تونس - الصباح: العلاقة بين الإدارة والمواطن.. بالرغم من أنها بالأساس علاقة مصالح وإسداء خدمات ،فإنها كانت وما تزال علاقة تضاد يسودها التوتر أكثر من التعامل الحضاري الرصين. فالمواطن يكون في حالة توتّر طبيعي بمجرد دخوله لإحدى الإدارات والسبب نفسي بالأساس،فبمجرد أن تكون له مصلحة إدارية يشعر المواطن بأنه سيعطل مصالحه وأن العون الإداري لن يستقبله كما يجب وأن ما جاء من أجله لن يحصل عليه اليوم بل سيتم تسويفه ومطالبته بالرجوع في يوم آخر ومطالبته بالاستظهار بجملة من الوثائق والأوراق وغيرها من الإجراءات التي تبدو للموظف والإدارة طبيعية وتبدو للمواطن غير عادية. كما أن الموظّف - وإن كانت عاداته السيئة عديدة واجتهاداته مجانية ومضحكة أحيانا - يشتكي من تصرّفات المواطن في الإدارة ومن فقدانه للصبر ورفضه للإنتظار رغم تنظيم الإجراءات عبر تذاكر الأولوية وكذلك من تعرضه للعنف المادي واللفظي من قبل بعض المواطنين داخل الإدارة.. . هذا الوضع والحاجة الى إحلال الثقة بين المواطن والإدارة ومن أجل تكريس واجب المواطنة والحسّ المدني لدى المواطن والموظف على حدّ السواء،وحتى تكون العلاقة بين الإدارة والمواطن أكثر عمقا وحميمية،أساسها الإحترام المتبادل وخدمة المواطن بالدرجة الأولى وضمان حرمة وكرامة الموظف في الجهة المقابلة،بادرت الوزارة الأولى عديد المرّات بحث ودعوة الوزارات والمصالح الإدارية لفرض بعض الاجراءات وتفعيل أخرى لتكريس الجودة في الخدمات الإدارية وتحسيس جميع الأطراف بحسن التعامل ومرونته وتسهيل مصالح المواطن والارتقاء وتطوير جودة الخدمات بالمصالح الإدارية العمومية مثلما تم التنصيص عليها وضبط توجهاتها الكبرى بمنشور الوزير الأول عدد 60 الصادر بتاريخ 29 ديسمبر 2005 . وتفاعلت الوزارات مع ذلك ودعت مصالحها والإدارات التابعة لها إلى ضمان تفعيل عديد الإجراءات الهادفة إلى تمتين العلاقة مع المواطن وتجاوز الاخلالات والحرص على الجودة وخدمة المواطن والقبول الحسن وحسن الهندام وغيرها من الاجراءات التي تدخل جميعها في خانة الاصلاح الإداري. إجراءات لتحسين الجودة ومن بين الإجراءات التي تمّ إتخاذها ضرورة حمل شارة الهوية لكل الموظفين وتركيز علامات الاستدلال والإرشاد الخاصة بمختلف مصالح الإدارة سواء في مداخل مقراّتها أوكذلك في الطوابق والممرات حتى يسهل للمواطن بلوغ حاجته والاتجاه مباشرة للمصلحة أو للمكتب الذي يحتاجه.هذا الى جانب التأكيد على ضرورة تعليق وثيقة ميثاق " الالتزام بخدمة المواطن" في مكان بارز من الإدارة، ودعوة بعض أصناف الأعوان والعملة - مثل أعوان الاستقبال والتنظيف والحراسة إلى ارتداء لباس الشغل الخاص بهم، مع الحرص على حسن الهندام واللباس اللائق لكل الإطارات والأعوان . وتم كذلك التأكيد على تهيئة مكاتب الاستقبال والانتظار الخاصة بالزوار والمتعاملين مع الإدارة.وضرورة توفير وتهيئة المداخل والممرات الخاصة بالمعوقين. كما أكدت بعض المناشير الصادرة عن الوزارات على وجوبية الرد على المراسلات الموجهة للإدارة من المتعاملين معها وأصحاب المصالح من المواطنين بما في ذلك المراسلات الالكترونية حتى يكون المواطن على علم بمآل ملفاته وشكاويه وحاجياته.مع ضرورة تحيين مواقع الواب الخاصة بالإدارات والمؤسسات العمومية حتى تكون المعلومة في هذه المواقع محينة وتكون هذه المواقع وسيلة إتصال وبوابة ترابط بين الإدارة والمواطن. تفعيل القرارات لكن ورغم هذا الاهتمام ورغم الحرص على حسن التنظيم الإداري والجودة ،فإن بعض هذه القرارات لا تطبق وفي أحسن الحالات تنفذ لفترة زمنية معينة ليتم تجاهلها سريعا . والمطلوب مجهود أكبر من مصالح التفقد داخل الوزارات والأدارات من اجل فرض إحترام هذه الترتيبات وتفعيل الإجراءات ومراقبة الإخلالات الممكنة ورفع تقارير في الغرض إلى المصالح المعنية وذلك لضمان الجودة وتوفير أرقى ما يمكن من الخدمات الإدارية للمواطن وتطوير التعامل معه وتسهيل شؤونه الإدارية. كما يجب إحياء دور وخطة المواطن الرقيب، الذي لم نعد نسمع عنه وعن تقاريره والذي ساهم في وقت من الأوقات في تحسين دور الإدارة وتمتين العلاقة بينها وبين المواطن وضمان الجودة.