تسوية النزاع الصحراوي ليست الشرط الوحيد لنجاح المشروع المغاربي العواطف والشعارات لن تبني وحدها الاتحاد المغاربي الأزمة الاقتصادية العالمية يمكن أن توحّدنا تونس الصباح: هل لا يزال بناء الاتحاد المغاربي واردا رغم مرور عشرين عاما على تاسيسه ورغم تعثر كثير من خطوات البناء السابقة؟ ولم لا تبادر الجزائر والمغرب وجبهة البوليزاريو إلى ايجاد تسوية تحفظ ماء وجه الجميع لمعضلة النزاع الصحراوي الموروث عن مرحلة الحرب الباردة دوليا والذي لا يزال يمثل عائقا امام توحيد المنطقة المغاربية؟ وماهي الاسس التي ينبغي توفرها لانجاح مسيرة بناء الاتحاد المغاربي مجددا؟ وهل يمكن للازمة الاقتصادية الحالية التي تضررت منها كل الدول المغاربية أن تساعد على اعادة تفعيل المسار المغاربي بما في ذلك في ابعاده السياسية؟ هذه التساؤلات وغيرها كانت محور هذا اللقاء الصحفي مع السيد أحمد غزالي رئيس الحكومة الجزائرية الاسبق ووزير الخارجية قبل ذلك (في مرحلة تاسيس الاتحاد المغاربي) على هامش مشاركته في الندوة الدولية التي نظمتها جمعية الدراسات الدولية قبل ايام في تونس حول انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على المنطقة الاورو مغاربية: * السيد رئيس الحكومة.. .هل يمكن للازمة الاقتصادية الحالية التي تضررت منها الدول المغاربية النفطية وغير النفطية أن تساعد على اعادة تفعيل المسار المغاربي؟ - بالفعل رب ضارة نافعة.. ومثلما ذكرت خلال مداخلاتي في الندوة العلمية المعمقة التي نظمتها جمعية دراسات دولية بحضور خبراء اوروبيين ومغاربيين والسيد الحبيب بن يحيى وزير الخارجية التونسي الاسبق والامين العام للاتحاد المغاربي فان الازمة الاقتصادية العالمية تسببت في خسائر قد تستفحل خلال المرحلة القادمة بالنسبة للدول النفطية وغير النفطية في المنطقة المغاربية واعتقد انها يمكن ان تكون عاملا لتشجيع القادة المغاربيين وممثلي المجتمع المدني المغاربي ليعملوا معا على احياء المشروع المغاربي الذي يتعثر منذ 1994 عندما فرض المغرب التاشيرة على الجزائريين واغلقت الجزائر الحدود مع المغرب.. لكن لا بد من توفر عنصر الثقة بين القادة والسياسيين هنا وهناك للتعجيل بتجسيم بناء المشروع المغاربي الكبير..الذي سيؤدي تفعيله الى ترفيع قيمة المبادلات التجارية المغاربية من 3 الى ما لايقل عن 30 بالمائة وزيادة الصادرات المغاربية الى الاتحاد الاوروبي من حوالي 60 مليار أورو حاليا الى ما لايقل عن 300 مليار أورو.. فتح الحدود بين الجزائر والمغرب * ومتى تفتح الجزائر حدودها مع المغرب وتساهم في معالجة النزاع الصحراوي الذي ورثته المنطقة عن مرحلة الحرب الباردة ولم يعد له أي مبرر اليوم وهو يعطل حاليا المسيرة المغاربية؟ - شخصيا اتمنى ان يسوى النزاع الصحراوي قريبا وان تفتح الحدود بيننا وبين الشقيقة المغرب خدمة لمصالح شعبينا.. ومصالح المنطقة المغاربية.. واتمنى ان يسوى النزاع الصحراوي قريبا خدمة لمصالح الشعوب في الجزائر والمغرب والصحراء الغربية.. لكنني بصراحة اعتبر ان العامل الاهم هو عنصر الثقة.. بدون ثقة متبادلة ستبرز مشاكل جديدة وسيبقى المشروع المغاربي متعطلا ولو بعد حسم الملف الصحراوي الا اذا طوينا جميعا مرحلة الماضي وبنينا علاقات جديدة اساسها الصلب الاول الثقة المتبادلة.. التشخيص السليم * بصراحة الا تعتبر ان الاتحاد المغاربي مشروع ميت منذ 1994 وهل لا يزال بناء الاتحاد المغاربي واردا رغم مرور عشرين عاما على تاسيسه وتعثر كثير من خطوات البناء السابقة؟ - المشروع المغاربي لم يمت.. وبناء الاتحاد المغاربي مطلب شعبي حوله اجماع منذ اكثر من قرن.. والخطوات التي قطعت منذ قمة زيرالدة في الجزائر في جوان 1988 ثم القمة التاسيسية للاتحاد المغاربي في مراكش 1989 وما تلاها من قمم ومؤتمرات في تونس وليبيا ومويتانيا مهمة جدا.. وقد كنت في تلك الفترة وزيرا للخارجية ثم رئيسا للحكومة واعتقد ان الارادة السياسية كانت موجودة وان التجاوب مع العواطف الوحدوية المغاربية كان حقيقيا.. لكن المشروع المغاربي يتعثر رغم اهمية ما تحقق في عدة مجالات لاننا اسسنا الاتحاد المغاربي على عواطف وشعارات ونصوص قانونية وبيانات سياسية جميلة ولكننا لم نضع الاسس الصلبة لانجاح المشروع الجديد.. * ماهي هذه الاسس؟ - الأسس كثيرة ومن أهمها عنصر الثقة السياسية المتبادلة وتقديم المصالح المشتركة على المصالح الضيقة وبناء مؤسسات ديمقراطية تراقب انجاز الاتحاد المغاربي وتضمن شفافية المسار من بينها المؤسسة القضائية الاعلامية البرلمانية.. والاهم هو بناء مؤسسات اقتصادية ومالية مشتركة وتجسيم القرارات الاقتصادية والسياسية التي اتفقنا عليها منذ قمتي تونسوالجزائر 1990.. مع التدرج في تجسيم المنطقة الحرة الاقتصادية وتحرير التجارة البينية.. والاستفادة من المسار العقلاني الاقتصادي الذي اتبعته اوروبا ما بين 1958 واواسط التسعينات من القرن الماضي.. لان الارتجال السياسي اثبت فشله مرارا في تجسيم المشاريع الوحدوية العربية ولن يفيد كثيرا المشروع الوحدوي المغاربي.. نحن منطقة بها حاليا حوالي 90 مليون ساكن لها مستقبل كبير اذا وظفنا قدراتنا الاقتصادية والبشرية الهائلة.. واوروبا تنتظر تقاربنا الاقتصادي بدورها لانه سيخدم اقتصادها ومصالحها مثلما سيخدم مصالح الاجيال القادمة من المغاربيين.