تونس الصباح: "نعيش حالة قلق وحيرة وعدم اطمئنان على مصير مؤسسات القطاع"، هكذا لخص السيد عبد اللطيف الخماسي رئيس غرفة التعليم العالي الخاص، موقفه من الوضع الراهن للقطاع والصعوبات التي تمر به. وقال الخماسي إن حالة القلق التي يمر بها أصحاب مؤسسات التعليم العالي الخاص، مبررها أمران أساسيان، أولهما عدم حصول مؤسسات القطاع على موافقة نهائية، أو قرار رسمي من قبل وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا على مشاريع شهادات إجازات البحث والإجازات التطبيقية في إطار منظومة "أمد". مبينا أن جميع مؤسسات القطاع شرعت منذ السنة الماضية في ملاءمة شهاداتها مع المنظومة الجديدة، ولبت جميع الشروط والمقاييس اللازمة حسب ما نصت عليه توصيات اللجان القطاعية للإجازات التي تنظر في صحة مشاريع وبرامج الاختصاصات الجامعية مع المنظومة الجديدة. وأضاف أن بعض المؤسسات تستعد هذه السنة لتخرج دفعة أولى من الطلبة المسجلين في إطار الإجازات التطبيقية وإجازات البحث، لكنها متخوفة من عدم تحصل هؤلاء الخريجين على المعادلة القانونية لشهاداتهم نظرا لعدم توفر سند قانوني يعترف بتلك الشهادات. وأوضح أن شهادات الأستاذية كانت تستند سابقا إلى تراخيص قانونية من قبل سلطة الإشراف، وهو ما يلزم في الوقت الراهن حتى تكون شهادات الإجازة المسندة من قبل مؤسسات القطاع قانونية. أما الأمر الثاني الذي يقلق أصحاب مؤسسات التعليم العالي الخاص فهي تتعلق بتطبيق مضمون الفصل 2 (الجديد) من قانون التعليم العالي عدد 59 المؤرّخ في 04/08/2008، الذي ينص على أن يتم إحداث المؤسّسات الخاصة للتعليم العالي إما في شكل كليّات أو معاهد عليا أو مدارس عليا، وهو السبب الذي تم بمقتضاه مطالبة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا أصحاب الجامعات الخاصة بتسوية وضعيّة مؤسّساتهم عبر وجوب تغيير تسميتها. ومصدر قلق أصحاب مؤسسات التعليم العالي الخاص أن هذا الأمر يعني "التخلي عن مؤسسات القطاع، وغلقها، والانطلاق من جديد لبعث مؤسّسة جديدة تحت اسم جديد لاسداء تعليم عال في اختصاصات محدودة". يذكر أن الغرفة كانت قد وجهت منذ جانفي الماضي رسالة إلى وزير التعليم العالي تعرب من خلالها عن قلقها من تبعات تطبيق الفصل المذكور وضرره البالغ على سير مؤسسات القطاع. وبررت الغرفة هذا القلق انه "عند بعث هذه الجامعات، بداية من تشريع نشاطها أي منذ ما يقارب 9 سنوات، شرعت في التعريف بنشاطاتها العلميّة والتكوينيّة تحت اسم رامز لمهامها وعلى أساسه أسندت لها الرخص القانونيّة التي تخوّل لها القيام بمهامها، وهذا التعريف قد تم ولا يزال على نطاق واسع عبر مختلف وسائل الإعلام، وطنيّا ودوليّا، الأمر الذي كلف الباعثين، تضحيات ماديّة جسيمة تقدّر بمئات الآلاف من الدنانير". ودائما حسب غرفة التعليم العالي الخاص فإن توقيت تطبيق مضمون الفصل يأتي في ظل تحديات مختلفة تواجه مؤسسات القطاع وخاصة تغيير تسميتها وهي التي" بدأت تودّع شيئا من أزمتها الماليّة التي طال أمدها وتدخل في مرحلة استرجاع البعض مما ضحّت به من أموال، آملة في توطيد عملها على أسس تسمح لها بالدخول في مرحلة الاكتفاء الذاتي". ويضيف رئيس الغرفة في السياق ذاته أن "انطلاق التعليم العالي الخاص كان صعبا لقلة الإقبال عليه، وبفضل تعدد الاختصاصات واتساع التعريف بها تمكنت المؤسّسات من العمل باحتشام وأخذت طريقها في النموّ شيئا فشيئا الأمر الذي حدّ من خسائرها الجسيمة". وأكد أن " هذا النمو النسبي لا يعقل حصر نشاطه في اختصاص واحد معيّن، أو في مجموعة من اختصاصات متجانسة غامضة في مفهوم تجانسها". وتضيف الغرفة أن "كل اختصاص تؤمّنه هذه المؤسّسات هو جزء لا يتجزأ من أصلها التجاري" لا يعقل أن تفرط فيه مجانا، على اعتبار أن مؤسّسات التعليم العالي الخاص تم بعثها في شكل شركات خفيّة الاسم تحمل اسما مسجّلا بالسّجل التجاري على غرار المؤسّسات التجاريّة وبصفتها تلك "تعتبر أصولا تجاريّة استغلت لفترة قاربت من العقد من الزمن، علما وأن الأصول التجاريّة تباع وتشترى وتنقل بأثمان باهظة". وفي ما يتعلق بالترفيع، في حدود مليوني دينار، في رأس مال مؤسّسة التعليم العالي الخاص، اعتبرت الغرفة هذا الأمر ممكنا للباعثين الجدد "إذا انسوا في أنفسهم المقدرة". أما بالنسبة للموجودين على الساحة، الذين استثمروا وبعثوا مشاريعهم وفقا لقانون سنة 2000، وقد سدّدوا النصيب الاوفر مما على كاهلهم من قروض رغم ضعف الاقبال..وجدوا أنفسهم أمام عقبة أشدّ تأثيرا على مصير مستقبل مشاريعهم لسبب عجزهم على تلبية ما طلب منهم في شأن الترفيع من رأس المال". يذكر أن قطاع التعليم العالي الخاص يضم حاليا أكثر من 32 مؤسسة خاصة، تتوفر بها عديد الاختصاصات الجامعية، معظمها تم إدراجها في إطار منظومة "أمد".