تفيد معطيات الصندوق الوطني للتأمين على المرض أن وضع الصحة والسلامة المهنية في تونس يتطلب مزيدا من العمل للنهوض به من قبل كل الأطراف المتدخلة من عمال وأعراف ومنظمات.. إذ مازالت تسجل عديد الحوادث الخطيرة والقاتلة التي كان بالامكان تلافيها أو التقليص منها. ولعل اللافت للانتباه أن جل تلك الحواداث بدائية وناجمة عن هفوات بمعنى أنه كان بالامكان تجنبها باستعمال وسائل وقائية فردية بسيطة وغير مكلفة. وتشير معطيات الصندوق التي تم الكشف عنا بمناسبة اليوم الوطني والعالمي للصحة والسلامة المهنية أن حوادث الشغل والأمراض المهنية تسببت خلال سنة 2008 في ضياع مليون و104 آلاف يوم عمل.. وهي خسارة من الحجم الكبير رغم ما تم تسجيله من تراجع في عدد أيام العمل الضائعة إذ كان سنة 2007 في حدود مليون و120 ألفا و28 يوما وبذلك تم التقليص في عدد أيام العمل الضائعة بنسبة 1 فاصل 4 بالمائة. الوقاية من الأخطار المهنية وفي إطار ادارته لنظام جبر الأضرار الناجمة عن حوادث الشغل والأمراض المهنية يقوم الصندوق الوطني للتأمين على المرض بدور هام في مجال الوقاية من الأخطار المهنية، إذ تم بعث ادارة تعمل صلبه وتهتم بالوقاية من الأخطار المهنية وهي تضم 22 مهندسا في مختلف الاختصاصات وتم تكوينهم في مجال الصحة والسلامة المهنية.. كما تم تركيز ثلاث خلايا جهوية للوقاية من الأخطار المهنية بالشمال والوسط والجنوب لتقريب خدمات هذه الادارة من المؤسسات الاقتصادية.. ويذكر أن المهمة الأولى لمهندسي الوقاية بالصندوق الوطني للتأمين على المرض تتمثل في العمل الميداني والزيارات التفقدية اليومية للمؤسسات بهدف رصد المخاطر المهنية وتشخيصها وتقديم النصح والارشاد لأصحاب العمل حتى يتمكنوا من اتخاذ الاجراءات الضرورية للحد من هذه المخاطر.. كما أنهم يقومون بتحقيقات إثر حصول حوادث شغل قاتلة أو خطيرة أو التصريح بمرض مهني والهدف من ذلك هو معرفة أسباب هذه الحوادث ودعوة أصحاب العمل قصد القيام بالاجراءات الوقائية اللازمة لتفاديها مستقبلا. وبالاضافة إلى هذا العمل الميداني تقوم ادارة الوقاية بالصندوق الوطني للتأمين على المرض بإعداد وتحليل الاحصائيات المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية وهي احصائيات مهمة تساعد على فهم وضع الصحة والسلامة المهنية داخل المؤسسات وعلى توجيه العمل الوقائي واعداد برامج التدخل على المدى القصير والمدى المتوسط والمدى الطويل. قروض ومنح تشير معطيات الصندوق الوطني للتأمين على المرض إلى أنه وبالاضافة الى اضطلاع الصندوق بتقديم المساعدة الفنية للمؤسسات واعداد الاحصائيات المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية فإنه يساهم في تقديم حوافز مالية للمؤسسات لتشجيعها على الوقاية من الحوادث عبر اسناد قروض ومنح استثمار لتمويل مشاريع الصحة والسلامة المهنية... وتسند هذه القروض في حدود 300 ألف دينار بشروط ميسرة ويتم ارجاعها خلال عشر سنوات بما في ذلك مدة امهال خلال الثلاث سنوات الأولى. وبالاضافة الى ذلك يقدم الصندوق تخفيضات تصل الى حدود 25 بالمائة في قيمة الاشتراكات بعنوان نظام حوادث الشغل والأمراض المهنية للمؤسسات المتميزة بمجهوداتها في الحد من المخاطر المهنية ولكن عند اهمال صاحب العمل أو رفضه تطبيق الاجراءات الوقائية اللازمة يمكن للصندوق ان يلتجأ الى فرض زيادة في الاشتراكات بعنوان نظام حوادث الشغل والأمراض المهنية..