رغم أن العقل لا يستسيغها والمنطق لا يقبل بها صدّق العديد من التونسيين اشاعة مجانية استخلاص فاتورة الكهرباء لمن يتقدّم بها الى مكاتب البريد والستاغ عشية الاربعاء المنقضي وتهافتوا على الشبابيك يدفعهم الطمع والأمل. وقد كان من الصعب أن تسري الإشاعة سريان النار في الهشيم وتنطلي على العديد لو تعلّق الأمر بشيء آخر غير فاتورة الكهرباء.. لسبب بسيط وهو أن هذه الفاتورة باتت مشطة لحد لا يطاق بعد أن شهدت أكثر من زيادة منذ السنة المنقضية إضافة لتحسن مستوى عيش التونسي الذي زاد طين استهلاكه بلة الى درجة أن معدل استهلاك العائلة الواحدة من الكهرباء والغاز تضاعف أكثر من مرّة خلال السنوات الأخيرة.. وكما يقال «شيء من الحنة وشيء من رطابة اليدين». غير أن ارتفاع الاستهلاك لا يمكن بحال أن يغطي إرتفاع سعر الكيلواط وتألم كل طبقات المجتمع بلا استثناء من كلفة الكهرباء.. وهو ما يدعو إلى التفكير في صيغ جديدة للخلاص تخفف العبء وكذلك صيغ جديدة للتخفيض من حجم الاستهلاك ولتحديد التعريفة وخصوصا الاعلام عن الترفيع فيها تجنّبا لكل المفاجآت والاحتجاجات. والحديث عن فاتورة الكهرباء يجرّنا للحديث عن كلفة المحروقات ونوعيتها.. فالتونسي ورغم توضيح بعض الجهات ظل إلى يومنا هذا يطالب بحقه في الانتفاع بالتخفيض الذي شهدته أسعار النفط عالميا.. ورغم أن هذا «الحق» يظلّ محلّ جدل على خلفية أن السوق الوطنية لم تتبع سياسة تسعير مماثلة لما تنتهجه الدول الأوروبية فإنه يجرّنا للحديث عن مسألتين هامتين: أولاهما نصيب التونسي من الانتاج الوطني والذي وإن لا يغطي حاجيات الاستهلاك فإنه يغطي حتما جانبا ممّا نورده.. وثانيتهما جودة المحروقات المورّدة او المكررة محليا فاستهلاك العربات من هذه المحروقات يختلف عن استهلاكها من المحروقات التي يتزوّد بها التونسي عندما يتحوّل الى ليبيا مثلا.. التجربة أكدّها الآلاف وهو ان الخزّان المملوء محروقات في ليبيا يستهلك في مسافة أكثر من ذلك المملوء في تونس رغم ان الكميّة واحدة وطبيعة المسافة المقطوعة واحدة. لذلك على سلطة الإشراف ان توضح لعموم الناس وبأكبر قدر من التبسيط ما يغطيه الاستهلاك الوطني وما تتحمّله الدولة عند التوريد.. كما عليها أن تحكم مراقبة جودة المحروقات بما يضمن للتونسي استهلاكا أفضل بنفس الكمية.. علما وأن هذا السؤال قد سبق أن طرحناه على أكثر من جهة ولم نحظ بالجواب.. فهل في الأمر سرّ يا ترى؟ حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: