سعيا الى دعم المنظومة التربوية الحالية، وسيرا بها نحو الافضل والاحسن ومساهمة في توسيع آفاق المستقبل امام الناشئة الموهوبة في مختلف مجالات المعرفة في كل الاختصاصات الحيوية التي تقوم عليها النهضة الحضارية المعاصرة والتنمية الشاملة وتشجيعا على تكريس عقلية التألق والتميز في تحصيل المعرفة. ونظرا لما يلعبه التعليم التقني بكل اختصاصاته من دور فعال في تنمية النهضة الصناعية والاقتصادية للبلاد في العصر الحديث الى جانب بقية الاختصاصات العلمية والادبية والانسانية. وانطلاقا من دورنا كمربين شاعرين بمسؤوليتنا في المساهمة في تصور وسائل تطوير تلقي المعرفة وجعلها اكثر نجاعة وموضوعية فاننا نقترح على وزارة التربية والتكوين تحويل المعهد الفني بتونس سابقا و«9 افريل 1938» حاليا الى معهد تقني نموذجي يستقطب الموهوبين في التعليم التقني ليواصلوا دراستهم الثانوية بامتياز مع التأكد من المردودية الايجابية والنتائج الحتمية المشرفة لهؤلاء النخبة في مختلف اختصاصاتهم. وليس هذا الاقتراح اعتباطيا وانما هو اقتراح مدروس ومسؤول يقوم على اعتبارات تاريخية وموضوعية. فالمعهد المذكور يعتبر من اعرق المدارس المهنية بالبلاد التونسية اذ يعود تاريخ انشائه الى غرة افريل 1898، وكان التلاميذ فيه يتلقون تكوينا مهنيا صرفا في النجارة والحدادة والخراطة والتسفير وهي اختصاصات حيوية توفر للمتخرجين مِهَنا قارة ودخلا محترما يوفر متطلبات الحياة الكريمة في ذلك الوقت ومازالت الى اليوم تعتبر من المهن المشرفة وذات قيمة اقتصادية واجتماعية راقية نحن في حاجة الى دعمها وتطويرها بكوادر متخصصة ومبدعة فتساهم بطريقة فعالة في تطوير نمط العيش ومواكبة مقتضيات العصر ومتطلباته. وانطلق التدريس فيه بعدد محدود جدا من التلاميذ من فرنسيين وتونسيين لا يفوق عددهم انذاك عن 30 تلميذا ومر عليه عشرات الاستاذة وخيرة مدرسي المؤسسات التربوية. وقد تدعم التكوين التقني بهذا المعهد الفني العريق تدريجيا باضافة تدريس مواد انسانية وعلمية وتكنولوجية لتدعيم التكوين المهني وجعل المتخرج منه مستوعبا لكل المواد المدروسة المساعدة على النجاح الباهر في حياته المهنية والاجتماعية والعائلية مما يلمع صورة الفنيين والمهنيين المتخصصين في مختلف ميادين الانتاج والابداع. اما اليوم وفي ظل المنظومة التربوية الحديثة فان المعهد يمتاز بمخابره في الفيزياء، والكيمياء والاعلامية والكهرباء والآلية تحت اشراف خيرة الاساتذة اضافة الى المناخ الطبيعي المتاح لهذا المعهد (ولو مازال الفضاء في حاجة الى عناية) وكل ذلك يساعد على ان يتم اختيار المعهد الفني بتونس كمعهد نموذجي للتقنية الحديثة وهذا ليس بصعب على وزارتنا. وبذلك نرتقي بهذا التعليم التقني الى اعلى المستويات ونصحح النظرة اليه ونجعله مسايرا ومواكبا لاحدث المنظومات التربوية التقنية في العالم المتحضر فنضمن رهانات المستقبل لبلادننا اقتصاديا واجتماعيا وعلميا وصناعيا. (*) استاذ اول فوق الرتبة رئيس التعاونية الوطنية للتعليم بتونس