لم أستغرب شخصيا تعليقات الاعلامي والسياسي المصري الكبير محمد حسنين هيكل على نتائج الانتخابات الامريكية.. التي فاز فيها لاول مرة شاب من اصول افريقية.. كل تجربته في الحكم عامان في الكنغرس. لم أستغربها.. لأن الاستاذ هيكل لا يزال وفيا لمنهج التفكير والتحليل الذي تبناه قبل عشرات السنين.. من خلال تجربته المهمة في مؤسسات الدولة المصرية في عهد الزعيم الوطني والقومي الراحل جمال عبد الناصر.. الاستاذ هيكل صاحب الكتب والمقالات المميزة الكثيرة عن التطوارات السياسية العربية والدولية معروف بادمانه على القراءة.. وبسعة اطلاعه.. وبعمق المعلومات التي يقرأنه حصل على بعضها خلال لقاءات خاصة جمعته بعدد من كبار ساسة مصر والعالم.. مثل الراحلين الملك حسين والملك حسن الثاني.. فضلا عن نخبة من " صناع القرار " الخلفيين في عدة عواصم غربية.. لكن تعليقات الاستاذ هيكل في قناة الجزيرة القطرية بعد انتخاب باراك أوباما وأغلبية من الديمقراطيين في الكنغرس بدت لي مستعجلة.. وغير مركزة.. ولم تاخذ بعين الاعتبار أن الولاياتالمتحدةالامريكية التي يتحدث عنها هيكل في موفى 2008 ليست أمريكا التي عرفها لما كان من مستشاري الرئيس عبد الناصر.. أو في مرحلة الحرب الباردة.. ولا امريكا كلينتون وبوش الابن في دورته الاولى لما كان المحافظون الجدد يهيمنون على عدد من أهم مؤسسات القرار.. من حق الاستاذ هيكل أن يهتم بالحياة الشخصية والماضي السياسي لبعض المقربين من الرئيس أوباما.. وبينهم من يحمل الجنسية الاسرائيلية باعتباره يهوديا.. وباعتبار اسرائيل نظاما عنصريا يمنح بصفة الية الجنسية لكل يهود العالم.. وان لم يطلبوها.. ومن حقه أن يتخوف من المستقبل.. وأن يتشاءم.. لان ميزان القوى الاقتصادي والعسكري والسياسي في الولاياتالمتحدة ليس في صالح الدول العربية وقضية فلسطين.. حاليا.. (لكني ممن يؤمنون بامكانية تغييره).. ++ لكم تمنيت من الاستاذ هيكل لو يكتف بالحديث عن "نصف الكاس الفارغ".. وتجاهل نصف "الكاس المملوءج".. لأن انتخاب أوباما وسقوط ماكاين (ومن قبله سقوط عشرات من الصقور في الحزبين الديمقراطي والجمهوري) يعني انتصار ارادة غالبية الشباب والشعب الامريكيين.. وهي اغلبية معارضة للحروب ولعقلية " الكاوبويز" التي كان بوش الابن (وماكين) من رموزها.. انتصار أوباما وجه الاف الرسائل الثقافية والحضارية والسياسية الى العالم اجمع من قبل الشباب والناخبين الامريكيين.. المعارضين لكل أشكال العنصرية والتطرف.. ولخيار المحافظة السياسية على النظام الامريكي والدولي الحاليين.. فوز أوباما انتصار لدعاة السلم والخيارالسياسي في العالم.. لأن أوباما عارض قبل دخول الكنغرس وبعد وصوله اليه حروب بوش الابن في العراق.. والتزم برنامجه الانتخابي بالحوار المباشر مع ايران وسوريا وتفعيل المفاوضات الفلسطينية الاسرئيلية.. والمطلوب من الساسة العرب وقادة العالم مساعدته على المضي في هذاالمسار والايفاء بتعهداته.. عوض رفع يافطة حمراء في وجهه.. مثلما فعلت بعض الاقلام والشخصيات العربية وبينها للاسف الاستاذ هيكل.. انتصار أوباما وفريقه في الكنغرس فتح أبوابا عريضة لتحقيق مصالحة الرسميين الامريكيين مع قيم المجتمع الامريكي المبنية على التفتح والتسامح والتعاون مع الاخر..بعد أن قام فريق بوش الابن بعسكرة السياسة الخارجية والداخلية الامريكية والدولية.. وورط بلاده وشعبه والعالم أجمع في حروب مجنونة ضاعفت مخاطر الارهاب والتطرف.. عوض ان تحد منهما.. انتصار أوباما مؤشر بدء عهد جديد في السياسة الامريكية والدولية.. وقد مهد غالبية ساسة اوروبا وروسيا واسيا وامريكا للتفاعل معه عبر اتصالات بأوباما وفريقه انطلقت منذ عامين.. وعلى الدول العربية ال22 والاسلامية ال57 ودول عدم الانحياز والدول النامية.. استغلال اوراق ضغطها الاقتصادية والسياسية العديدة للحوار مع اوباما وفريقه ومستشاريه ومساعديه (ال3 الاف) ومع طاقم اعضاء الكنغرس الجديد (والاف من مساعديهم Staffers ) عوض التباكي في بعض الفضائيات والصحف.. وتفسير السلبية والتقصير ب"قوة اللوبي الصهيوني" و"الانجيليين الجدد" المتطرفين المتحالفين مع اسرائيل.. فاعطوا اوباما وفريقه فرصة ياعرب.. Give Obama chance Donnez lui une chance وقوموا بواجبكم في فتح قنوات حوار معه.