عوامل تراجع نشاط القطاع كانت ظرفية ومتصلة بارتفاع أسعار مواد البناء تونس الصباح مع إطلالة الايام الاولى من فصل الربيع بدأت حظائر البناء تنتشر في كل مكان، حيث من المعهود أن يتحرك القطاع في مثل هذه الفترة من كل سنة ليتواصل نشاطه إلى غاية نهاية فصل الصيف باعتبارهذه الفترة مواتية لنشاط البناء بعد تحسن الطقس بشكل تدريجي.
وقطاع البناء في تونس يعتبر من أبرز القطاعات الناشطة في البلاد، والاكثر مردودية على مستوى التنمية والاقتصاد، علاوة أيضا على تشغيليته العالية التي قد لا يضاهيها أي قطاع باعتبار استيعابه لليد العاملة المختصة وغير المختصة في آن واحد. فكيف تبدو نشاطات القطاع؟ ماذا عن التراجع الذي سجله القطاع في السنتين الفارطتين وأسبابه؟ وهل سيمثل عامل تراجع أسعار مواد البناء دفعا له هذه السنة بعد أن حلقت عاليا، وحالت دون تواصله بنفس النسق خاصة بالنسبة للحظائر الصغيرة المتصلة بمشاريع السكن الخاصة؟ نشاط القطاع بين المشاريع الوطنية الكبرى.. والخاصة رغم صعوبات السنتين الفارطتين وما تميزتا به من ارتفاع في أسعار مواد البناء وعلى وجه الخصوص الحديد والاسمنت والنحاس، بسبب صعوبات في النقل البحري لهذه المواد، وخاصة على مستوى تأمين البواخر الكبرى، فإن قطاع البناء في تونس لم يتأثر بشكل كبير بهذه الصعوبات الخارجة عن نطاقه والتي مثلت صعوبات لكل دول العالم، وحافظ على حيويته ونشاطه. وتشير التقارير الصادرة في هذا المجال أن كل المشاريع الكبرى في البلاد قد حافظت على نسق إنجازها ومواعيد انتهائها، ولعلنا في هذا الجانب نستشهد بمشروعي قنطرة رادس حلق الوادي والطريق السيارة مساكنصفاقس اللذين أنجزا في ظل هذا الظرف بالذات من ناحية وبقية المشاريع المتصلة بالبنية الاساسية من ناحية أخرى والموزعة على كافة أنحاء البلاد. ولا شك أن تواصل نشاط البناء وإنجاز المشاريع الكبرى في البلاد يؤكد الحرص الكبير على الاهتمام بها لما لها من صلة وثيقة بتطور الاقتصاد والعمران، وبأوجه التنمية ومخططات التنمية التي تتضمن في كل سنة من سنواتها مشاريع من هذا القبيل. صعوبات القطاع في الحضائر الصغيرة تشير جملة من الدراسات والمعاينات والمتابعات التي تمت خلال السنتين الاخيرتين، أن مجالات نشاط قطاع البناء الخاص قد تراجعت طوال هذه المدة بنسبة تعتبر هامة. وقد أثر هذا التراجع في جملة من الجوانب المتصلة بالقطاع، حيث انعكس من ناحية على مستوى التشغيل وانتصاب الحضائر ومبادرة المواطن في عملية البناء السكني، كما ظهرت ملامح هذا الانكماش في النشاط على مستوى نقاط بيع هذه المواد بالجملة والتفصيل. ويعزى هذا التراجع إلى ارتفاع أسعار مواد البناء، وخاصة منها الحديد والاسمنت والنحاس بدرجة أولى، وكذلك بقية المواد الاخرى حتى المنتجة محليا مثل الاجر ومواد المقاطع والرمال. لكن تشير مصادر أخرى إلى أنه وعلى الرغم من تأثير ارتفاع مواد البناء على نشاط القطاع وتراجعه خاصة في مستوى الحظائر الخاصة ذات الحجم الصغير والمتصلة أساسا بتشييد المساكن الاجتماعية، فإن هناك عوامل أخرى ذات أهمية كبرى، ومثلت هي الاخرى بدورها عاملا هاما من عوامل تراجع آداء القطاع، ومواصلة نسق نشاطه بالشكل الذي كان عليه على الدوام. وتتمثل هذه العوامل التي لها صلة أخرى مباشرة بالقطاع، بارتفاع أسعار الاراضي المعدة للبناء بشكل جنوني، وبندرتها أيضا وبمجالات التهيئة التي بقيت محدودة أيضا ولا تتماشى ومستوى الطلب السنوي في الغرض. كما تعتبر مسألة الرخص البلدية للبناء أيضا أحد أبرز العوامل التي باتت تحد من نشاط قطاع البناء،حيث تتكدس مطالب رخص البناء في كل بلدية، ويبقى جانب تسريحها بطيئا جدا، ولا يتماشى ومستوى الطلب الكبير عليها. مظاهر انفراج هامة بعد طفرة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال السنتين الفارطتين في الاسواق العالمية، وانعكاساتها المباشرة على السوق التونسية، والتأثر الحاصل نتيجة ارتفاع الاسعار على آداء القطاع بشكل عام، عادت منذ أواخر الصيف الفارط هذه الاسعار إلى التراجع في الاسواق العالمية، وذلك بمستوى هام لم يكن يتوقعه أحد. ولا شك أن مستوى تراجع أسعار مواد البناء في الاسواق العالمية كان له تأثيره على أسعارها في تونس، حيث لم تمض سوى بعض الشهور القليلة حتى تراجعت الاسعار في الداخل، وتم تسجيل انخفاض ملموس فيها، مكن من عودة القطاع إلى حيويته المعهودة، وبدد جملة المخاوف والانكماش الحاصل في عمليات البناء الخاصة على وجه الخصوص، وعادت الحظائر في أيامنا هذه لتعم كل الجهات وبنسق كبير وهام، وذلك على الرغم من تواصل تقلبات الطقس وعدم استقراره. ويشير بعض العارفين بالقطاع والمتابعين له، أن حركة البناء ستشهد هذه السنة تطورا ملحوضا وذلك على قاعدة التطورات الحاصلة ايجابيا في أسعار المواد الاولية بكل أنواعها المصنعة محليا أو التي تتصل بمجالات التوريد..