تونس - الصباح منذ سنوات ونحن نمنّي النفس بأن يرتفع سقف الإنتاج الدرامي في بلادنا وان يخلع عنه ثوب الموسمية ليلبس رداء الاستمرارية والديمومة شأنه شان باقي الإنتاجات العربية... ولقد تعززت آمالنا في الموسم الماضي لعدّة أسباب لعلّ في مقدّمتها خروج نصوصنا وسيناريواتنا من بوتقة الشيء المعتاد وملامسة مواضيع جريئة لم يسبق التطرّق لها قبلا وكذلك دخول الإنتاج الخاص حلبة المنافسة مما أذكى بداخلنا الطموحات في انتفاضة للتلفزيون التونسي لا يمكن ترجمتها إلا بالإسراع في تشغيل ماكينة الإنتاج حتى يستثمر نجاح السنة الفائتة من جهة وحتى يكون قادرا على منافسة إنتاجات الشركات الخاصة.. لكن من الواضح أن الفرصة التي أتيحت للدراما التونسية لإثبات جدارتها بتبوّء موقع لها على خارطة الدراما العربية بعد ما حققه مسلسل "صيد الريم" من نجاح وما تركه من انطباع إيجابي خلال عرضه في مهرجان القاهرة للإعلام العربي وحصوله على جائزة أفضل عمل اجتماعي -وهو تتويج دفع ببعض التلفزيونات العربية إلى اقتنائه وعرضه- لم يشحذ همّة صناع الدراما في بلادنا لاستثمار هذا النجاح وظلت "حليمة وفيّة لعادتها القديمة".. فلا شيء يوحي بهبوب رياح التغيير وما من أخبار تعزّز تفاؤلنا بخروج إنتاجنا من عنق الزجاجة. محلّك سر لم يعد يفصلنا عن موسم الزخم التلفزيوني - ونقصد شهر رمضان - سوى أشهر معدودة وفي الوقت الذي وصلتنا فيه أخبار بل تقارير بأكملها عن عشرات الأعمال المصرية والسورية والخليجية والأردنية التي منها ما استكمل تصويره ومنها ما هو حيّز الإنجاز خصيصا لشهر رمضان (دون اعتبار الأعمال المنفذة على مدار السنة) فإننا ولحد الساعة لم يصلنا سوى النزر القليل من المعلومات عن أعمالنا المحلية فلا عناوين محدّدة ولا أخبار دقيقة عن عمليات التصوير ولا أحاديث مفصّلة عن الأبطال لا شيء مما يمكن أن يستدلّ به على أن عجلة الإنتاج تدور في حين أن إخواننا العرب ممن ينتجون أعمالا بالعشرات - عكسنا نحن حيث يقتصر إنتاجنا على أصابع الكف الواحد - يفكّرون ومنذ الأن في ما بعد رمضان 2009. لقد وصلتنا أصداء عن نيّة ترفيع حجم الإنتاج الدرامي الوطني ليلامس ال6 أعمال في السنة الواحدة ولكن يبدو أن هذه الأصداء ظلت حبرا على ورق.. فحتى عادة إنتاج الأشرطة التلفزية التي كنا نشاهدها من حين إلى آخر على شاشتنا تمّ اجتثاثها وبات مكتوبا علينا أن نصحو وننام على الأعمال المحلية "البايتة" وعلى الإنتاجات التركية والمكسيكية والمصرية والسورية "المجمّرة" في ذات الوقت الذي تطالعنا فيه الفضائيات المنافسة في كل يوم بآخر جديد. ملاحظة أخيرة استلهمتها من واقع متابعتي لأخبار المسلسلات العربية الخاصة بشهر رمضان القادم... هناك بعض الإنتاجات شرع في تصويرها في أعقاب رمضان الفائت أي أنها جاهزة.. وبعض الأعمال الأخرى تعيش لحظات التصوير الأخيرة وأخرى مازالت في طور التصوير... ونحن هل بدأنا..؟ وإن لا فمتى ننوي أن نبدأ؟ ومتى سننتهي ؟ ومتى سنقطع مع عادة نعرض ونصوّر في ذات الوقت؟