تونس الصباح: مع مستهل شهر أكتوبر الجاري، وانتهاء شهر رمضان تمت العودة إلى نظام الحصتين الذي سيتواصل به النشاط الإداري طوال تسعة أشهر.. ولا شك أيضا أنه بانتهاء شهر أكتوبر الجاري سوف يتواصل تعديل وقت العمل أكثر وذلك باعتماد الوقت القانوني التونسي وحذف تقديم الوقت القانوني بساعة الذي تم اعتماده منذ ما يقارب 6 أشهر. هذه الاختيارات في العمل الإداري بالحصة الواحدة صيفا، وتقديم الوقت القانوني بساعة، واعتماد توقيت إداري خاص خلال شهر رمضان يجري اعتمادها منذ سنوات، وقد جاءت جميعها لملاءمة العمل الإداري مع الموظف والحفاظ على طاقته الإنتاجية وغيرها من الجوانب المتصلة بالاقتصاد والتنمية والأبعاد الاقتصادية والاجتماعية وحتى الصحية للموظف ومزيد تكييفها مع المناسبات والفصول. لكن طموح الموظف في توقيت عمل إداري جديد تبقى دوما قائمة على اعتبار أن هناك جملة من الضغوطات الأخرى التي مازالت تلاحقه، وهي ضغوطات ذات بعد اقتصادي واجتماعي وتطول حتى قطاع النقل وعلاقته به. فما هي أبرز هذه الضغوطات؟ ولماذ تتواصل بنفس النمط؟ وهل من سبيل لتغييرها؟ وقت مباشرة العمل صباحا يمثل ابرز الضغوطات يبدو أن ساعة مباشرة العمل الإداري عند الثامنة صباحا مازال على الدوام يمثل الشغل الشاغل للموظف سواء كان في القطاع الخاص أو العمومي. حيث أن هذا الموعد ضيق للغاية ولا يسمح للموظف حتى وإن كان يمتلك وسيلة نقل خاصة أن يفي بجملة من الإلتزامات الاجتماعية، أو يوفق دوما في الوصول إلى مكتبه وقت بداية العمل. وهذا الوقت إذا كان يضغط على الموظف عموما في ما ذكرنا من أسباب، فإن حدته تكون أقوى على الموظفة التي يمثل حضورها وموقعها هاما في الإدارة. فهي قبل التوجه للعمل صباحا لها جملة من الالتزامات الأخرى تجاه الأطفال، وتجاه نفسها باعتبارها ربة منزل . وكل هذا يفرض عليها النهوض مبكرا في كل يوم لطهي الطعام وإفطار الأطفال، وتوجيههم إلى المدارس، وربما إلحاقهم بالرياض أو المحاضن. ولعلنا في مثل هذه الحال نتساءل عن وضع هذه الموظفة التي قد تبدأ العمل وهي منهكة القوى نتيجة المجهود اليومي الذي تقوم به قبل بداية ساعة العمل . ولا شك أن هذه الظروف التي تحدثنا عنها وهذا الوضع، هو عام وتعيشه يوميا نسبة هامة من الموظفات، إن لم نقل معضمهن. تعديل توقيت بداية العمل صباحا هو المنشود استأنس الموظف خلال شهر رمضان الفارط ببداية العمل الإداري صباحا في حدود التاسعة، ويبدو أنه رغم شهر الصيام وطول السهرات، وحرارة الطقس، فقد وجد من الوقت ما يكفيه للالتحاق بالعمل دون تأخير. ويشار أن اعتماد هذا التوقيت الإداري الذي يتم لأول مرة قد لاقى استحسانا لدى الموظفين باعتبار استجابته لمشاغلهم اليومية وتوفيقهم بينها وبين نشاطهم الوظيفي والإداري. وقد كان في حسبان الجميع تمادي العمل به، خاصة بعدما لم يقع اعتماد الحصة المسترسلة في العمل التي كثر الحديث حولها في السنة الفارطة. ولعل السؤال الذي يطرح هنا هو: لماذا لم يتواصل اعتماد بداية العمل صباحا في الإدارات كما جرى في رمضان، خاصة وأن هذا التوقيت قد اثبت على ما يبدو جدواه على جملة من المستويات، ولا شك أنه كان محل متابعة ومراقبة وتقييم من طرف كل الإدارات سواء كانت خاصة أو عمومية؟ عاد الاكتظاظ.. وعادت ساعات الذروة الملاحظ أنه منذ أول أمس، أي اليوم الأول للعودة من راحة العيد وبداية العمل الإداري بنظام الحصتين، بدأت مظاهر الاكتظاظ في حركة المرور على طرقات العاصمة. ولعل مظاهر اكتظاظها الصباحي كان الأشد. وإذا كانت هذه الظاهرة قد تأخر موعدها ببعض الأسابيع، نتيجة ما سبقها من عودة مدرسية وجامعية وشهر رمضان، فإنها قد حلت الآن لترمي بثقلها المعتاد على الموظفين ووسائل النقل ومستعملي الطريق، وذلك على الرغم مما عرفته البنية الأساسية والطرقية من تحسن ملحوظ شمل تقريبا كل مداخل العاصمة وطرقاتها الرئيسية بما شيد من محولات وجسور وطرقات جديدة. إن ضغط حركة المرور في ساعات الصباح يبقى دوما شديدا وفي ازدياد متواصل نتيجة تطور العوامل الاقتصادية والتجارية والادارية وزيادة عدد الموظفين، وايضا تواصل تواجد معظم الادارات الكبرى والمؤسسات العمومية والخاصة داخل تونس العاصمة. واعتبارا لتجمع معظم المؤسسات وأهمها داخل تونس العاصمة، فإن ضغط حركة المرور، وكثافتها خاصة في أوقات الذروة سيتواصل بنفس النسق، ونعتقد أنه لا حل لهذه الظاهرة إلا بتعديل في الأوقات الإدارية، وتطوير لمجالات النقل العمومي، وأيضا بالتفكير في الإسراع بنقل المؤسسات العمومية الكبرى ذات الكثافة في عدد الموظفين خارج العاصمة.