حضر السيد رياض نعسان آغا وزير الثقافة في الجمهورية العربية السورية المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتنوع الثقافي الذي انعقد مؤخرا بالقيروان وكان ترأس الجلسة العامة الثانية التي خصصت لتقييم وضعية حوار الحضارت والتنوع الثقافي. الصباح التقت السيد رياض نعسان آغا الذي يعتبر رجل إعلام بالأساس وله في رصيده مجموعة كبيرة من البرامج التلفزيونية و هو أيضا كاتب سيناريو لأفلام ومسلسلات للتلفزة قبل أن ينضم إلى السلك الديبلوماسي ثم يمسك حقيبة الثقافة بالحكومة السورية . فكان معه هذا الحديث: * يعتبر المؤتمر الدولي بالقيروان حول حوار الحضارات و التنوع الثقافي حلقة أخرى تنضاف إلى مجموع المبادرات الدولية في نفس الإتجاه .هل بدا لكم أن مؤتمر القيروان قد حقق تقدما مقارنة بما حدث في مؤتمرات دولية مماثلة ؟ اعتقد ان الخطر الذي تتعرّض له مثل هذه المؤتمرات يتمثل في الغرق في الأمور الشكلية .لقد سألت في مقدمة تدخلي في الجلسة العامة الثانية عن من يحاور من؟ .هناك عديد الإشكاليات الحارقة ولنقل أن هناك مشكلة كبيرة في فهم الغرب للإسلام .هناك تهكم على هذه المنطقة من العالم .هناك من يقول أن ديننا يحث على العنف وأن الإرهاب وليد ثقافتنا .هناك من يشوه القرآن ويتهكم على رسول الإسلام و هناك خوف من الإسلام بأوروبا .هذه الأمور لا تناقشها مثل هذه الملتقيات . * كيف ينبغي إذن لمؤتمراتنا حول حوار الحضارات أن تكون؟ نريد ملتقيات حوارية تثقف الناس .ينبغي لنا أن نطرح مثلا كل الإشكاليات وخاصة نصلح ما يروج من أخطاء حولنا .نقول مثلا لمحاورينا أن الدين الإسلامي حفظ كل الديانات .حتى اليهودية حافظ عليها الإسلام .لم يهدم المسلمون لا كنائس ولا معابد .نقول أننا نحترم كل الأديان ولا نطالب بأكثر من حقنا في أن نحترم كما نحن و أن يقع احترام عقيدتنا .لا نطالب بأكثر من برنامج نووي سلمي .لكن عادة ما لا نقوم بذلك لأننا نريد دائما أن تنتهي جلسات مثل هذه المؤتمرات على خير . * نبه الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الذي شارك بدوره في مؤتمر القيروان بأنه لا بد من الفصل بين لقاء حواري و بين المباحثات السياسية .هل يمكن حقا أن نعزل السياسة عن مثل هذه المناسبات خاصة و أن مؤتمر القيروان شاركت فيه حوالي مائة شخصية سياسية سامية من بينها مثلا نائبة رئيس الجمهورية السورية السيدة نجاح العطار؟ السيد خاتمي حضر المؤتمر بصفته مفكرا وليس رجل سياسة . كلنا نشارك بصفتنا الفكرية .حتى حضوري الشخصي لا يتم بوصفي وزيرا للثقافة و إنما بصفتي الثقافية .السيدة نجاح العطار نائبة الرئيس امرأة ثقافة وفكر وشغلت لسنوات مسؤوليات في إطار الجمعيات والمنظمات المهتمة بدعم الحوار بين الثقافات .نحن في مؤتمر القيروان لسنا في مفاوضات مع الأوروبيين .لكن لا أرى ما يوجب عدم طرح مسائل تتعلق بتصحيح صورة المسلمين في الخارج .اتهم العرب والمسلمون مثلا بجريمة الحادي عشر من سبتمبر من سنة 2001 بالولاياتالمتحدة بدون حجج منطقية .أنا شخصيا لا أزال لا أصدق أن 11 سبتمبر من فعل من وقعت إدانتهم . نحن المثقفون مطبخ لاتخاذ القرار السياسي . * يوجه العرب والمسلمون اللوم دائما للغرب بسبب ما يوصف بخطابه المتعالي فيما يتعلق بالديمقراطية فهل تتحمل الانظمة العربية جزءا من المسؤولية؟ ليس من حق أحد أن يتهمنا بغياب الديمقراطية .هل تمارس الديمقراطية حقا بالولاياتالمتحدة؟ .إن الحاكم الحقيقي هناك اللوبيات والمصالح .أطفال غزة يموتون .فأين ذلك العالم الذي يتبجح بالديمقراطية و احترام حقوق الإنسان . وعندما نتحدث نحن اليوم عن حوار الحضارات ماذا تفعل اسرائيل مثلا .إنها تقوم بمناورات من أجل إشعال المنطقة . * تتحدثون عن الأمية في الوطن العربي . هل يعتبر ذلك مؤشرا لأن الوضع قد لا يوحي بانفراج قريب على مستوى تطور الوعي في المنطقة العربية والإسلامية ؟ هناك فعلا أمية في الوطن العربي والشارع العربي مشغول برغيف الخبز قبل أن ينتبه إلى القضايا الحضارية .لكنني متفائل بالمستقبل وأستمد التفاؤل من الشباب .شبابنا مثلا نشر عبر الإنترنيت صور الإرهاب الذي تعرض له الشعب الفلسطيني بغزة على يد الإحتلال .لقد كشف جرائم العدو بعد أن امتنع الإعلام الغربي عن الحديث عنها تواطؤا مع المحتل .لكن العالم علم بحقيقة الأمر بفضل شبابنا . * يفيد الواقع أن المنطقة العربية والإسلامية لا تبذل جهدا كافيا على مستوى التعريف بثقافتنا وحضارتنا بالخارج كما أن هناك مشكلات بخصوص وجود المثقف العربي وحضوره بين الدول العربية والإسلامية في حد ذاتها. إن كان حضورنا بالخارج ليس ممتازا فإن الوضع تحسن نسبيا في السنوات الأخيرة .صحيح ليس لنا دور نشر كبيرة على غرار ما هو متوفر بأوروبا وغيرها لكن ألاحظ أن الوضع أفضل مما كان عليه منذ سنين .شاركنا مؤخرا في عدد من التظاهرات العالمية الكبرى على غرار معرض الكتاب بفرنكفورت ومعرض نيويورك إلخ ... ولا بد من مضاعفة الجهود وتكثيفها . على مستوى الحركة الثقافية بين البلدان العربية لا أعتقد أن هناك مشكلة لدى النخبة والمثقفين .المشكلة في مستوى عموم الناس وحتى فيما يخص هذه النقطة أعتقد أن امكانيات التعلم أصبحت أكبر من خلال التلفزيون والإنترنيت وغيرها لذلك لا أنظر بتشاؤم إلى المستقبل . * انطلاقا من طبول الحرب التي تدق حول المنطقة العربية . نتساءل هل تم الإتعاظ مما حصل من تدمير للعراق وخاصة معالمه الثقافية وتدمير متاحفه ونهب كنوزه التاريخية حتى نجنب منطقتنا كارثة أخرى؟ نحن لا نعلن حربا على أحد .و سوريا محصنة بإذن الله . لن تكون هناك حرب أخرى في المنطقة خاصة أن الولاياتالمتحدة غارقة في وحل العراق و تريد أن تنجو من المستنقع . * عودة إلى القيروان بماذا توحي لكم زيارتكم لعاصمة الثقافة الإسلامية هذا العام ؟ حسب القيروان أن يقع تسليط الضوء على دورها العظيم في التاريخ الإسلامي .حسبها أنها كانت قاعدة فكرية وعلمية وعسكرية ضخمة لدولة الإسلام وعندما أزورها اليوم فإني أستعيد كل هذه الذاكرة .