تنشر «الصباح» في ما يلي معطيات جديدة بشأن اعمال المناضل المرحوم محيي الدين القليبي المتعلقة بتاريخ الحركة الوطنية والتي صادف يوم الاثنين الماضي غرة ديسمبر ذكرى وفاته. في ما يلي بعض التفاصيل حول وثيقة مخطوطة للمرحوم عثر عليها من بين مخلفاته بقلم نجله عبد القادر القليبي. تحدثنا في كتابنا السابق: «محي الدين القليبي او جهاد ثلث قرن: «نشر «سيريس» عن مؤلفات المناضل المرحوم محيي الدين القليبي وذكرنا ما نشر منها وما لم ينشر، واشرنا الى هذا الصنف الاخير من الاعمال الى كتاب يعنى بتاريخ الحركة الوطنية وهو من التي رأيناها على طاولته في منزله بدمشق جاهزة للطبع الى جانب مصنف اخر يخص تاريخ الصحافة في شمال افريقيا، كان ذلك في صائفة 1954 عندما زرناه اثناء اقامته بسوريا وقبيل وفاته، وكلها ضاعت كما ذكرنا ولم نعثر لها على اثر عندما ذهبنا صحبة المرحوم الطيب سليم لجلب رفات والدنا. الا اننا وجدنا في مخلفاته وثيقة مخطوطة تقع في عشر صفحات استنتجنا من سياق ما جاء فيها انها جزء من العمل الذي تممه صاحبه في تونس ثم حمله معه الى المشرق قصد نشره او انه اخذه غير تام واكمل تحريره هناك. ومثل هذه الوثيقة، على كونها بتراء وغير متتابعة الصفحات، الا انها ثرية بالارشادات: فاول ما تجب الاشارة اليه وماهو متأكد هو ان الخط خط محيي الدين فنحن تعودنا عليه من خلال تصفحنا لمختلف الوثائق التي راجعناها لتأليف كتابنا: «محيي الدين القليبي او جهاد ثلث قرن»: نشر سيريس: «ويمكن ان نضيف الى ان هذا الخط تغير عن قصد حيث انه كان يستعمله في اتصالاته بزعماء شرقيين، او عن غير قصد وصار شرقيا عندما اقام والدنا بالقارة. ثم ان الاسلوب اسلوبه تمكنا منه اثناء قيامنا بنفس العمل. وقد لفتت انتباهنا جملة في المخطوطات تجعلنا نميل الى الجزم بانها جزء من العمل الذي اشرنا اليه والمتعلق بتاريخ الحركة الوطنية وهذه الجملة هي: «وحيث بلغنا في سير الحركة الوطنية الى هذه النقطة فيحسن بنا ان نلم بالنتائج العظيمة التي حصلت عليها الامة التونسية في هذا الدور». اضف الى ذلك ان محيي الدين القليبي لم يكن ضمن الوفد الاول الذي ذهب الى باريس سنة 1920 برئاسة مؤسس الحزب الحر الدستوري المناضل الكبير الشيخ عبد العزيز الثعالبي، للتعريف بالقضية التونسية واطلاع الرأي العام الفرنسي عليها، ورغم ذلك فاننا نجد في الوثيقة تفاصيل عن اعمال الوفد بباريس وملابساته وخاصة عن دور الثعالبي وسبب اعتقاله ما لا يمكن ان يلم به الا عضو من اعضاء الوفد. ولا يمكن ان يكون الثعالبي لاننا نجد في النص ما يلي: «وتمخضت الحركة عن وجود بطل هذا الدور (الرجل) القدير الذي تغلب بمواهبه العظيمة على تذليل العقبات التي كانت تعترض المسألة واوجد بما بذله من المجهودات وباقدامه النادر وتضحيته الوحيدة في بابها مسألة تونسية بباريس. وهذا الاسلوب هو اسلوب محيي الدين القليبي والاعجاب بالثعالبي هو اعجاب محيي الدين القليبي وان لم يختص به وحده. ولا نعتقد ان يكون المناضل المرحوم احمد الصافي الذي كان ضمن الوفد ولا غيره لاننا وقد تشبعنا باسلوب محيي الدين يمكننا ان نجزم بان النص من تحريره. ولنصل الان الى محتوى الوثيقة (سننشرها بحذافيرها لاحقا ان شاء الله) فهي تشتمل على: ذكر تحركات اعضاء الوفد مقابلات مع بعض اعضاء الحكومة وزعماء الاحزاب السياسية قصد اطلاعهم علي الوضع السياسي والاقتصادي في تونس وابلاغهم مطالب الشعب التونسي المعبر عنها في كتاب «تونس الشهيدة» وكذلك في المقالات الصحفية التي ارسلت الى بعض الصحف اليسارية وفي المحاضرات التي كانوا يلقونها في نوادي بعض الجمعيات. معارضة الثعالبي اثناء اتصالاته بالمسؤولين الفرنسيين لمشروع القرض الذي جاء به فلاندان (المقيم العام لفرنسا بتونس انذاك) الى باريس مدعيا انه لفائدة تونس ففضحه الثعالبي وبين انه يثقل كاهل التونسيين ولن يستفيد منه الا المعمرون الفرنسيون. القاء القبض على الثعالبي واتهامه بالتآمر على امن الدولة، اسماء المحامين الذين كلفهم اعضاء الوفد بالدفاع عن رئيسهم (يذكر الكاتب هنا بتفاصيل كثيرة منها ظروف اعتقال الثعالبي وترحيله الى تونس) هذه لمحة وجيزة عن هذه الوثيقة اردنا تقديمها للقراء الكرام لما تحتوي عليه من ارشادات ثمينة عن عمل الوفد الاول للحزب الحر الدستوري التونسي الى باريس وعن نظرة المناضل محيي الدين له ونرجو ان نتمكن لاحقا من نشر كامل النص تتمة للفائدة وخدمة للتاريخ.