كان لا بد اذا من دخول السباك الامريكي جو joe the plumber على خط السباق الانتخابي الرئاسي الامريكي لدفع السباق الى خارج الاطارالروتيني لخطاب كل من المرشح الجمهوري ماك كين والمرشح الديموقراطي اوباما بعد ان تحولت اخبار السباق الى مواجهة اعلامية يومية رتيبة بين المتنافسين حول سلسلة من القضايا المالوفة التي باتت مصدرا للازعاج بالنسبة للراي العام الامريكي الذي لم يلمس في أي مرحلة من مراحل السباق لدى أي من المترشحين حلولا واقعية موضوعية معقولة تتجاوز حدود المتداول في كل ما يتعلق بالقضايا الدولية العالقة من الحرب المستمرة على الارهاب في افغانستان الى الاستراتيجيات الفاشلة في العراق والتعقيدات الحاصلة في الملف النووي الايراني والعلاقات الروسية الامريكية والازمة في جورجيا الى الازمة المالية الراهنة والركود الاقتصادي وغيرذلك من قائمة القضايا الطويلة التي ستسبق الفائز في الانتخابات الى المكتب البيضاوي في انتخابات نوفمبر القادم بعد تراجع اصداء خطاب التغييرالذي كان اوباما وماك كين راهنا عليه في بداية الحملة الانتخابية قبل ان يضيع كل منهما في متاهات البحث عن اسباب التغيير المطلوب الذي من شانه انعاش الحلم الامريكي الذي طالما كان وقود السياسيين في ادارة ودفع حملاتهم الانتخابية .وقد جاء ظهور جو السباك الذي يحلم باقتناء المؤسسة التي يعمل بها منذ ستة عشرعاما ليجسد جانبا من ذلك الحلم الذي بدا يتلاشى في انظارالكثيرين مع تفاقم اخطاء ادراة الرئيس بوش وانعكاساتها الآنية والمستقبلية على المواطن الامريكي على مدى ثمان سنوات... والحقيقة ان الظهورالمفاجئ للسباك الامريكي جوعلى حلبة المعركة الانتخابية قد منح الانتخابات توجها جديدا في خضم الازمة المالية العاصفة التي اهتزت لها الاسواق المالية والمصارف الامريكية والعالمية واعادت بالتالي المترشحين الى ارض الواقع والى التحولات الاقتصادية الامريكية ودورها في تحديد خيار الناخب الامريكي بعد اقل من اسبوعين من الان لاختيارالرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة الذي يتطلع العالم باسره لاستكشافه واستطلاع ارائه وتوجهاته حتى انه لو كان بامكان الناخبين في أي جزء من العالم ان يشاركوا في هذا السباق لربما فاقت نسبة مشاركتهم في الانتخابات التي تنتظم في بلدانهم الاصلية... وقد لا يكون من المبالغة في شيئ الاقرار بان ظهور جو السباك على مسرح الاحداث الهم المرشح الديموقراطي الاسمر باراك اوباما فكرته غير المسبوقة بتجميد حملته الانتخابية من اجل زيارة جدته للام في هاواي بسبب المرض وهي بالتاكيد خطوة ذكية ومدروسة اختار معها المرشح الديموقراطي الرد على طريقته على تساؤلات الناخبين بشان جذوره العائلية والافريقية والاسلامية التي كانت اثارت جدلا عريضا في بداية الحملة الانتخابية ما جعله عرضة للاتهامات بتاييده تنظيمات متطرفة .و اصرار اوباما على الظهور الى جانب جدته دمع بين بعدين اساسيين في كل سباق انتخابي وهما البعد الاجتماعي والاخلاقي الذي يحرص كل مترشح على اظهاره لاستمالة اصوات الناخبين المترددين الذي قد لا يجدون في خطابات المترشحين ما يمكن ان يحسم خياراتهم. وعلى عكس جو السباك فقد كانت جدة اوباما حاضرة في حملته الانتخابية في خطابه عن العرق في امريكا وتاكيده على ان جدته وهي امراة بيضاء كان لها الدور الاول والاخير في تربيته منذ طفولته المبكرة بعد انفصال والديه... الطريف ان جو السباك او الحاضر الغائب في ثالث واخر مواجهة بين المرشحين في الانتخابات الامريكية تردد اسمه اكثر من ثلاثة عشرة مرة خلال الدقائق العشر الاولى من تلك المناظرة واعاد ماكين ذكره نحو عشرين مرة فيما تكررت كلمة الاقتصاد ستة عشر مرة مقابل مرة واحدة ذكر فيها العراق فيما غاب افغانستان نهائيا عن المناظرة ليتحول بذلك السباك المغمور الى نجم في سباق الانتخابات تجاوز حدود امريكا الى بقية صحف العالم التي توقفت طويلا عند هذا الرجل الذي اعاد الى السباق ما كان افتقده من حيوية ويتحول الى ظاهرة اعلامية حتى ان الكثيرين لم يترددوا في احداث مواقع الكترونية تدعو لانتخابه على راس البيت الابيض بعد ان نجح جو السباك وقبل اقل من اسبوعين على الموعد الانتخابي في اختراق خطوط الحملة الانتخابية الرئاسية واعادة الاهتمام الى مشاغل الامريكي العادي وهمومه الحياتية مع الضرائب التي تساهم بشكل مباشر او غير مباشر في تمويل حملتي المترشحين . وفي انتظار ما يمكن ان تكشفه نتائج الانتخابات الاكثر اثارة في العالم فان الارجح ان ما تتسابق في نشره مختلف الاوساط الاعلامية حول استطلاعات الراي وتفوق اوباما على منافسه الجمهوري قد لا يعني القليل او الكثير في تحديد خيار الناخب الامريكي الذي قد يستفيق في الرابع من نوفمبرعلى ما يمكن ان يحسم خياره بشكل لا مجال معه للتردد وتحقيق الحلم الامريكي يبقى قائما بين الامريكيين والوصول اليه يعتمد بالتاكيد لا يخرج عن اطار تفكير جو السباك في التحول من مجرد سباك الى صاحب مصنع للسباكة...