراجعة. المردود الدراسي تؤثر الغيابات المتكررة دون شك على المردود والنتائج الدراسية للتلميذ لا سيما ان السنة الدراسية تتخللها عديد المناسبات الوطنية والاعياد الدينية والعطل المدرسية التي تقلص من الزمن الفعلي الذي يقضيه التلميذ على مقاعد الدراسة. فماذا لو نضيف عامل الغيابات المبررة (بفعل المرض او لظرف طارئ) وغير المبررة (التي يعمد فيها التلميذ طوعا الى عدم الالتحاق بالدرس وقضاء الوقت مع الاتراب امام المعهد ياتون من السلوكيات والمشاكسات الشيء الكثير والمخجل احيانا!). وكما نلاحظ فان تغيب التلميذ او الاستاذ يفتح الباب لتداعيات اخرى أخطر على سلوك التلميذ وعلى محيط الحياة المدرسية لان التلميذ الذي يتغيب عن الدرس لا سيما دون علم الولي ستكون وجهته دون شك الشارع لتمضية الوقت مما قد يذهب به الى انزلاقات قد لا تحمد عقباها هذا الى جانب تنامي مظاهر سلبية اخرى لديه على غرار العنف اللفظي والجسدي.. الخ منظومة للمتابعة ان البحث عن استقرار المنظومة التربوية ومعالجة مشاكل الحياة المدرسية المختلفة يتطلب دراسة مختلف الظواهر والبحث عن الاسباب والمسببات لاستشراف الحلول الممكنة، والبداية فيما يتعلق بمعالجة موضوع الغيابات المدرسية تستوجب ايجاد منظومة لمتابعة نسب ونسق الغيابات على المستوى الجهوي والمركزي لان ما نلاحظه اليوم هو غياب المعطيات والاحصائيات الدقيقة عن عدد الغيابات المسجلة خلال السنة الدراسية في صفوف التلاميذ كما في صفوف المربين وحصر المعطيات الاحصائية يحيل بعد ذلك الى البحث عن الاسباب وفقا للمحيط التربوي والاجتماعي وحتى العائلي للتلميذ ليتسني فيما بعد البحث عن الحلول. نشير ايضا في سياق الحديث عن ظاهرة الغيابات الى ان التهاون احيانا وغياب الحزم في اعلام الولي واستدعائه كلما دعت الحاجة الى ذلك من قبل ادارة المدرسة والمعهد قد يكون له تأثير على تمادي التلميذ في التغيب.. وطبعا لا يجب ان نغفل دور العائلة المهم في متابعة ومراقبة الابناء وجداول اوقاتهم وترددهم المستمر على المؤسسات التربوية.. للتدخل في الوقت المناسب وقبل فوات الاوان.