تونس الصباح: لم يمثل الاعلان عن فوز شريط «خامسة» للمخرج الفرنسي كريم الدريدي (التونسي المولد من أم فرنسية وأب تونسي) بجائزة التانيت البرنزي في مسابقة الافلام الطويلة في الدورة 22 المنقضية لايام قرطاج السينمائية «حدثا» سعيدا بالنسبة للجمهور التونسي العريض الذي واكب عروض وفعاليات الدورة وذلك على الرغم من ان الشريط قد مثل تونس في هذه المسابقة.. وعندما نقول ان فوز هذا الشريط لم يمثل «حدثا» سعيدا بالنسبة للجمهور التونسي فاننا لا نعبر عن مجرد استنتاج مبني على حالة البرود التي تقبّل بها جمهور سهرة الاختتام الاعلان عن هذا الفوز وانما على تعليقات وآراء لاحقة لمثقفين ونقاد تونسيين ذهب بعضهم الى حد القول بان هذا الشريط المتوّج (بفتح الواو) لا يمكن ان «ينسب» للسينما التونسية وذلك لاعتبارات مختلفة اولها واهمها انه شريط ناطق كليا باللغة الفرنسية وذلك اعتبارا لاهمية الدلالة الرمزية والثقافية لعنصر اللغة المنطوقة في العمل السينمائي في المطلق . ولأننا لا نريد ان نخصص هذه الورقة لشريط «خامسة» الفائز بالتانيت البرنزي وانما لطبيعة المشاركة التونسية الدورة المنقضية (22) لايام قرطاج السينمائية وخاصة في جانب مسابقة الافلام الطويلة فاننا سنمر مباشرة الى طرح سؤال نراه جوهريا وله مبرراته ولكنه ظل مغيبا ولم يطرح. السؤال مفاده: هل وقعت التغطية على فشل المشاركة التونسية في الدورة المنقضية لايام قرطاج السينمائية بالمبالغة في الحديث اعلاميا عن «النجاح التنظيمي» للدورة؟! قبل محاولة الاجابة عن هذا السؤال لا بد من توضيح المقصود بعبارة «فشل المشاركة التونسية».. المقصود بها تحديدا ليس الاخفاق قي الظفر بالتانيت الذهبي او الفضي في مسابقة الافلام الطويلة وانما المقصود خاصة «أمر» آخر اهم من ذلك ونعني به ذلك الحضور البارز والمعتاد بافلام تونسية لها خصوصية وجرأة خطابها فنيا وثقافيا .. افلام «استقرارية» تصنع غالبا «الحدث» في اوساط الجمهور والنقاد افلام من طينة شريط «عزيزة» لعبد اللطيف بن عمار و«صفائح ذهب» لنوري بوزيد و«حلفاوين» لفريد بوغدير.. حضور.. بارد! بخلاف كل الدورات السابقة تقريبا بدا حضور السينما التونسية في الدورة (22) المنقضية لايام قرطاج السينمائية حضورا باردا.. فالاشرطة الثلاثة التي مثلت تونس في مسابقة الافلام الطويلة وهي على التوالي: * «سفرة يامحلاها» لخالد غربال * «خامسة» لكريم الدريدي * «شطر محبة» لكلثوم برناز بدت جميعها بشهادة النقاد غريبة في طرحها الثقافي وخطابها الفني عن «روح» و«مهجة» و«مخيال» وواقع المجتمع التونسي والجمهور التونسي.. اشرطة قادمة في اغلبها من بلاد الغربة.. «تحكي» وياللمصادفة جانبا من ازمة السينما التونسية راهنا والمتمثل في غربتها واستقالتها و«هروبها» عن الخوض بشجاعة وفنية في كل ما يخص «الشأن العام» للانسان التونسي الآن وهنا والتركيز بالمقابل على مسائل فردية بعضها موغل في «الذاتية» وبعضها الآخر قُدّ (برفع القاف وتشديد الدلّ) على مقاس الاهواء والأماني الايديولوجية لاصحابه!!! ان المشاركة التونسية في مسابقة الافلام الطويلة في الدورة المنقضية لايام قرطاج السينمائية عكست لا فقط ضعف المستوى الفني والجبن الثقافي للافلام التي مثلت تونس في هذه الدورة وخاصة في اطار مسابقة الافلام الطويلة وانما ايضا حالة الجزر التي تعيشها السينما التونسية فنيا وابداعيا قياسا بحالة المد التي كانت عليها في السنوات الماضية والتي تعكسها طبيعة ومستوى المشاركة التونسية في مختلف الدورات السابقة لايام قرطاج السينمائية. نجاح تنظيمي.. وبعد؟! اما عن أولئك الذين اطنبوا في الحديث اعلاميا عن النجاح التنظيمي الذي طبع الدورة (22) المنقضية لايام قرطاج السينمائية فاننا بقدرما نثمّن بالفعل ما طبع الجانب التنظيمي لهذه الدورة من دقة ومن لمسات جمالية مبتكرة او مستنسخة عن مهرجانات سينمائية اخرى.. فاننا نقول ان الاهم يبقي في رأينا الانتباه الى طبيعة مسار الحركة السينمائية في تونس وتحديدا مؤشرات «صعودها» و«هبوطها» فنيا وابداعيا من خلال المستوى الفني للمشاركة التونسية كما تعكسه الافلام التي تمثل تونس والسينما التونسية في كل دورة من دورات ايام قرطاج السينمائية.