بعد جولة قادته الى عدد من الدول الأوروبية بحث فيها مع قادة هذه الدول سبل إعادة اعمار غزة وارسال قوات سلام الى المناطق الفلسطينية لحمايتها من الاعتداءات الاسرائيلية توجه رئيس السلطة الفلسطينية الى العاصمة التركية في زيارة تكتسي أهمية بالغة في هذا الظرف بعد الدور المتميز والمتنامي لتركيا خلال العدوان الاسرائيلي على القطاع وبعد اعلان وقف إطلاق النار لقد عبرت تركيا ممثلة في رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان عن مواقف سياسية جريئة في نظر البعض بعد اتهامه بشكل مباشر قوات الاحتلال الاسرائيلي بارتكاب جرائم حرب في غزة وبعد أن دافع بشراسة يقدرها له الكثيرون عن حق الشعب الفلسطيني في العيش في أمن وسلام مطالبا برفع الحصار وفتح المعابر الى حد أصبح البعض يروج ل«الميل التركي لحماس». إن أهمية هذه الزيارة لمحمود عباس لأنقرة تكمن كذلك في الدور الاقليمي المتصاعد لتركيا بعد أن ساهمت الى حد كبير في تقدم المفاوضات السابقة وغير المباشرة بين دمشق وتل أبيب. وما يعزز هذا الدور حرص السلطات المصرية التي ترعى حاليا مفاوضات التهدئة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية على التنسيق مع أنقرة ولو بشكل محدود في أكثر من مسألة مطروحة بما في ذلك المساهمة في تقريب وجهات النظر بين السلطة الفلسطينية وهذه الفصائل بشأن التهدئة وفتح المعابر ورفع الحصار وإعادة الاعمار وتشكيل حكومة وحدة وطنية والحماية الدولية للقطاع بعد موجة الاتهامات والاتهامات المضادة والتي عمّقت الهوة بينها في أعقاب الحرب على غزة. لقد استغلت القيادة التركية كل الفرص الاقليمية والدولية أثناء وبعد هذه الحرب للوقوف بدون مواربة ضد العدوان والانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة رغم العلاقات الاستراتيجية القوية بين البلدين ورغم المصالح المشتركة... بيد أن رئيس الوزراء التركي الذي أكد على أهمية هذه العلاقات بما في ذلك الحفاظ على التمثيل الديبلوماسي بين البلدين لم يتوان في اتخاذ مواقف وصفها البعض ب«الدور العثماني الجديد» مما يوحي بأن توازنا سياسيا جديدا في المنطقة بصدد التشكل على اعتبار أن تركيا السنية أصبحت تمثل ضلع مثلث يضم كلا من ايران الشيعية واسرائيل بعد أن خفت الصوت العربي أو يكاد في وقت تصاعدت فيه اعتداءات قوات الاحتلال وانتهاكاتها واستباحة جنودها كل المحرمات.