تونس الصباح رجح العديد من المتابعين للمفاوضات الاجتماعية الجارية في دورتها السابعة الحالية إمكانية التوصل إلى تقدم فيها في كلا القطاعين العمومي والخاص، والاعلان عن ذلك بمناسبة عيد الفطر. لكن والى غاية يوم أمس لم يصدر
عن الاطراف المفاوضة ما من شأنه أن يشير إلى ذلك، خاصة بعد جملة الاجراءات التي أتخذت بشأن صرف تسبيقات مالية للتخفيف من وطئ الضغوطات المتأتية عن الصعوبات الحاصلة في المقدرة الشرائية، وتواتر بعض المناسبات التي زادت في هذه الصعوبات. فما هو المنتظر في تطور المفاوضات؟ وماذا عن أجوائها في القطاعين العمومي والخاص؟ تقدم ملحوظ في مفاوضات القطاع العمومي مصادر عليمة من اللجنة العليا للمفاوضات أكدت لنا أول أمس حصول تحسن هام في المفاوضات داخل القطاع العمومي، وبينت في هذا الشأن أنه تم التوصل إلى جملة من الاتفاقيات بخصوص الجوانب الترتيبية، ولم يبق سوى بعض الجوانب المتعلقة بخصوصيات يمكن تدارك حلها في أقرب الاجال، وهي جوانب لا يمكنها تعطيل مسار التفاوض على اعتبار أنها لست محل خلاف جوهري، إنما يمكن تقريب وجهات النظر بشأنها. أما على مستوى الجانب المالي والزيادة في الاجر فقد أفادت هذه المصادر أن الخلاف مازال قائما، حيث مازال الاتحاد العام التونسي للشغل يتمسك بزيادة في حدود 8 فاصل 5 بالمائة، وذلك بعد تقديم تنازل في صفر فاصل 5 بالمائة، بينما تقدم الحكومة مقترحا في حدود زيادات المفاوضات الفارطة. ويعلق الطرف النقابي على هذا المقترح بأنه لا يتناسب ومستوى الزيادات الحاصلة في الاسعار من ناحية، وبعض الدفوعات الاخرى مثل التي تتعلق بالمعاليم الجديدة لمنظومة التأمين على المرض، أو ارتفاع قيمة الدفوعات في مجال استهلاك الكهرباء والماء وغيرها. وعملا على تجاوز ما تبقى من خلافات في وجهات النظر بخصوص الزيادات في القطاع العمومي، وأيضا بعض الاشكالات المتصلة بالجوانب الترتيبية علمنا أنه تم الاتفاق على عقد ندوة بمدينة الحمامات يومي 9 و10 أكتوبر القادم وذلك لحسم المسائل العالقة بخصوص سير المفاوضات في القطاع العمومي والاعلان على اتفاق عام يشأنها. القطاع الخاص.. المفاوضات.. ومبدأ التفاوض القطاعي المفاوضات الاجتماعية في تونس لها خصوصياتها، وهي وإن كانت عامة في القطاع العمومي مع مراعاة خصوصيات بعض أسلاكها القطاعية، فإنها تتسم بالبعد القطاعي الواضح في القطاع الخاص. وهذا الجانب نظر إليه المشرع على أنه تسهيل لسيرها، حيث يمكن التقدم فيها على واجهات قطاعية دون انتظار بعض الواجهات الاخرى التي قد تشهد تباطؤ في المفاوضات. هذا البعد قد حصل فعليا في المفاوضات الاجتماعية الجارية حاليا، حيث بقدر ما حصل تقدم في مفاوضات عديد القطاعات سواء على مستوى الجانب الترتيبي أو المالي، فإن هذه المفاوضات اتسمت بالبطء والتقطع في بعض القطاعات الاخرى لعل أبرزها حسب ما بلغنا كان في قطاعي السياحة والنسيج. ونعتقد أن ذلك طبيعي جدا باعتبار ظروف كل قطاع والخصوصية التي يتسم بها، وما سلط عليه من ضغوطات داخلية وعالمية يرتبط بها بشكل أو بآخر. لكن وعلى الرغم من كل هذا نعتقد أن مبدأ القطاعية في المفاوضات يفترض أن يقوم الحوار على خصوصية كل قطاع على حدة، أي أن بعض القطاعات التي تم الاتفاق بشأن جوانبها الترتيبية والمالية يتم الاعلان عنها كما جرت به العادة. وهنا يطرح سؤال عام لماذا لم يتم الاعلان عن اتفاق بعض القطاعات، وتبقى تترقب القطاعات الاخرى؟ ثم هل أن المفاوضات في ظاهرها قطاعية وفي باطنها عامة حتى يترقب بعضها نتائج البعض الاخر؟ وهب أن هناك أبعاد عامة تشترك فيها كل القطاعات، فلماذا لا يمكن إفراد هذه الابعاد بمفاوضات خاصة؟. جملة هذه الاسئلة أصبحت في ظل عدم الاعلان بعد عن تقدم المفاوضات ولو بشكل جزئي وعلى مستوى بعض القطاعات تطرح بإلحاح، فهل من حلول لتجاوز بعض الصعوبات التي مازالت عالقة؟