كثيرة هي العقبات والصّعوبات السياسية المطروحة أمام الإسرائيليين والفلسطينيين في عملية السّلام التي تجدّد الإهتمام بها خلال اجتماع اللجنة الرباعية الدّولية منذ يومين في شرم الشّيخ. فبعد سنة من إطلاق مفاوضات السّلام في إطار مؤتمر أنابوليس وما تبعه من اجتماعات دولية ولقاءات ثنائية لحصر الخلافات والتقدّم في العملية السّلمية... ورغم تعهد الإدارة الأمريكية بالتّوصّل إلى تحقيق اتفاق سلام قبل نهاية هذه السنة اتضح أنّ العراقيل عديدة ومتشعّبة ممّا دفع بإدارة الرئيس بوش المنتهية ولايته إلى الإقرار باستحالة إبرام اتفاق في 2008. لقد تعدّدت العقبات والصّعوبات على مدار هذه السّنة ومن أبرزها تكثيف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلّة رغم ما دعا إليه مؤتمر أنابوليس من تجميد كلّي للإستيطان إضافة إلى العوائق الكبيرة نتيجة الصّراع على السّلطة بين حركتي «فتح» و«حماس» الذي جر إلى نزاعات سياسية وانهيار أمني خطير في الضفّة والقطاع. ومن العوامل الخارجية التي ساهمت في تأجيل هذه المفاوضات ما هو مرتبط بتغيير الإدارة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية... وقرار إجراء انتخابات تشريعية مبكّرة في إسرائيل في فيفري القادم إثر استقالة رئيس الوزراء إيهود أولمرت بسبب قضايا فساد. لقد اتفق كلّ من الرئيس الفلسطيني ووزيرة الخارجية الإسرائيلية في اجتماع شرم الشّيخ على «مواصلة المفاوضات للتوصّل إلى اتفاق على الوضع النهائي» ويبدو أنّ فكرة التفاوض هي التوصل إلى تفاهم على جميع المسائل المطروحة والعالقة بدون استثناء. ورغم التّفاؤل الذي ساد الاجتماع فإنّ الأمين العام للأمم المتحدة الذي واكب أشغاله لم يقلّل من الهوّة والعقبات المطروحة أمام طرفي التفاوض فيما دعا ممثّل الرباعية توني بلير من جهته الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما إلى وضع عملية السّلام ضمن أولوياته قائلا «الأهم أن تتصدّى الإدارة الجديدة في الولاياتالمتحدة لهذه المسألة منذ اليوم الأوّل وتستطيع ذلك علما بأنّ هناك أسسا يمكن البناء عليها». لقد اقترحت الرباعية موعدا جديدا للقاء دولي آخر في العاصمة الروسية في ربيع 2009 أملا في التّوصّل إلى حلّ قائم على دولتين بناء على اتفاقيات المؤتمرات الدّولية السابقة... ولكن هل يأتي مؤتمر موسكو بالجديد أم سينضاف إلى سلسلة اللقاءات الدولية العديدة... والمتوالية والتي حرصت إسرائيل على إفراغها من مضامينها تباعا؟. وفي انتظار حلول الربيع القادم يبدو أنّ الحوار الفلسطيني - الفلسطيني الذي ترعاه العاصمة المصرية قد خيّب آمال الفلسطينيين من جديد بعد أن قرّرت «حماس» مقاطعة الاجتماع الذي كان يفترض عقده بداية من أمس وعلى امتداد يومين في القاهرة... وهذا ما يستدعي جهود مضنية أخرى لردم الهوّة بين الأشقاء الفلسطينيين ووضع حدّ للإنقسام الداخلي مراعاة لمصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.