يتنزل الاحتفال الوطني والعالمي بالصحة والسلامة المهنية الذي يوافق يوم 28 افريل، هذه السنة مع الشروع في تنفيذ البرنامج الوطني للتصرف في الأخطار المهنية الذي تم الاعلان عنه في غرة ماي 2008 وضمن هذه الاحتفالية نظمت وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج ندوة وطنية تحت شعار «الصحة والحياة في العمل من الحقوق الاساسية للانسان»، افتتح فعالياتها بأحد نزل الضاحية الشمالية السيد علي الشاوش وزير الشؤون الاجتماعية وحضرها ممثلون عن المنظمات المهنية وممثل عن مكتب العمل الدولي، كما حضرها الاخ محمد الشابي ممثلا عن الاتحاد العام التونسي للشغل. الحد من حوادث الشغل ضمن فعاليات افتتاح هذه الندوة الوطنية التي ينبثق شعارها من أجندا منظمة العمل الدولية والتي تحث البلدان على وضع استراتيجيات للتحكم في الأخطار المهنية داخل المؤسسات، ضمن هذا الاطار أكد الدكتور علي رجب مدير تفقد طب الشغل والسلامة المهنية مزيد التغطية الصحية الوقائية للعمال التابعين للمؤسسات الصناعية والتجارية والفلاحية كافة ومزيد النهوض بالحوار وتعزيز آليات التفقد والمساعدة الطبية والفنية، كما أبرز الاخ محمد الشابي الكاتب العام للاتحاد الجهوي بأريانة وممثل الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه الندوة مخلفات العولمة من اختلالات اجتماعية وما ستخلفه الأزمة المالية من تفاقم البطالة والمسرحين مؤكدا حتمية الربط بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحقوق الاساسية للإنسان وتعزيز دور المجتمع المدني في مقاومة الآثار السلبية للعولمة والاقتصاد الحر وتدعيم مبادئ العدل والمساواة والكرامة والصحة للعمال، مشيرا الى الأرقام المفزعة لحوادث الشغل في بلادنا رغم بعث وهيكلة المؤسسات واصدار الأوامر والقرارات المتعلقة بالصحة والسلامة المهنية. أما السيد علي الشاوش وزير الشؤون الاجتماعية فقد أبرز في كلمته الافتتاحية ارتفاع نسبة تغطية اليد العاملة في مجال طب الشغل من 15 بالمائة سنة 1988 الى 40 بالمائة سنة 2008 (قرابة 630 ألف عامل) مشيرا الى ملائمة مجهودات الدولة في هذا المجال مع الاتفاقية عدد 153 حول سلامة وصحة العمال ايمانا بأن استقرار المؤسسة وازدهارها لا يتأتى الا من استقرار عمالها مشيرا الى المناخ السليم الذي تمت ضمنه المفاوضات الاجتماعية رغم تداعيات الازمة المالية، مبرزا ان المؤسسات الصغرى والمتوسطة هي التي تتكبد اكثر من غيرها الخسائر البشرية والمادية لعدم قدرتها على تنفيذ البرامج الوقائية. وقد أشار السيد علي الشاوش الى البرنامج الوطني 2009 / 2011 الذي سيُعنى بالنهوض بالصحة المهنية والنهوض بالسلامة المهنية والتقليص من حوادث الشغل، مؤكدا إلتزام الوزارة بتوفير الامكانيات المادية واللوجيستية اللازمة لإنجاح هذا البرنامج. 270 مليون حادث شغل السيد الناصر الغربي الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للتأمين على المرض أبرز في كلمته أن لكل فرد الحق في العمل بشروط عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته حياة لائقة بكرامة الكائن البشري مثلما جاء في ذلك في المادة 23 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان مذكرا بالمادة 25 من الاعلان ذاته الناصة على مسألة الصحة والسلامة المهنيةوالرفاهية للعامل ولأسرته وهي مسائل قال عنها السيد الناصر الغربي انها لا تقبل الجدل مذكرا بالأرقام المفزعة لحوادث الشغل التي تناهز 270 مليون حادث شغل في السنة مليونان منها قاتلة مشيرا الى ان الصندوق الوطني للتأمين على المرض (الكنام) بعث ادارة تهتم بالوقاية من الأخطار المهنية تضم 22 مهندسا في مختلف الاختصاصات، كما تم تركيز 3 خلايا جهوية بالشمال والوسط والجنوب للوقاية من الأخطار المهنية كما يقدم الصندوق حوافز مالية تشجيعا للوقاية عبر اسناد قروض ومنح استثمار لتمويل مشاريع الصحة والسلامة المهنية تبلغ 300 مليون وتخفيضات تصل 25 بالمائة من قيمة الاشتراكات بعنوان نظام حوادث الشغل والأمراض المهنية. أرقام ودلالات تطور عدد زيارات التفقد من 4905 سنة 1996 الى 11871 زيارة تفقد سنة 2008 كما تطورعدد مجامع طب الشغل بتونس من 17 في 1997 الى 22 مجمعا كما تضاعفت نسبة التغطية أكثر من 4 مرات في العشرية الأخيرة ويمارس حاليا 350 طبيب شغل مهامهم، كما شهدت حوادث الشغل انخفاضا خلال السنوات الاخيرة من قرابة 47 ألف حادث شغل سنة 2004 الى 45 الف سنة 2008 منها 200 حادث قاتل وتتمثل أهم أسباب الحوادث في سقوط الاشخاص والأشياء والتعرض للتيار الكهربائي والانحسار داخل الآلات والاختناق وحوادث الغرق خاصة للنشطين بقطاع الصيد البحري ومن اهم الامراض المهنية الاعتلالات العظمية العضلية والصمم المهني. محاضرات وورشات الندوة الوطنية شهدت محاضرة «جريئة» للسيدة رياض الزغل الاستاذة الجامعية في علوم التصرف والمستشارة بمجلس المستشارين التي كانت بعنوان «تنظيم العمل وآثاره على الصحة الجسمية والنفسية للعمال» أبرزت فيها ضرورة تحديث العلاقات الشغلية بين العمال والاعراف وجعلها أفقية تقوم على الاحترام والمحافظة على سلامة رأس المال الرمزي للبلاد، أي عمالها، أما المحاضرة الثانية للحصة الصباحية فهي بعنوان «التصرف في الأخطار المهنية وأهميته في تحقيق جودة الحياة في العمل» قدمها الدكتور ألان كنتنو وهو خبير دولي في الصحة والسلامة المهنية وأستاذ بكلية الطبّ بسترازبورغ بفرنسا، حيث ابرز من خلال المقارنات مع الاوضاع في الدول الاوروبية بالخصوص تطور وسائل الحماية والوقاية من المخاطر المهنية. ورشتا العمل في الحصة المسائية، كانت الأولى بعنوان البرنامج الوطني للتصرف في الأخطار المهنية ودوره في النهوض بالصحة المهنية مهّد لها الاستاذ الحبيب النوايقي المدير العام لمعهد الصحة والسلامة المهنية وتناولت الورشة الثانية البرنامج الوطني للتصرف في الاخطار المهنية ودوره في تحسين ظروف العمل مهّد لها الدكتور حليم الحمزاوي طبيب متفقد للشغل بإدارة تفقد طب الشغل والسلامة المهنية. واثر تلاوة التقرير الختامي شملت توصيات الندوة الوطنية بالخصوص الحرص على انجاح البرنامج الوطني للتصرف في الأخطار المهنية وتعزيز آليات التفقد والمساعدة الطبية والفنية والتثقيفية وتبادل الخطط والتجارب والبرامج الوقائية ودعم مجامع طب الشغل ومضاعفة الحملات التحسيسية.