صحة التوانسة في خطر: حجز عُلب طماطم ''منفوخة''    سرقة مجوهرات من متحف اللوفر : أحدهما كان متجهاً إلى هذه الدولة العربية    برنامج "The Voice" يعود من جديد.. ومفاجأة في تشكيلة لجنة التحكيم    خبراء يحذرون: هذه الأطعمة يجب ألّا تُحفظ في باب الثلاجة    البطولة العربية للأندية النسائية لكرة اليد - اربعة اندية تونسية في الموعد من 1 الى 9 نوفمبر المقبل بالحمامات    تفكيك شبكة دولية تنشط في مجال ترويج المخدرات بين تونس وليبيا: التفاصيل    جندوبة: يوم جهوي تحسيسي للتوعية بمخاطر المخدرات بالوسط المدرسي    تحطم طائرتين تابعتين للبحرية الأمريكية وسقوطهما في بحر الصين    ماليزيا تعلن استعدادها لإرسال قوات لحفظ السلام إلى غزة    مفاعل نووي في السماء.. روسيا تطلق صاروخا لا يُقهَر    خبير أمني: سرقة المتحف الباريسي تكشف هشاشة المنظومة الأمنية الفرنسية وتواطؤاً داخلياً محتملاً    رابطة أبطال إفريقيا: مولودية الجزائر تبلغ دور المجموعات بعد تعادل صعب أمام كولومب الكاميروني    اليوم: قضيّة التآمر 1 أمام الاستئناف    كيف سيكون طقس الاثنين 27 أكتوبر؟    هيئة أسطول الصمود تكشف عن مصير تبرّعات التونسيين.. #خبر_عاجل    عاجل: بطولة العالم للتايكوندو بالصين: البطل فراس القطوسي يترشح إلى الدور الثمن النهائي    ابتداء من اليوم: الصيدليات الخاصة توقف العمل بصيغة "الطرف الدافع" للأمراض العادية    هجمات بمسيّرات تستهدف العاصمة الروسية.. وإغلاق مطارين    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الدفعتين الأخيرتين للجولة الحادية عشرة    وصول سفينة حربية أمريكية إلى ترينيداد وتوباغو على بعد كيلومترات من فنزويلا    جمعية القضاة تدعو السلطات التونسية إلى إيقاف إجراءات تعليق نشاط جمعية النساء الديمقراطيات    من ضِمنها أزمة الملعب وصفقة الوحيشي ..هذه أسباب اخفاق المنستيري في رابطة الأبطال    الباحثة والناقدة المسرحية فائزة مسعودي: المسرح التونسي يطرح أسئلته الكونية من رحم محلي    دعوة لتوجيه الدعم الى زيت الزيتون    تضم 8 مكاتب تنشط داخل مطار تونس قرطاج .. القصة الكاملة للتجاوزات في كراء السيارات    عاجل/ عباس يصدر إعلانا دستوريا حول رئاسة السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب..    حجز أكثر من 7.6 طن من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للإستهلاك..    عائلته أكدت تقديم دواء خاطئ له.. وفاة الطفل زيد العياري    عاجل: اتحاد الناشرين يعلق مشاركتو في المعرض الوطني للكتاب    يوم 1 ديسمبر آخر أجل للترشح لجائزة نجيب محفوظ للرواية 2026    تحذير: اكتشاف مادة خطيرة في مكونات Bubble Tea    الحوادث قلّت... أما عدد الموتى زاد! شنوّة صاير في طرقات تونس؟    صمت أكثر من 36 ساعة؟ شوف شنيا يصير لبدنك    لأوّل مرة: نادين نجيم وظافر العابدين في تعاون درامي رمضاني!    توزر: تأسيس نادي محاورات لتقديم تجارب إبداعية وحياتية    دعم صغار الفلاحين وتعزيز صادرات الزيت المعلب: الحكومة تتحرك    تحب تحمي قلبك؟ تجنّب الأطعمة هذه قبل الصباح    الإنجاب بعد 35 سنة: شنو لازم تعمل باش تحمي صحتك وصحة الجنين    نهار الأحد: سخانة خفيفة والنهار يتقلّب آخر العشية    وزير الشؤون الدّينية يشارك في الملتقى الدولي للمذهب المالكي بالجزائر    محمد رمضان يكشف عن تعاون فني غير مسبوق مع لارا ترامب ويعلن مشاركة حفيدة الرئيس الأمريكي في الكليب الجديد    بطولة فرنسا: ثنائية لحكيمي تعيد باريس سان جيرمان إلى الصدارة    البطولة الالمانية: بايرن ميونيخ يعزز صدارته بفوزه على بوروسيا مونشنغلادباخ    اليوم الأحد على 16:15... الريال والبرسا في كلاسيكو ناري    رئيس الدولة يستقبل التوأم الفائزتين في تحدي القراءة العربي بيسان وبيلسان..    مجلس وزاري مضيّق لمتابعة خطة إنجاح موسم زيت الزيتون 2025-2026    طقس الليلة    طلب فاق المعدلات العادية على أدوية الغدة الدرقية    الاقتصاد التونسي أظهر مرونة امام الصعوبات وحقق عدة مؤشرات ايجابية    مدنين: افتتاح فعاليات ملتقى المناطيد والطائرات الشراعية بجزيرة جربة بلوحة استعراضية زينت سماء الجزيرة    وزارة النقل تفتح مناظرة خارجية في 17 خطة معروضة بداية من 26ماي 2026    تفاصيل تقشعر لها الأبدان عن جزائرية ارتكبت واحدة من أبشع جرائم فرنسا    وزارة الصحة: تقنية جديدة لتسريع تشخيص الأمراض الجرثوميّة    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة ..حذار من موت الفَجأة    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    ما معنى بيت جرير الذي استعمله قيس سعيّد؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الواقع بلا قفّازات
الدراما التونسية الرمضانية:
نشر في الصباح يوم 05 - 10 - 2008

نقلة نوعية شهدتها الأعمال الدرامية التونسية لموسم رمضان 2008.. هذه النقلة هي أشبه بالانتفاضة على السائد والتحوّل الدراماتيكي من مواضيع تدخل في خانة طاحونة الشيء المعتاد كمشاكل الأرض والإرث وثنائية الريف والمدينة والمشاكل الأسرية العادية والمألوفة
إلى قضايا حساسة لم يسبق التطرّق إليها على غرار التحرش بالمرأة العاملة والحمل خارج رباط الزواج ومعاناة الطبقة الكادحة في سبيل توفير لقمة العيش والمتاجرة بالمخدرات وما لف لفه من القضايا التي تطرقت إليها مسلسلات هذا العام وجرّدتها من لحاف التستّر... هذه القفزة النوعية التي اصطبغت بلون الجرأة والخطاب المباشر جعلت الآراء تنقسم بين "أنا مع" و"أنا ضد" تعرية الحقائق وتقديم الواقع دون "روتوش" وبلا قفازات.
واقع موجود... إذن دعونا نعرّيه
المعروف أن كل عمل جريء يغوص في هموم المجتمع وقضاياه خاصة المسكوت عنها غالبا ما يثير جدلا واسعا ويؤثث لانقسامات بين قابل ورافض للمسألة... شق يقبل بالأمر لإيمانه بأنه واقع موجود قد نعيشه أو نلحظه أو نسمع عنه... واقع مقرف يحيلنا إلى التخوّف مما يمكن أن يعقبه من انعكاسات سلبية على المجتمع الذي نعيش فيه ولا يمكننا الانفصال عنه فهو يحاصرنا في البيت والشارع والمدرسة ومقرات العمل لذا لا بد من أن يصل صداه إلى كل بيت.. وحتى يدخل كل منزل فلا سبيل إلى ذلك سوى التلفزيون وتحديدا المسلسلات التي تشد إليها المتفرّج ذلك أن الملفات الطارحة لمثل هذه القضايا قل أن يجتمع حولها الكبير والصغير لذلك فهي قد تفقد دورها في تقويم سلوك المجتمع بعكس الأعمال الدرامية الرمضانية التي يكاد لا يفلت من قبضتها أحد.. وفي المقابل يقف فريق آخر يرفع شعار لا للجرأة ولا للمساس بالقيم النبيلة على خلفية أن مثل هذه الأعمال - من منظوره الخاص- يمكن أن تمس من سمعة المجتمع وتسيء لصورته لذا يفترض عدم الاقتراب منها.. وقد فات هؤلاء الذين يخجلون من رؤية وجه المجتمع من خلال المرآة التي هي التلفزيون أنه آن الأوان لنؤثث لدراما تتعمّد تعرية حقيقتنا وحتى وإن كانت مرّة وتنفض الغبار عن المشاكل الاجتماعية الواقعية التي ظلت لسنوات طويلة مغمورة تحت غطاء "الحشمة" و"العيب".
اليوم لم يعد هناك مجال للسكوت عن حقائق متغلغلة في مجتمعنا وآخذة في الاستفحال لذا فلا بد من كشف المستور ولا بد من الاعتراف بأن التحرش الجنسي ولا سيما بالمرأة العاملة موجود فلماذا نغيّبه.. وبأن الحمل خارج إطار الزواج موجود فلماذا ننفيه... وبأن التكالب على المادة وإفساد الشباب بسموم المخدرات والخيانة الزوجية وخيانة المؤتمن و"التفييس" ورفض الاختلاط على خلفية الطبقة الاجتماعية أو اللون والقتل والانتحار وتخفي النساء على اختلاف مستوياتهن الاجتماعية والفكرية وراء المبررات المتعدّدة لدرء فضيحة التحرش الجنسي وأشياء أخرى نعيش على وقعها كل يوم نراها ونسمعها وأحيانا تدخل بيوتنا عنوة ..موجودة فلماذا ننكرها أو نكتمها؟ إذن لماذا نرفض الخوض في ما أسميناه "تابوهات" ونرفض أن تقوم الدراما - على الرغم من كونه دورها- في إزاحة الستائر عن عيوب المجتمع... إلى متى نتعامل مع واقعنا ب"القواندوات" ؟ أي إصلاحات نرقبها وأي تقويم للسلوك المعوج نرجوه من الدوران في فلك "المشيكلات" الأسرية التي لا تخرج عن نطاق هموم الزواج والطلاق والسعي لاسترداد الإرث المسلوب أو استرجاع الحبيب المفقود... إن العمل الذي يمر مرور الكرام ولا يخلد منه سوى جمال هذه الفنانة و"فصالة" فستان تلك و"ذخامة" هذا البيت وديكور الآخر ويرحل دون ضجة أو جدل هو عمل فاشل... كثيرة هي الأعمال التي عرضت علينا في السابق ولم تترك في نفوسنا أي أثر اللهم إلا القليل منها الذي يعد على الأصابع والذي تطرق إلى بعض القضايا الاجتماعية الساخنة ولكن دون تعمّق أو توغّل
افضحني... وأصلحني
الجميل في دراما هذا المرسم أن فيها رسالة مباشرة وعميقة وفيها صراحة وشفافية بما يفتح آفاقا أرحب في طريقة تناولنا مستقبلا لهمومنا ومشاكلنا بواقعية ودون التفكير في فرض خطوط حمراء على هذا الموضوع أو ذاك لأن مجتمعنا لا يخلو من العلل ونحن لا نعيش في المدينة الفاضلة الخالية من الشوائب فالمشاكل الحساسة تحاصرنا من الميمنة والميسرة وثمة ما شاء الله من المواضيع الهامة التي من الواجب التطرق إليها وتناولها وبعمق عبر سيناريوهات تحمل خطابا قويا وصادما للمجتمع ليحاسب نفسه ويتّعظ ويقرأ العواقب قبل أن ينغمس في هذا التيار أو ذاك فالدراما التي لا تفضح العيوب ولا تعرّي العلاّت لا يمكنها أن تقوّم المجتمعات وعليه فلا بد أن نشجع ونؤيّد هذا الانفتاح الدرامي على القضايا الساخنة وصنّاع الدراما الحقيقيون هم الذين يبرزون بحق سلبيات محيطهم ولا يركزون فقط على إيجابياته لأنها واضحة للعيان وليست في حاجة لمن يضعها في الصورة.. ما هو في حاجة إلى الطرح هو تلك المشاكل وأحيانا "المصايب" التي لا يكاد يخلو منها بيت ? وبدرجات متفاوتة- والتي كثيرا ما تخضع لفلسفة ركيكة تعتمد على مبدأ "أس... يزي بلا فضايح" فلسفة مبنية على الزيف و"الماسك" وهما ظاهرتان لا تخدمان مطلقا مصلحة المجتمعات لذا فلنسقط الأقنعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.