الضغوطات النفسية داخل مواقع العمل سبب من أسباب كثرة الغيابات المهنية قمرت الصباح: «الصحة والحياة في العمل من الحقوق الأساسية للانسان» تحت هذا الشعار نظمت وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج أمس يوما وطنيا وعالميا للصحة والسلامة المهنية تم التطرق خلاله الى مسألة تنظيم العمل وآثاره على الصحة الجسمية والنفسية للعمال والتصرف في الاخطار المهنية وأهميته في تحقيق جودة الحياة في العمل الى جانب استعراض فحوى البرنامج الوطني للتصرف في الأخطار المهنية ودوره في النهوض بالصحة المهنية وفي تحسين ظروف العمل.. وللاشارة فإن صياغة هذا البرنامج تقوم على أساس تحليل عميق للوضع الحالي للاخطار المهنية ويتضمن أهدافا ومؤشرات وآليات وبرامج من شأنها ان تساعد على توفير محيط عمل صحي وسليم وآمن. وتمت الاشارة خلال هذا الملتقى الى أنه تم اعداد هذا البرنامج الوطني الذي يمتد من سنة 2009 الى 2011 بعد التشاور مع مختلف الهياكل المعنية والمنظمات المهنية.. وقد تم الانتهاء من ضبط محاوره التي تتمثل في النهوض بالصحة المهنية والنهوض بالسلامة المهنية داخل المؤسسات والتقليص من حوادث الشغل خاصة منها الحوادث القاتلة والخطيرة بهدف الترفيع في نسبة التغطية الطبية الى 60% من مجموع اليد العاملة الخاضعة لمجلة الشغل. وحول هذا البرنامج تحدث السيد علي الشاوش وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج خلال افتتاحه هذا الملتقى المنتظم بقمرت بحضور مئات المشاركين، وقال ان الهياكل المختصة بوزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج شرعت في تحليل عميق للوضع الحالي من خلال جملة من البحوث العلمية والتطبيقية والقيام بمسح ميداني لأهم الأخطار المهنية شمل في مرحلة أولى عددا من المؤسسات بولاية بن عروس على أن يتم تعميمه لاحقا على بقية الجهات.. وبين الوزير ان انجاز محاور هذا البرنامج لا يتوقف على هياكل الدولة فحسب، بل يستدعي كذلك انخراط المنظمات المهنية ومشاركة الخبراء والمتدخلين في مجال الصحة والسلامة المهنية من مؤسسات وجمعيات.. ودعا الوزير مختلف اطراف الانتاج للنهوض بالصحة والسلامة المهنية وتحسين ظروف العمل والسعي الدائم الى تحسين هياكل الوقاية داخل المؤسسات من مجامع ومصالح طبية للشغل ولجان الصحة والسلامة المهنية ووظيفة مسؤول السلامة المهنية.. وذكر الوزير أن تونس حققت تقدما في مجال الصحة والسلامة المهنية ولكن «لاتزال نسبة الحوادث القاتلة بأماكن العمل وما نشاهده من تفاوت كبير لمؤشرات تواتر حوادث الشغل بين مختلف القطاعات مصدر انشغال خاصة أن هناك فئات من العمال مستهدفة أكثر من غيرها للأخطار المهنية وأن المؤسسات الصغرى والمتوسطة هي التي تتكبد أكثر من غيرها خسائر بشرية ومادية نتيجة عدم قدرتها على تنفيذ برامج وقائية.. أرقام مفزعة حول حوادث الشغل في نفس السياق تحدث السيد محمد الشابي ممثل الاتحاد العام التونسي للشغل، وقال انه يقع تسجيل ارقام مفزعة تتعلق بحوادث الشغل والامراض المهنية الأمر الذي يطرح عدة تساؤلات مثل: الى أي مدى تم التقليص من الحوادث؟ وكيف يتم التنسيق بين وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج والمجتمع المدني للحد من هذه المعضلة؟ وبين الشابي أن مسألة الصحة والسلامة المهنية تهم كل الاطراف ومن واجب الجميع بذل جهود للحد من الحوادث والامراض المهنية. من جهته قال السيد محمد بن سدرين ممثل منظمة الاعراف ان مكتب العمل الدولي يسجل سنويا أرقاما مفزعة حول حوادث الشغل.. منها 6000 شخص يموتون يوميا في العالم نتيجة تلك الحوادث وتسجيل مليوني حالة وفاة سنويا جراء حوادث الشغل.. وبيّن بن سدرين انه من الواجب احترام التشريع الدولي، وأضاف أن التقدم ساهم في تحقيق الرفاهية لكنه ولّد أخطارا هامة مثل الكيمياويات والذبذبات والأشعة وذكر أنه يجب تحسين مستوى الوقاية وتدعيم السلامة المهنية لتكريس حق الصحة والحياة في العمل.. وفي نفس الاطار بين السيد كلود دونالد لوازال ممثل مكتب العمل الدولي أن ظروف العمل يجب أن تكون مناسبة للعامل قصد المحافظة على صحته النفسية والجسدية.. الصحة.. والحياة بين السيد الناصر الغربي الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض أن الشعار الذي وضع للاحتفال باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية وهو الصحة والحياة في العمل من الحقوق الاساسية للانسان هو تذكير وتأكيد لمحتوى الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي تضمن أن لكل فرد الحق في الحياة وفي العمل بشروط عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بكرامة الانسان والحق في المحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته غير أنه وان كان حق الانسان في العمل محور نقاش وتباين بين الاقتصاديين فان للعامل والموظف حق في بيئة عمل صحية هو حق انساني غير قابل للجدل.. وذكر أن هذا اليوم هو مناسبة للتفكير معا في السبل الكفيلة بالحد من الحوادث المهنية لأن الجميع مسؤولون عن هذه الحوادث.. وقال «فإن كنا أصحاب عمل فاننا مطالبون بتوفير كل ظروف الصحة والسلامة المهنية لعمالنا.. وان كنا عمالا فمن واجبنا احترام تطبيق مقتضيات السلامة.. أو كنا مختصين في الصحة والسلامة المهنية فمن واجبنا تقديم النصح والارشاد وتشخيص المخاطر المهنية وايجاد الحلول لها.. وان كنا منظمات اعراف أو منظمات عمال فمن واجبنا حثّ أطراف الانتاج على مزيد العمل للنهوض بجانب الصحة والسلامة المهنية عن طريق ادماج الوقاية ضمن عملية الانتاج وتكوين ورسكلة العمال للتوقي من المخاطر المهنية. وبين أن الدولة مسؤولة على التشاريع ومراقبة تطبيقها ووضع برامج للحد من الاخطار المهنية. وفي نفس الصدد أكد الدكتور علي رجب مدير تفقد طب الشغل والسلامة المهنية على أهمية العمل كل من موقعه للحد من تلك الحوادث.. وتم خلال الملتقى تقديم محاضرة علمية حول تنظيم العمل وآثاره على الصحة الجسمية والنفسية للعمال من قبل السيدة رياض الزغل المستشارة بمجلس المستشارين والأستاذة الجامعية في علوم التصرف تطرقت خلالها الى الصعوبات التي يعترضها العامل في المؤسسة والتي تتسبب في شعوره بعدم الراحة وكثرة الغيابات المهنية وافتعال المرض والحوادث المهنية.. وركزت المستشارة على معضلة الضغط النفسي الذي يعاني منه العامل جراء عدم توفر ظروف مريحة في وسطه المهني.. وفي محاضرة أخرى أكد الدكتور آلان كنتنو الخبير الدولي في مجال الصحة والسلامة المهنية والاستاذ بكلية الطب بسترازبورغ بفرنسا على أن حسن التصرف في الاخطار المهنية له أهمية كبرى في تحقيق جودة الحياة في العمل.