اخبار فواجع وماسي المهاجرين الصوماليين الحارقين ممن يقامرون بحياتهم من اجل الوصول الى السواحل اليمنية والهروب من الجحيم الصومالي المتاجج تعود لتتصدر عناوين الاخبار دون ان تثير اهتماما يذكر لدى لمجتمع الدولي الذي يبدو ان حياة البشرهناك والتي بلغت حدا ماساويا تجاوز كل السيناريوهات المحتملة وغير المحتملة لا تثيره بالقدر نفسه الذي ثتيره فيه نشاطات قراصنة الصومال وتهديداتهم لطرق الملاحة البحرية في البحر الاحمر كما في الممرات البحرية الاخرى بعد ان باتت عائدات القرصنة تقدر بمليارات الدولارات وتجذب اليها انظار المستثمرين الانتهازيين الامر الذي حرك سكينة عدد من الدول الاوروبية لاتخاذ اجراءات عملية تضع حدا لتهديدات القراصنة المتصاعدة وتحول دون تحالفهم مع مجموعات ارهابية في المنطقة... ايام قليلة فصلت هذه المرة بين فاجعتين انسانيتين كان من نتائجهما المباشرة انهما ساعدتا على امتداد قائمة الضحايا الذين انتهوا الى بطن الحيتان في قاع البحر وتحولوا الى جثث هامدة على الشواطئ تروي ماسي المهاجرين غير الشرعيين ورحلة الهروب من الفقر والخصاصة والحرمان الى الموت العاجل ولاشك انه كلما كان عدد الضحايا مرتفعا انتفخت مدخرات وارباح مافيا تجارة البشر من المتمعشين بمصائب الاخرين وكل من يقف خلفهم من المنتفعين من تدهور الوضع الخطير في القرن الافريقي من اثيوبيا الى الصومال في بلد لا حكومة له ولا قانون يسري فيه ولا امن او استقرار فيه حتى باتت اخبار كوارث السفن المتهالكة المحملة بالحالمين بالهجرة من نساء وحوامل ومن اطفال وشباب لا تغيب عن عناوين الاخبار والتي غالبا ما تتكرر مع اختلاف واحد في عدد الضحايا الذي قد يرتفع او ينخفض حسب حظ المهاجرين ووفق حالة السفينة وقدرتها على تحمل التقلبات الجوية واهواء صحابها في حال تعرضهم للرصد من طرف السلطات الرسمية الاقليمية والدولية. ولاشك ان من تكتب له النجاة من هؤلاء ويتمكن من الوصول الى الضفة الاخرى اذا لم يرغمه المهربون على القفز الى البحر قبل ان تتلقفه الامواج العاتية لينقل للعالم اطوار ماسي غيره من الضحايا وما تكبدوه لجمع المبلغ المطلوب الذين كانوا يعتقدون انه سيكون كفيلا بنقلهم الى عالم جديد بعيدا عن اصوات المورتر وصور الموت اليومي واخبار القصف والاقتتال الدموي في شوارع موغاديشو واسواقها الشعبية التي تفتقر لابسط انوع الاغذية المطلوبة الا من وسائل القتل والات التخريب والدمارالمصنعة في العواصمالغربية . لقد تجاوز عدد المهاجرين الافارقة الذين وصلوا الى اليمن منذ بداية العام الخمسة الاف فيما يظل المئات منهم في عداد المفقودين الذين لا امل في عودتهم ليستمر رغم كل ذلك مسلسل ماسي الحارقين وتلاعب المهربين باحلامهم المشروعة التي تبحث لها عن موقع ولكن بطرق غيرمشروعة غالبا ما تنتهي بفاجعة جديدة بين الامواج... اسباب كثيرة تقف بالتاكيد خلف ظاهرة الحرقان او الهجرة غير المشروعة وما تخلفه من حرقة في القلوب سواء تعلق الامربالمهاجرين الصوماليين والاثيوبيين او السودانيين الحالمين بالوصول الى اليمن او اسرائيل او غيرهم من الافارقة الحالمين بالوصول الى الضفة الشمالية للمتوسط وهم يعتقدون ان هناك جنة الخلاص من اعباء الحياة وجحيم الفقر والخصاصة والحرمان والبطالة والاضطهاد النفسي والجسدي الذي قد يدفع بهم الى مغامرة غير محسوبة العواقب فيكتشف الذين كتب لهم النجاة لاحقا ان رحلتهم مع المعاناة لم تنته وان احتمالات التنقل بين المعتقلات والسجون الاوروبية المريعة المخصصة للغرض ليست سوى في بدايتها قبل ان يحين موعد الترحيل مجددا الى نقطة الانطلاق. قد لايكون في شهادات الحارقين الناجين اختلافات تذكرفي تفاصيل محطات تنقلهم بحثا عن فرصة الحياة ولاشك ان الحل يتجاوز حدود البحث عن فرصة لاتخلو من المجازفة بين البحار وعلى سفن الموت وهو بالتاكيد مرتبط بمدى استعداد دول المنشا ومصدر الحرقان لاستباق الاحداث واستثمار الجهود بما يمكن ان يوفر فرص الحياة الكريمة لمختلف الفئات الشعبية ويفسح المجال لبناء المدارس والجامعات لتحل محل معسكرات التدريب التي تستقطب الاطفال والشباب وتوظفهم في حروب وصراعات لا تنتهي وتستنزف من الامكانيات البشرية والطبيعية لتلك الدول ما لو تم استثماره في الصحة والتعليم والبنى الاساسية لكان ساعد على ابعاد او على لاقل الحد من فواجع مسلسل الحرقان . بالامس فقط اطلقت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة اسبوع "العدالة والكرامة"من اجل ملايين السجناء المعتقلين ظلما في العالم ولعل في ذلك ما يمكن ان يدعو الهيئة الاممية للتفكير جديا في يوم واحد من العدالة والكرامة لصنف اخر من السجناء الباحثين عن الخلاص والواقعين بين مطرقة الحروب والفقر سندان عصابات المهربين واكلي لحوم البشر...