اخيرا، وبعد 40 يوما كاملة من البحث والتحري دون توقف تم التوصل الى كشف النقاب عن اسرار الجريمة البشعة التي ذهبت ضحيتها زوجة احد حكام كرة القدم في سوسة.. هذه الجريمة التي كانت «الصباح» سباقة في نشر تفاصيلها وقعت صبيحة يوم 11 نوفمبر الماضي حينما تم التفطن الى عدم وجود الهالكة في المنزل وبروز اثار الدماء، فوقع البحث عنها في كل مكان الى ان وجدوها في «الماجل» ميتة بعدما تم خنقها بحزام ادباشها الخارجية. ومنذ ذلك التاريخ انطلقت التحريات التي وقعت بين فرقة الشرطة العدلية بسوسة والادارة الفرعية للقضايا الاجرامية بتونس المتعهدة بالبحث بموجب انابة التحقيق الصادرة عن السيد قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة. البداية كانت باجراء التحريات من المحيط العائلي بما في ذلك الاقارب والاصهار وبعد التحري الشديد تم نقض هذه الفرضية والتخلي عنها نهائيا اذ ان كل المؤشرات تؤكد عدم وجود علاقة لهم بالجريمة بالحاصلة. انذاك تم اقرار توجه ثان وهو ان الجاني يعرف «الماجل» لوجوده في مكان متطرف من المنزل يصعب التعرف عليه من قبل شخص غريب، فوقع حسب هذا المؤشر توجيه الابحاث نحو عملة البناء الذين قاموا بتشييد المنزل منذ البداية مع التركيز على من باشر عملية انجاز الماجل. وفي هذا الاطار وقع استدعاء كل العملة الذين تداولوا على البناء ووقع بحثهم والتحري معهم بصورة دقيقة ومحكمة وخاصة مع افراد عملة الماجل بتحريات خاصة.. المؤشر الاخر الذي وقع تداوله في البحث والتركيز عليه عند الاستقصاء يتمثل في المسروق حيث تبين ان هناك بعض قطع المصوغ قد سرقت اثناء الجريمة اضافة الى هاتف الهالكة. فوق الاتصال بجميع الصاغة مرجع النظر وعرض صور المصوغ المسروق عليهم، كما تم الاتصال بكل باعة الهاتف الجوال بسوسة وضواحيها. وقد تم التفطن اثناء عمليات التحري المتواصلة الى انه ليلة العيد وقع بيع هاتف جوال شبيه بالذي كان في حوزة الهالكة، وبالتحري تبين ان الذي باعه هو عامل بناء يشعر ببعض الاوجاع في جنبه الايسر مما جعله يمشي منحنيا.. انذاك وقع التركيز من جديد على هذا المؤشر من خلال جلب كافة عملة البناء وبحثهم من جديد فتم التأكد من ان هناك شخصا تنطبق عليه نفس المواصفات المذكورة والعلامات المشاهدة فوقع مكافحته بالشاري الذي تعرف عليه مؤكدا بأنه هو الذي تولى عملية البيع..انذاك تم جلبه والتحري معه بالادلة الدامغة فأعترف باقترافه الجريمة حيث اكد بأنه تولى يوم الثلاثاء 11 نوفمبر الماضي الذهاب لمنزل المجني عليها قصد تمكينه من مبلغ مالي صغير لتسديد بعض الديون المتخلدة بذمته وذلك بعد التأكد من خروج الزوج. انذاك دخلت الهالكة المنزل لتأتيه بالمطلوب وبقي هو عند الباب الخارجي، فخامرته فكرة الاستيلاء على كل اموالها فأغلق الباب ودفعها الى ان فقدت وعيها ثم اخذ حزام لباسها الخارجي (robe de chambre) وخنقها.. واعتبارا لكونه هو الذي قام بأشغال الماجل الاخيرة قام بجرها اليه واستعان برفش (فاس) لازالة غطاء الماجل وألقى بها مصلوبة على رأسها في الماجل وهي لا تزال حية ثم أغلق الماجل باحكام ورجع لمكان الحادث حيث تولى مسح اثار الدماء ب«بشكيرها»، كما دخل احد البيوت واستولى على قطع مصوغ واغلق الباب والتحق بعمله في البناء وكأن شيئا لم يكن.. وبعد اعترافه بكامل تفاصيل الجريمة تمت عملية التشخيص يوم امس الجمعة حيث كانت اعادة الاحداث مؤثرة على الجميع لبشاعة الجرم وفضاعته.. وقد نزل خبر الكشف عن المجرم بردا وسلاما على الجميع رغم التأثر الكبير الذي تملك الجميع واطمئنانا في نفوس الاهالي خاصة وان الجريمة تمت في منزل امن.. وهنا لابد ان ننقل عن السكان عبارات الاشادة والاكبار والتقدير لاعوان امن سوسة وخاصة الشرطة العدلية والادارة الفرعية للقضايا الاجرامية بتونس والسيد حاكم التحقيق حيث ظل جميعهم يعمل في سوسة والمدن المجاورة طيلة 40 يوما بما في ذلك ايام العيد دون وجود اشياء مادية ملموسة او مؤشرات تدل على خيوط الجريمة، لكن كثافة البحث ودقة التحري وطول الصبر ادت الى معرفة الجاني قاتل النفس البشرية..؟؟