أدخل رئيس وزراء الأردن نادر الذهبي أول تعديل على حكومته طال عشر حقائب، من بينها الخارجية والداخلية والإعلام في خطوة فسرت بالاستعداد لمرحلة التعايش مع حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي بزعامة بنيامين ناتنياهو الذي لا يزال كل قادة المنطقة العربية وأوروبا والعالم بما فيها الولاياتالمتحدة يذكرون استفزازاته لهم وتحديه للتقاليد الدبلوماسية في التعامل معهم.. كما يذكرون تحديه لاتفاقيات أسلو التي كانت الرئاسة الأمريكية وممثلون عن قادة العالم أجمع ضمنوا للرئاسة الفلسطينية والعواصم العربية احترام تنفيذيها.. وقد أسندت حقيبة الخارجية إلى ناصر جودة صهر الاميرحسن ولي العهد السابق وكان جودة وزير دولة لشؤون الإعلام والاتصال وناطقا رسميا باسم الحكومة قبل التعديل.. وهو متحدث جيد له حضور في الفضائيات العالمية. ومن أبرز التعديلات أيضا ترفيع رتبة وزير الداخلية الى نائب رئيس وزراء وتعيين الوزير السابق نايف القاضي في المنصب خلفا لعيد الفايز.. إعادة حقيبة الاعلام ومن بين العناصر المهمة أيضا في التنقيح الحكومي الجديد إعادة حقيبة "وزارة الإعلام والاتصال"، بعد ست سنوات من إلغائها رسميا، وقد كلف الإعلامي والكاتب المعروف نبيل الشريف برآسة الوزارة الجديدة (العائدة).. وكان نبيل الشريف رئيس تحرير صحيفة الدستور اليومية تولى حقيبة الإعلام سابقا ثم عين سفيرا في الأردن لدى المغرب فرئيس تحرير مجددا لنفس الصحيفة.. والشريف متحدث جيد بالانقليزية والعربية وله حضور قوي في الفضائيات الامريكية والعالمية والخليجية.. خلال توليه حقيبة الوزارة سابقا وبصفته الصحفية.. وهو ما يبدو أنه كان من بين العوامل وراء تعيينه في الحكومة مجددا الى جانب وزير الخارجية (والاعلام في عهد الملك حسين) ناصرجودة.. استعدادا لمعارك إعلامية قد يجد الأردن نفسه مضطرا لخوضها. البعد الفلسطيني ومن بين العناصر التي تضمنت رسائل سياسية الى الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي في التحوير الجديد إقالة الوزير كمال ناصر المقرب من حركة فتح الفلسطينية والوزيرعبد الرحيم العكور وزير الدولة للشؤون البرلمانية.. المستقل القريب من حزب "كتلة العمل الاسلامي" المعارض. في المقابل دخل الحكومة معارض واحد هو موسى المعايطة، أمين عام حزب اليسار الديمقراطي، وزيرا للتنمية السياسية (بدلا عن كمال ناصر).. وتم تكريس الرهان في البرلمان والحكومة على دور العشائر والفنيين أكثرمن الكتل الحزبية بأنواعها.. وهي خطوة أخرى تكشف حرصا على الاستعداد لمرحلة ناتنياهو ليبرمان وكنيست اسرائيلي غالبيته من اليمين المتطرف المعادي رافع شعارات لاءات التشدد بالجملة : لا انسحاب من القدس العربية والضفة الغربية، لا لحل الدولتين، لا عودة للاجئين، لا غلق لملف المستوطنين، لا حوار مع فصائل المقاومة، لا اطلاق سراح ال11 ألف أسير ومعتقل فلسطيني.. ثلثا الشعب من أصل فلسطيني واذا أثبتت تحركات الشارع في العالم العربي والاسلامي وخارجه أثناء الحرب البشعة على غزة تضامنا متزايدا مع الشعب الفلسطيني في محنته وفي مطالبه الوطنية والسياسية والانسانية.. فان البعد الفلسطيني في الاردن له وزن خاص.. لأن ما بين 50 و75 بالمائة من الشعب الاردني من أصل فلسطيني (حسب تقديرات نسبية متباينة).. وهو ما راعته القيادة الاردنية دوما.. وأخذته بعين الاعتبار في التعيينات والتسميات.. وقد وجه العاهل الاردني الشاب عبد الله رسالة واضحة جدا في هذا السياق عندما اختارقرينة له فتاة من عائلة فلسطينية وعددا من كبار المسؤولين من أصول فلسطينية.. فضلا عن التزامه بموقف والده الراحل الملك حسين من حيث اعتبار الاردن وعائلته المالكة مسؤولة معنويا عن ملف القدس وعن حرمة المسجد الاقصى وعن الممتلكات الهاشمية في القدس.. تصريحات ليبرمان وناتنياهو وبعد التصريحات العنصرية والاستفزازية الصادرة عن رموز اليمين واليمين المتطرف الاسرائيليي خلال الحملة الانتخابية الماضية وخاصة عن قادة حزبي ليبرمان وناتنياهو بما في ذلك ضد الاردن ومصروالسعودية.. باتت ملفات فلسطين والعلاقات الاردنية الاسرائيلية والاردنية الفلسطينية والاعلام معطى مهما جدا بالنسبة لعمان.. التي حذر ملكها عبد الله في تصريح صحفي أثناء الحرب على غزة من "مؤامرات تحاك ضد فلسطين والمنطقة بعد انتهاء الحرب "اعتبرها" أخطر من العدوان على غزة في حد ذاته". وقد تردد أن من بين تلك المخاطر محاولة القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية الترويج مجددا " للوطن البديل " بالنسبة للفلسطينيين.. أي الأردن بالنسبة لسكان الضفة الغربية ومصر بالنسبة لسكان قطاع غزة.. وهو سيناريو مرفوض فلسطينيا وأردنيا ومصريا وعربيا ودوليا.. منذ عقود. مرحلة أوباما فهل تنجح هذه التعديلات في محاصرة المخاطر الاسرائيلية الجديدة على الاردن والمنطقة؟ وهل يتمكن الاردن من كسب المعارك الاعلامية التي ستكون المنطقة مقبلة عليها مع حكومية اقصى اليمين الاسرائيلي؟ قد يتحقق ذلك.. إذا توفرت عدة شروط أخرى من بينها الوحدة الوطنية الفلسطينية وراب تصدع الصف العربي.. حتى تجد ادارة أوباما التي بدأت خطوات الحوار مع الفلسطينيين والعرب وايران مخاطبا في المستوى. لقد استبقت ادارة اوباما زيارة هيلاري كلينتون الى فلسطينالمحتلة بزيارة أداها الى غزة وفد رفيع المستوى من الكونغرس برئاسة جون كيري رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمرشح الديمقراطي للرئاسة في 2004 وقد فتحت زيارة وفد الكونغرس الى غزة حوارامباشرا بين ادارة اوباما وشخصيات من فصائل المقاومة بما فيها حماس.. وتردد أن الاردن لعب دورا في دفع الامور في هذا الاتجاه.. استباقا لمرحلة تشكيل حكومة ناتنياهو وخلفائه.