سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عين على الأمراض المنقرضة وأخرى على المزمنة وتطوير روزنامة التلاقيح في البال مدير رعاية الصحة الأساسية ل«الصباح»: السل والسيدا ووفيات الأمهات تحت السيطرة... لكن
تونس الصباح: كشف د. المنجي الحمروني مدير الرعاية الصحية الاساسية والمتفقد العام للصحة العمومية عن ملامح ومؤشرات المشهد الصحي في جانبه المتعلق بالوضع الوبائي في بلادنا متوقفا عند ابرز الامراض والآفات التي تم القضاء عليها والتي دخلت طي التاريخ واهم الأمراض التي تقع حاليا تحت السيطرة مع تواصل الجهود لمزيد التقليص من حالاتها دون ان يغفل عن الاشارة والتحذير من ضرورة ملازمة اليقظة والمراقبة لصيانة النتائج المحققة في مستوى القضاء على عديد الاوبئة في ظل ما يسجل في عدد من البلدان من معاودة ظهور بعض الامراض وبحكم انفتاح حدودنا امام حركة التنقل من والى مختلف الوجهات مما يقتضي دعم اليقظة والتوقي.. وفي لقاء مطول جمعنا بضيفنا تناول الحديث مسائل اخرى تتعلق بأهم الملفات او الخطط الوطنية للتدخل لمكافحة بعض الامراض وتعزيز برامج الوقاية.. في «مقبرة الديناصورات» باستفساره عن ملامح اللوحة التي يمكن ان يرسمها حول تطور الوضع الوبائي وما تحقق من نتائج افاد د. الحمروني ان انواعا عدة من الأمراض المعدية تم القضاء عليها وانقرضت مثل الشلل وحمى المستنقعات والبرهارسيا والحصبة.. مع الملاحظ ان الحصبة ما تزال الى يومنا هذا متواجدة بفرنسا وقد تمكنا في تونس من القضاء عليها منذ عشر سنوات. وتعقيبا على استيضاح يتعلق بمدى خطر معاودة ظهور هذا المرض داخل حدودنا مادامت حركة التنقل مفتوحة.. اورد محدثنا ان بلادنا تمتاز عن عديد البلدان الغربية باتساع التغطية بالتلاقيح وهو عنصر وقائي هام كما ان تركيز مرصد الامراض الجديدة والمستجدة يؤمن حماية اكبر ويمثل آلية يقظة ومراقبة فاعلة ودقيقة تأهبا للتصدي لاي حالة مرض تستجد بعد ان قضينا عليها. وللتأكيد على الحرص في تونس على اعتماد اسلوب التوقي يقول د. الحمروني «حتى وان سجلت حالة واحدة يتيمة من الحصبة تفد من الخارج عبر احد السياح او الطلبة او المرضى الاجانب يقع التجند التام لها متابعة وترصدا..» عين على القديم وأخرى.. في مقابل هذا الكسب وبتغير نمط الايقاع اليومي للحياة برز ما يعرف بالامراض المزمنة في تشكيلاتها المختلفة من سكري وضغط دم وامراض قلب وشرايين وامراض نفسية.. مما يجعل اعين الهياكل الصحية منصبة على مراقبة الامراض التي تمت السيطرة عليها بحذفها من قائمة الاوبئة المتفشية وتعهد الامراض الجديدة المزمنة بالمتابعة وتقرير برامج التوقي والمكافحة لها.. في هذا السياق ذكّر مدير رعاية الصحة الاساسية بالاجراء الرئاسي القاضي بدعم ميزانية الادارة الموجهة للأمراض المزمنة ب3 مليون دينار سنويا على مستوى آلية الخط الامامي وتم خلال سنة 2008 8 مليون دينار اضافية للاعتمادات المخصصة بهدف انتظام متابعة ومعالجة اصحاب الامراض المزمنة بانتظام وبالتالي تأمين تواجد الدواء الموجه لهذه الحالات بشكل عادي. ويبدو ان هذا الدعم الاضافي اعطى أكله حيث صرح محدثنا بان المشاكل التي كانت ناجمة عن نقص هذه الادوية وعدم تلبيتها للحاجيات المتزايدة تقلصت وتضاءلت بشكل ملحوظ فيما يتعلق بالادوية الموجهة للأمراض المزمنة وان لم ينكر بالتوازي امكانية عدم تمكين البعض من المصابين بامراض عادية مثل النزلة من بعض الادوية داخل مراكز الصحة الاساسية في ظروف محددة باعتبار ان الاولوية تمنح لتوفير ادوية الامراض المزمنة لما لغياب الدواء من تداعيات صحية على صاحبها.. هذه الحالات تحت السيطرة .. ماذا عن الامراض التي يتعذر الى الان القضاء عليها نهائيا والحاقها بقائمة الاصناف المنقرضة؟ السؤال وجهناه مباشرة الى ضيفنا بعد تطرقنا الى مسائل صحية متنوعة سنتعرض لها في مقال لاحق. الجواب حمل في طياته بعض الامثلة لأمراض تعتبر تحت السيطرة وتسجل تطورا ملموسا في التقليص من حدتها من ذلك مرض السل الذي تراجعت معدلاته بشكل بارز من ذلك ان سنة 2008 سجلت تراجعا في نسبة الاصابة الى ما دون 21 لكل 100 الف حالة فيما كانت هذه النسبة تقدر ب47 حالة قبل 20 سنة علما وان كل حالة سل يقع التصريح بها في أي منطقة بالجمهورية يتجند فريق صحي له الكفاءة العالية في التعاطي مع هذا المرض فورا مع الحالة والمحيطين بها. مع الاشارة الى ان السل من الامراض التي تمت معالجتها وضمان شفاء اصحابها بنسبة مرتفعة جدا.. وفقا لمصدرنا. ايضا وفيات الامهات تعد من الظواهر التي تحسنت نسبة السيطرة عليها.. «فمن 100 حالة وفاة كانت تسجل لكل 100 أو 150 الف ولادة جديدة امكن النزول بهذه النسبة الى 3،36 وفاة لكل 100 الف ولادة سنة 2006 حسب دراسة قام بها خبراء من المنظمة العالمية للصحة ومنظمة اليونيسيف علما وان البرنامج الانتخابي الرئاسي لسنة 2004 ضبط معدل 35 وفاة في موفى سنة 2009 وبالتالي يؤكد اخر مؤشر تم حصره منذ ثلاث سنوات عن بلوغ الهدف المنشود والعمل مستقبلا على مزيد الحط منه بصفة تدريجية. السيدا.. ظاهرة «برانية» في معرض حديثه عن السيدا اورد مسؤول الصحة الاساسية ان معظم الحالات المسجلة والبالغ مجموعها منذ سنة 1986 1499 حالة منها 400 حالة وفاة وافدة من خارج حدودنا من خلال حركات تنقل بعض المواطنين. ولم تسجل منذ 15 سنة اية حالة عن طريق نقل الدم.. كما لم تسجل أية اصابة بالسيدا عبر انتقال الفيروس من الام الى ابنها منذ 10 سنوات على الاقل.. هذا ويسجل سنويا نحو 70 حالة جديدة ضمن الحصيلة العامة المقدمة سابقا. وفي اطار تشخيص هذا المرض تم تركيز 19 مركزا للارشاد والكشف اللااسمي والمجاني موزعة على معظم المدن وكلما توفرت الفرصة لاحداث مراكز جديدة يتم التدخل لتنفيذ ذلك لتعميم التغطية بمثل هذه الفضاءات التي تؤمن التقصي للاصابة بالسيدا والأمراض المنقولة جنسيا. التلاقيح.. هل من مزيد.. لان التلاقيح تمثل احد أهم الخدمات المقدمة من قبل مراكز الخط الأمامي سألنا محدثنا عن حصيلة النتائج المحققة في هذا المجال وعن امكانية ادراج تطعيمات جديدة للتوقي من بعض الامراض التي لا تشملها الروزنامة الوطنية للتلاقيح فبادر بالاشارة الى ان المؤشرات الكمية والنوعية التي تقدمها تونس جعلت منها وجهة بارزة على الصعيد الاممي من خلال المنظمة العالمية للصحة للاستفادة من الكفاءات الطبية التونسية في مجال اسداء التلاقيح.. وكذلك في ضوء النتائج الهامة المسجلة على الصعيد الوطني في تأمين التغطية الكلية بالتلاقيح للرضع في سنتهم الاولى لتصل هذه النسبة في مراحل لاحقة الى اكثر من 98% ليتكفل الطب المدرسي والجامعي بالنسبة للمتمدرسين بتأمين التغطية وفقا لروزنامة التلاقيح الوطنية المحددة. وتأكيدا لما ذهب اليه نفى د. المنجي الحمروني تسجيل أية حالة ولادة دون تطعيم المولود باللقاح الخاص بالتوقي من مرض السل على سبيل المثال الى جانب تعهد الروزنامة الوطنية للتلاقيح بالتحيين والتوسع في قائمتها كلما اقتضت الضرورة.. وقد تم منذ عقد من الزمن تعميم اللقاح ضد فيروس التهاب الكبد الحاد ويتم التركيز حاليا في ادراج تطعيمات جديدة لمرض «الميننجيت» واخرى تهم بعض انواع الاسهال وبعد تواجد لقاح ضد سرطان عنق الرحم في العالم يجري التفكير في امكانية استعماله في تونس. «هذه الملفات يقول محدثنا على بساط الدرس والبحث في انتظار رصد وتأمين الاعتمادات اللازمة لها وهي اعتمادات ليست بالهيّنة لكن المراهنة على صحة المواطن وتقريب الخدمات الصحية منه حيثما وجد كان ولا يزال من أوكد اهتمامات وزارة الصحة. لا للغلق.. مادامت صحة المواطن لا تقدر بثمن سألنا المسؤول الاول عن ادارة رعاية الصحة الاساسية عما اذا كانت فكرة التخلي عن بعض مراكز الصحة الاساسية لعدم مردوديتها الاقتصادية في بعض الارياف واردة ومطروحة على غرار ما يحدث في بعض البلدان. النفي جاء قطعيا من قبل محدثنا الذي استدل بالمقاربة المعتمدة في تونس والتي تجعل من التعليم والصحة احد أهم روافد التنمية وهما لا يقدران بثمن.. «بل ان السياسة المنتهجة من قبل وزارة الصحة العمومية يضيف محدثنا تجعل من عامل القرب اكبر هدف ترنو الى تجسيمه من خلال تقريب هذه المراكز اكثر ما يمكن من المواطنين حيثما كانوا.. والفكرة لم تخامرنا.. وحتى ان لم تتوفر الامكانيات لضمان ديمومة الخدمات الصحية المسداة ببعضها فانه لن يتم التخلي عنها او غلقها بل قد تطرح حينها فكرة اعادة توظيفها واستغلالها في مجالات صحية اخرى تنفع المواطن وتفيده..» تجدر الاشارة الى ان خارطة مؤسسات الصحة للخط الامامي تشمل 2080 مركز صحة اساسية وان المسافة التي تفصل المواطن عن اقرب مركز صحة اساسية لا تزيد عن 5 كيلومترات كأقصى حد.