يوم 5 سبتمبر 2006 ، في فندق هيلتون بواشطن، وضمن إحياء ذكرى أحداث 11 سبتمبر 2001 ، تحدث الرئيس الأمريكي «جورج دبليو بوش» عمّا يعتبره «حرب على الارهاب في الشرق الأوسط الكبير الواسع؟» وتعهد بمنع قيام «خلافة إسلامية» تبدأ من العراق وتضم كلاّ من حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين .. والأهم، حسب رأيه طبعا، هو : أن الحرب التي تخوضها الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم هي، حرب عالمية ثالثة ضدّ «الفاشية الإسلامية» في «الشرق الأوسط الكبير الواسع» واعتبر أن التطرّف ملتصق بالمسلمين كافة مهما اختلفت مذاهبهم ومللهم، سواء كانوا سنّة أو شيعة .. وكان هذا الخطاب «العظيم؟» قد ألقي بحضور شخصيات سياسية وعسكرية وسفراء منهم العرب أيضا .. وشدد في هذه التصريحات أن «السنّة» هم الذين نفذوا تفجيرات 11 سبتمبر وذلك لإقامة امبراطورية اسلامية وفرضها على المسلمين و «العالم الحرّ».. قديما، كنا نجابه، عند سماعنا، مثل هذه المواقف بأنها «زلة لسان» .. ورغم تكرار هذه الزلات اللسانية وانتقال عدواها بين «زعماء الغرب» بدءا من «مارغريت تاتشر»البريطانية و «برلسكوني» الإيطالي وغيرهما من الساسة الى «فوكوياما» و «هنتغتون» و «لويس برنار» الذي يؤكد أن التطرف ليس في «الاصولية» بل في الاسلام نفسه لكن الذي أكد هذا كله هو : البابا «بينيدكت السادس عشر» الذي تهجم على الاسلام والنبي ّ محمد (صلى الله عليه والسلم) .. إذ رأى في الدين الإسلامي دين عنف وتطرف واستشهد بفقرة من حوار دار بين مثقف فارسي و «مانويل الثاني» الأمبراطور البيزنطي في القرن الرابع عشر للميلاد والذي قال فيه : «أرني ما الجديد الذي جاء به محمد .. لن تجد إلا أشياء شرّيرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف...»، كما اتهم الاسلام بالابتعاد عن العقل ... وهنا لا بدّ أن نشير الى أن صاحب هذا الموقف هو «أمير الكنيسة الكاتوليكية» ولذلك يكون الخطر .. فقد تقبل «زلة اللسان» من غيره، أما هو، فلا يمكن ذلك .. وقد وضع البابا بهذا التصريح العلاقة بين المؤمنين بعقيدتي الاسلام والمسيحية غير مستقرة، كما نسف الحوار بين الديانتين وأربك الساعين الى المصالحة بين الديانتين .. ورغم ردود الفعل الاسلامية إلا أن الأحرار في الغرب من المسيحيين انحازوا الى الحق وصدعوا به . في الولاياتالمتحدةالأمريكية وجهت صحيفة «نيورك تايمز» اللوم الى البابا، وطالبته بالاعتذار للعالم الاسلامي، وذكرت أنها ليست للمرة الأولى التي يسيء فيها للإسلام. وفي سويسرا، كانت صحيفة «بازلرتسايتونغ» أكثر صدقا في تناولها موضوع البابا .. إذ ذكرت أن هذه التصريحات لم تكن «اعتباطية» بل إن صاحبها كان واعيا بنتائجها إلا أنه كان، بذلك، يمهد للحوار الإسلامي المسيحي والذي يراه أن يتم في ظل مناخ «استغلاء المسيحية على الاسلام».. وأبرز أن ذلك سوف يكون جميلا بالنسبة للمسيحيين لكن الخطأ الفادح بالنسبة للعلاقات بين الأديان .. وفي فرنسا، رأت صحيفة «لومند» أن تصريحات البابا حول العقيدة الاسلامية تمثل خطأ فادحا .. وهو يمثل استقزازا لمئات الملايين من المسلمين. هذه المواقف والتصريحات التي تضاف الى واقع بائس متصف بالحقد والبغضاء : احتلال ومقاومة في إفغانستان واحتلال ومقاومة في العراق وتصدي وصمود من طرف المقاومة في لبنان للآلة العسكرية الصهيونية ونفس الوضع في فلسطين ... كل هذا يجعلنا نقر ما قيل أنه «زلة لسان» من طرف الرئيس الأمريكي، أننا نعيش مرحلة من (الحروب الصليبية) أو للرد على هؤلاء أن الإسلام تشوبه بعض «التهم» كما يزعمون نريد تسجيل ما يلي: عقلانية الدين الإسلامي، فالرأي الذي يروّجه المتعصبون من المسيحيين أن الاسلام عقيدة بعيدة عن العقل وهذا ما تفيده الشريعة الاسلامية .. فالاسلام كرم العلماء وذكروا في القرآن الكريم وفي السنة.. والرسول (صلى الله عليه وسلم) يروي عنه أنه قال : «العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء لا يورثون درهما ولا دينارا ، إنما يورثون العلم» وحث الاسلام على طلب العلم من المهد الى اللحد .. الخ كما أن الحضارة الاسلامية أنجبت عديد العلماء الذين استفاد منهم الغرب .. وكانت الأندلس بوابة العلم لأوروبا التي كانت أيامها غارقة في ظلمات الجهل .. التطرّف : يعتبر الغرب المسيحي أن الاسلام يشجع على التطرف وكأنها سمة يختص بها الإسلام، وهو ما يجانب الحقيقة .. فالتطرف سلوك اجتماعي يرتبط بالسياسة كما بالدين والعرق والوطن والقبيلة .. والإسلام مثل كل الأديان، يوجد من بين معتنقيه من كان متطرفا .. وهذا ما يمكن أن يكون بالنسبة لمن يتعصب لدين آخر أو قبيلة أو وطن أو حزب ..الخ .. الإسلام دين حرب وانتشر بحدّ السيف وكأن المسيحية قد انتشرت من «بيت لحم» الى كامل أوروبا ومصر وافريقيا الى حدّ أثيوبيا وغيرها، كان (بدون سيف ؟؟) فالغرب ينشر المسيحية في افريقيا وآسيا وغيرها من القارات بالسيف أثناء الامبراطورية البيزنطية وبالمدفع وكل أنواع اسلحة الدمار الى اليوم.. لهذا كان موقف البابا نابعا من ترسبات الحروب الصليبية ولا غرابة في ذلك لأنه كان ينتمي للشبيبة النازية وعمل في جيش هتلر وكان الأَوْلَى بالبابا بينيدكت أن ينشر الحوار بين الأديان لا أن يطلق التصريحات التي تؤجج الحقد والبغضاء بين الأديان.. ولا نجد تفسيرا للتصريحات المتتالية لقادة الغرب إلا اعتقد اهم بالتعجيل ب «هرمجدون».. و (هرمجدون) نسبة الى «مجدّو» وهو سهل يقع بين الضفة الغربية والجليل .. وهناك في الولاياتالمتحدةالأمريكية توجد فرقة من المسيحية الإنجيلية تؤمن بأن المسيح سيعود آخر الزمان، ولها كنيسة عرفت بالكنيسة التدبيرية أي كل شيء مدبّر وفق خطة مبرمجة شاملة حسب تعبير محمد السمّاك.. ولعودة المسيح ثانية يشترط قيام دولة صهيون وتجمع كل اليهود في العالم ، ومن شروطها ايضا امتلاك أسلحة الدمار، استعدادا لمعركة رهيبة تقع في منطقة الشرق الأوسط ، يذهب ضحيتها عدد كبير من اليهود ثم ينزل المسيح ويملأ الكون عدلا ويحكم العالم لمدة ألف عام .. وقادة الغرب بدأ من «ريغن» وبوش الأب وبوش دبليو بوش يعلمون على التعجيل بمعركة «هرمجدون» وورد في كتاب «الصهيونية المسيحية» لصاحبه محمد السماك ، ان سيناريو «هرمجدون» الذي رسمه «ليندسي» يتمثل في : قيام اسرائيل. عودة اليهود من الشتات الى أرض الميعاد.. إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى. تعرض اسرائيل الى هجوم كبير من الكفار (أي المسلمين) . قيام دكتاتور يكون أسوأ من هتلر أو ستالين أو ماوتسي تونغ يتزعم القوات المهاجمة. خضوع معظم العالم لهذا الدكتاتور. تحول 144 ألف يهودي الى المسيحية لينشروا المسيحيةالأنجيلية.. وقوع معركة «هرمجدون» النووية فتسبب كارثة. نجاة المؤمنين بولادة المسيح الثانية (أي العودة) بينما يموت بقية البشر.. يحدث ذلك في غفلة. نزول المسيح والمؤمنين به بعد سبعة أيام الى الأرض . حكم المسيح للعالم لمدة ألف عام بالعدل والمساواة حتى تقوم الساعة.. تلك هي العقيدة التي من أجلها يطلق البابا التصريحات العدائية للإسلام وتناحز الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا لإسرائيل.