بأغلبية مريحة صوّت مجلس النواب العراقي على الاتفاقية الأمنية التي وقعتها حكومة نوري المالكي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتحل هذه الاتفاقية الثنائية محل التفويض الأممي الذي يسمح بوجود قوات عسكرية أجنبية في العراق والى غاية موفى السنة الجارية لتمتد فترة بقاء هذه القوات بدل ذلك الموعد 3 سنوات أخرى على أن تنسحب وفقها بشكل تدريجي سنة2011. وكانت عديد الكتل النيابية قد أبدت تحفظات على مضمون هذه الاتفاقية لانها في نظرها تمديد للاحتلال الأمريكي في العراق.. الى حد ان رئيس الوزراء العراقي قد لوّح عشية عملية التصويت بأنه سيطلب انسحابا فوريا للقوات الامريكية في حال عدم المصادقة على هذه الاتفاقية مع واشنطن. وقد مهّدت ادارة بوش لهذا الحدث السياسي البارز بممارسة ضغوطات كبيرة على مختلف الكتل السياسية المتحفظة على بنود الاتفاقية والتجأت على امتداد سنة من المفاوضات الى كل أشكال الترهيب والترغيب الامر الذي «أقنع» من كان يعارضها ليصبح من ابرز المدافعين عن جدواها واهميتها في استقرار البلاد وبناء قواعد الدولة الحديثة وتطوير المجتمع وتوزيع الثروة النفطية بشكل عادل على كل الفئات. وامتدادا لسياسة المساومة والابتزاز اعلن مجلس الأمن القومي الامريكي قبيل عملية التصويت ان البيت الابيض قرّر حجب نشر الترجمة الانقليزية للاتفاقية الى حين انتهاء البرلمان العراقي من عملية المصادقة تجنبا لاثارة خلاف مع العراقيين اعتبارا الى أن هناك «عديد النقاط تمت الصياغة اللغوية بشأنها ولكن لدى كل من واشنطن وبغداد فهم مختلف حول معنى الكلمات»! وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في هذا السياق انه بعد اقرار الاتفاقية سيكون بامكان الولاياتالمتحدة الالتفاف بسهولة على اجزاء منها. وهكذا بدت عملية غزو العراق بذرائع ومبررات تجلّت حقيقتها واصبحت أكذوبة بعد استحالة وجود أسلحة للدمار الشامل في هذا البلد.. في الأثناء انهار نظام سياسي وتشرّد الآلاف ونهبت الثروة النفطية وتمت مصادرة الشواهد الحضارية واغتيال العلماء والمبدعين.. وبعد فضائح السجون السرية والعلنية واشكال التعذيب المروّعة والقتل على الهوية طوال ثماني سنوات.. مازالت الولاياتالمتحدةالامريكية في حاجة الى ثلاث سنوات اضافية لتكمل مهمتها في اعادة العراق وشعبه الى العصور الحجرية مثلما أكد ذلك جيمس بيكر عندما كان وزيرا لخارجية بوش الأب مطلع التسعينات.