تونس - الصباح: على غير العادة لم يهتف لي صباح أمس الأول ليعلمني بقدومه ومعه مقاله الأسبوعي «من مذكراتي»... كان عليّ الانتظار الذي طال على غير العادة هذه المرّة.. سعيت أكثر من مرة للاتصال به لكن هاتفه كان مغلقا.. يمكن أن يكون قد سافر فجأة.. او قد يكون وراء هذا الغياب طارئ عاجل... وجاء الخبر المؤلم صباح أمس.. خبر هزّ الساحة الثقافية.. وهز الأصدقاء والأحبة... الشاذلي زوكار في ذمة الله... هذا الرجل المحبّ للحياة والشاعر والديبلوماسي.. صديق الجميع دون استثناء.. رجل يحبّ الجميع ويقدّس العمل الابداعي الجاد اختار الرحيل عن هذه الدنيا مخلفا اللوعة والحسرة والدموع.. المذكرات التي لم ينشر في كل مرّة يجمعني اللقاء معه وما أكثر هذه اللقاءات... وما أجملها.. أطرح عليه سؤالي الذي لم أنقطع عن طرحه منذ عرفته أول مرة... أي منذ أكثر من عشرين سنة «أين أنت يا سي الشاذلي؟.. يبتسم ليقول إنه في الطريق.. وفيه مفاجآت ستعجبك..» وتتوالى الأيام والسنوات والراحل يجيبني بابتسامة عريضة كلما طرحت عليه سؤالي الأزلي.. حتّى كانت البداية بمقاله الأسبوعي «من مذكراتي» كل ثلاثاء بجريدة «الصباح» يومها قال لي: «..هذه بداية الجواب عن سؤالك» ** ما كنت أطالب به الراحل الشاذلي زوكار اصدار كتاب يؤرخ فيه مذكراته ورحلته مع الشعر والديبلوماسية عبر عديد الدول العربية. ** هذا الرجل الذي لم يتوقف ابداعه الشعري والأدبي.. حتى وهو في أقسى لحظات الألم.. رجل يرفض الاستكانة والخنوع والاستسلام.. من المواكبين لمختلف التظاهرات... مشجع للمبتدئين في الحقل الابداعي.. دقيق في مواعيده مواظب على زيارة الأصدقاء والحديث وتبادل النوادر معهم هذا هو الشاذلي زوكار الذي عرفته منذ أكثر من عشرين سنة.. رجل أحبّ الابداع فنذر حياته له.. أحبّ الورق والقلم فكان الإخلاص الأبدي للكلمة المفعمة بالأمل والتفاؤل والحياة.. هذا الرجل سيخلده حتما التاريخ الابداعي في تونس والوطن العربي.. وستبقى مذكراته شاهدة على محطات هامة من عصر مضى بكل ما فيه من آلام وأحلام وخيبات ونجاحات.