حرفيو المناطق الريفية مازالوا غير منتفعين بخدمات المجامع تونس الصباح : مازال عدد هام من الحرفيين الناشطين في مجال الصناعات التقليدية على اختلاف فروعها يعملون بشكل غير مهيكل، وهو ما ينعكس بالسلب على آداء هذا القطاع الحيوي الذين يشغل عددا هاما من المواطنين في مجالات مختلفة، علاوة أيضا على قيمة هذه الصناعات وعلاقتها المتينة بالحفاظ أولا على التراث الوطني، وتطويره باتجاه دعم القطاع السياحي وبالتالي الاقتصاد الوطني. ومنذ قرابة السنتين تم إقرار بعث مجامع للصناعات التقليدية تكون مهمتها حل الكثير من الإشكاليات المطروحة التي يعيشها أهل القطاع من تزويد وتسويق وفرص مشاركة بالمعارض وغيرها من الجوانب التي يمكنها أن تدفع بالقطاع نحو مزيد التطور والتقدم. فماذا عن هذا القرار وأساليب ترجمته على أرض الواقع؟ هل يتصل بكل الحرف ويغطي كافة جهات البلاد؟ بعث المجمعات وضبط قائمة المنتفعين بها أقر المجلس الوزاري بتاريخ 14 مارس 2003 (القرار عدد 18) التشجيع على بعث مجمعات خدمات تزويد وتسويق تعنى بتزويد الحرفيين بالمواد الأولية وتسويق منتوجاتهم. ولتجسيم هذا القرار تم وضع السند القانوني لإحداث هذه المجمعات ، كما تم سنة 2005 توسيع قائمة المؤهلين للانتفاع بالامتيازات الجبائية بعنوان المواد الأولية والافصال المعدة للصناعات التقليدية لتشمل مجمعات خدمات التزويد والترويج، هذا إلى جانب تمكين المجمعات من الانتفاع بآلية قروض المال المتداول في حدود 10 آلاف دينار منذ سنة 2006. وقد تم إلى موفى شهر أكتوبر من السنة الحالية تمويل 46 مجمعا بقروض المال المتداول بقيمة قاربت 460 ألف دينار كما تم تمويل 15 مجمعا عن طريق البنك التونسي للتضامن بقيمة استثمارات بلغت 320 ألف دينار. وبمناسبة إفتتاح المؤتمر 14 للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، أذن رئيس الجمهورية بإجراء حملة تحسيسية للمهنيين قصد مساعدتهم على الإنضواء ضمن مجمعات تسهل تزويدهم بالمواد الأولية وتصريف انتاجهم. وتنفيذا لهذا القرار، تم تنظيم حملة تحسيسية لفائدة الحرفيين والمستثمرين على إمتداد سنة 2007 شملت بالخصوص: لقاءات تحسيسية ميدانية: تم تنظيمها لفائدة الحرفيين والمؤسسات بكافة مناطق البلاد بهدف القيام بعمليات نموذجية في الجهات وذلك بالتنسيق مع الجامعة الوطنية للصناعات التقليدية ومختلف هياكل المساندة المتدخلة في المجال. كما تم اعتماد محامل دعائية تحسيسية وذلك بواسطة الوسائل الإعلامية للتعريف بمميزات نظام المجمعات وأهدافها وصيغها القانونية والتجارب الناجحة والتشجيعات الممنوحة في المجال. ماذا عن نتائج برنامج المجمعات والحملات التحسيسية؟ أثمرت الحملة تسجيل 75 فكرة لإنجاز مجمعات خدمات تزويد وترويج منتوجات الصناعات التقليدية موزعة على أغلب ولايات البلاد من ضمنها 35 مجمعا انطلق في النشاط، ومن بين هذه المجمعات 8 باعثين من خريجي التعليم العالي يتوزعون على تونس 1، قابس 15، صفاقس 4، سليانة 2، الكاف 3، زغوان 2، بنزرت 2 ، سوسة 1 ، باجة 2 ، قبلي 3 . وتهم هذه المجمعات تزويد الحرفيين بالمواد الأولية الضرورية لنشاطهم ومساعدتهم على ترويج منتوجاتهم. معرض الصناعات التقليدية الأخير معرض الصناعات التقليدية الذي انتظم هذه الايام شمل 75 نوعا من المعروضات في الصناعات التقليدية، وهو بالتالي جلب أكثر ما يمكن من متعاطي الصناعات التقليدية في جملة هذه المجالات. ويعتبر هذا الحضور لأنواع الصناعات التقليدية تطورا ملموسا للقطاع وللأحاطة الهامة الحاصلة داخله بأنواع عدد من الحرف، لكن ورغم هذا المجهود وما قدمته المجمعات من عناية وإحاطة بالحرفيين، فإن هناك مظاهر لابد من العمل على الحد منها، وهي تتعلق أساسا بالتقليد، وباستعمال مواد موردة من الخارج، علاوة على تنامي ظاهرة تزويد معروضات مقلدة، يمكنها أن تشوه وجه الصناعات التقليدية التونسية وتنعكس على بعدها الإبداعي والمكانة التي ما انفكت تحرزها في الأوساط الاجتماعية التونسية وفي الخارج. ولعل نقطة الضعف التي مازال يعاني منها القطاع وهياكله هو عدم وصوله إلى الحرفيين في المناطق الريفية النائية والموجودين بعديد الجهات الداخلية، والإحاطة بهم، خاصة وأن هؤلاء ليست لهم القدرة المادية على الانتفاع من هذه المجمعات أو الوصول إليها. ولعل المتتبع لبعض نشاطات هؤلاء الحرفيين المغمورين يلاحظ جودة إنتاجهم وتمسكهم ببعض أنواع الإنتاج الذي بدأ يضمحل، وخاصة في الصناعات الصوفية. إن هذا البعد الأخير الذي أشرنا إليه يدعو في الحقيقة إلى تحريك السلط المحلية والجهوية في جهات عديدة للاهتمام بهؤلاء الحرفيين ودعمهم حتى يكون لنشاطهم الدور الفاعل في تطور قطاع الصناعات التقليدية وخاصة في تدريب الناشئة على التعاطي مع هذه الحرف؟