تونس الصباح: لا يختلف اثنان حول ثقل تمطط الاسبوع الدراسي في نظامنا التربوي سواء كان الانطباع صادرا من خارج وزارة الاشراف أو من داخلها.. من الأولياء والتلاميذ والمربين.. والأهم في نظرنا ان وزارة الاشراف أصبحت مدركة وواعية بهذا النسق الضاغط والخانق وتنكب منذ مطلع السنة الدراسية الحالية على دراسة هذا الوضع والتعمق في تشخيص تداعياته على التلميذ والحياة المدرسية برمتها والتشاور بشأن التصورات والمقترحات الكفيلة بتفعيل الزمن المدرسي واحكام توظيفه في التعلم وفي ممارسة النشاط الابداعي والترفيهي والرياضي.. إن المطلع على جداول الأوقات الاسبوعية في مختلف مراحل الدراسة يدرك مدى ضغوطاتها جراء تراكم ساعات الدروس المتلاحقة الموزعة على مختلف أجزاء النهار ليتواصل ماراطونها خارج المدرسة مع حصص الدروس الخصوصية.. وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد في ظل مطالبة التلميذ بالمراجعة وانجاز الفروض أو العمل المنزلي.. واستنادا الى لغة الأرقام المقارنة التي توفرت لدى وزارة التربية والتكوين يتبين بأن معدل ساعات الدراسة الاسبوعية في المرحلة الثاونية على سبيل المثال تتراوح في معاهدنا بين 32 و36 ساعة... فيما لا يتجاوز المعدل الاسبوعي بالبلدان المتقدمة في مستوى الأنظمة التعليمية 22 ساعة وهو ما يجعل الفارق في حدود 10 ساعات.. والملاحظة الملفتة للانتباه التي رصدتها الوزارة نفسها تتعلق بالايقاع اليومي للساعات المتميز بنسقه الطويل حيث يصل الى معدل 8 ساعات والحال أن المعدل الدولي لا يتحاوز 5 ساعات. وفي مقابل هذا الحجم الاسبوعي الضاغط والخانق الذي تنوء بحمله جداول الأوقات تعتبر السنة الدراسية في تونسالأقصر باحصاء 168 يوما موزعة على ثلاث ثلاثيات تتخللها هي الاخرى ثلاث فترات تتعطل فيها الدروس وتخصص لاجراء الفروض ثم اصلاحها.. هذا طبعا دون الحديث عن الغيابات الطارئة من جانب التلميذ أو المربي. وفي مقارنة الطابع «الحديث» لعامنا الدراسي يمتد معدل الموسم الدراسي بالبلدان الغربية الى 180 يوما ويصل في دول أخرى مثل الولاياتالمتحدةالامريكية الى 240 يوما بالتمام والكمال. ولعل المعطى البارز والأهم الذي تكاد تنفرد به المدرسة التونسية مقارنة بغيرها يكمن في الاتجاه التصاعدي لنسق ساعات الدرس من الابتدائي الى الثانوي باحصاء معدل 710 ساعات سنويا بالمرحلة الابتدائية مقابل 900 ساعة بالاعدادي ومثلها بالثانوي.. في وقت يفترض أن يسير هذا النسق في منحى تنازلي مع تخصيص حيز هام من الساعات في الابتدائي الى الأنشطة البيداغوجية المتنوعة المكملة للدرس والممارسة في إطار نواد.. الى جانب تمكين التلميذ في الاعدادي والثانوي من فرص أكبر للنشاط الفكري والبدني والابداعي خارج حدود حصة الدرس. هذه المؤشرات الرقمية الرسمية باعتبارها صادرة عن وزارة التربية تشكل منطلقا لاثراء التشاور بين مختلف الاطراف المعنية بالشأن التربوي صلب لجنة التفكير المكلفة بتعميق الحوار حول الزمن المدرسي.. هذا الملف الذي يعد من أبرز الملفات المطروحة للدراسة صلب الوزارة في اتجاه التوصل الى التوازن المطلوب والنجاعة المثلى في توزيع ساعات الدرس لتحقيق الرفاه الدراسي في مختلف مراحل التعليم.