رئيس منظمة إرشاد المستهلك: تجاوزات كبيرة في أسعار خدمات الإنترنت    حصيلة تدخلات فرق النجدة والإنقاذ التابعة للحماية المدنية عقب الأمطار في عدد من الولايات    عاجل/ ايقاف الدروس بكل المؤسسات التربوية بهذه الولاية مساء اليوم..    وزير الاقتصاد والتخطيط يبحث سبل تعزيز التعاون مع عدد من مسؤولي مؤسسات التمويل الدولية    قبلي: انطلاق دورات تكوينية في الابتكار في النسيج والصباغة الطبيعية لفائدة حرفيات الشركة الاهلية "رائدات"    جندوبة: المطالبة بصيانة شبكة مياه الري لتامين حاجيات القطيع والاعداد للموسم الجديد    بطولة العالم للكرة الطائرة أكابر: الدور ثمن النهائي - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره التشيكي صفر-3    كميّات الأمطار المسجّلة خلال 24 ساعة بعدد من مناطق البلاد    اللاعب التونسي مراد الهذلي يجدد التجربة مع أهلي طرابلس الليبي    عاجل - يهم التونسيين : شوف اخر مستجدات الطقس ...برشا مطر    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    عاجل/ لجنة كسر الحصار عن غزّة تدعو إلى رفض محاولات الكيان الصهيوني تجريم مهمة "أسطول الصمود"    الأطلسي والهادي يحترقان: أعاصير قوية في كل مكان...شنيا الحكاية؟!    عاجل : وفاة مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ    النفطي بمناسبة ذكرى مؤتمر بيجين حول المرأة : تونس تولي اهتماما خاصّا بريادة الأعمال النّسائية    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    مركز الاعمال بصفاقس ينظم الاربعاء 08 أكتوبر المقبل يوما مفتوحا لتمويل المشاريع عبر مؤسسات التمويل الصغير    الرابطة الأولى: كريم دلهوم مدربا جديدا لإتحاد بن قردان    وزير الشباب والرياضة يكرّم الرياضيين المتالقين في بطولة العالم لألعاب القوى    بطولة العالم للفروسية: تونس تحرز المرتبة السادسة في مسابقة الفرق    الكرة الذهبية : لاعب باريس سان جيرمان عثمان ديمبلي يتوج بجائزة افضل لاعب في العالم    البطولة الفرنسية : فوز مرسيليا على باريس سان جيرمان بهدف دون رد    تحب قرض شخصي من ال CNSS؟ هاو الشروط والمبلغ الأقصى!    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    جريمة مروعة: يقتل ابنتيه طعنا بالسكين ثم ينتحر..!!    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    مناظرة هامة بوزارة التجهيز.. #خبر_عاجل    عاجل/ انفجار قرب سفينة قبالة اليمن..    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أنجلينا جولي: لا أعترف بأميركا حالياً    عاجل/ يهم المخدرات والاحتكار: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات لوزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن وآمر الحرس..    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    العودة المدرسية والجامعية، ومكافحة الفساد، ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية برئيسة الحكومة    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الدفاع الوطني    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أهم كميات الأمطار ال 24 ساعة الفارطة    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    مسيّرات مجهولة تغلق مطارين في الدانمارك والنرويج    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    حجز حوالي 4523 كغ من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك    زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    ميناء رادس: إحباط محاولة تهريب أكثر من 10 ملايين قرص مخدّر    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلسطينيون والدور المحوري في بناء لبنان الحديث
نشر في الصباح يوم 14 - 06 - 2009

في الخامس عشر من شهر ماي الماضي نشرت صحيفة «السفير» اللبنانية، وبالتحديد القسم المتعلق بالتوثيق والبحوث الذي يشرف عليه رئيس التحرير طلال سلمان نفسه، مقالا هاما بعنوان "الفلسطينيون جوهرة الشرق" حول الدور المحوري الذي لعبه الفلسطينيون قبل نكبة عام 1948 وبعدها في نهضة لبنان.
ولأهمية المقال وددت لو أن كل عربي من محيط الوطن إلى خليجه يطلع عليه ويقبس منه شيئا من الحقيقة الساطعة.
والمقال بحث دقيق موثق بالحقائق والأسماء والتواريخ يعرض الحقائق بطريقة موضوعية حول الدور الايجابي الذي لعبه الفلسطينيون في لبنان قبل النكبة وبعدها في المجالات الاقتصادية والثقافية والمالية والإبداعية. فالمقال يعتبر بحق صوتا صارخا ضد التيارات والمجموعات العنصرية والانعزالية التي ما إن تلتقط خطأ سياسيا يرتكبه قائد أو فصيل حتى تفتح فوهات مدافعها ضد كل الشعب الفلسطيني، بأطفاله ونسائه ومثقفيه ومناضليه وكتابه وشعرائه وأساتذته ولاجئيه.
يقول المقال إن الإزدهار اللبناني والانتعاش الاستثماري لم يبدأ إلا بعد نكبة فلسطين عام 1948 وذلك بسبب حجم الدور الإيجابي الذي لعبه الفلسطينيون في لبنان، حيث حملوا معهم ما قيمته 15 مليون جنيه أي ما يعادل مليار دولار بعملة اليوم أنعشت الاقتصاد اللبناني، كما أن انهيار ميناء حيفا ساهم في تنشيط ميناء بيروت وتحوله إلى مركز تجاري لشرق المتوسط عامة، وإغلاق مطار اللد أدى إلى توسيع مطار بئر حسن المتواضع المؤهل لاستقبال الطائرات الصغيرة فقط وتحوله إلى مطار دولي نشط. ولغاية هذا اليوم يحول الفلسطينيون العاملون في دول الخليج إلى لبنان ما قيمته 368 مليون دولار سنويا.
ثم يستعرض المقال أسماء الفلسطينيين الذين ساهموا في نهضة لبنان الحديث، فأول بنك أنشأه الفلسطيني يوسف بيدس وهو الذي أنشأ كازينو لبنان وطيران الشرق الأوسط. كما أنشأ الفلسطينيون في لبنان أول مصنع نسيج للملابس الجاهزة وأول شركة هندسة كبرى وأول شركة تأمين وأول شركة لتوزيع الصحف، وأول شركة تدقيق حسابات وأول محلات سوبر ماركت، ونظام الشقق المفروشة، وأول من قاد طائرة الجمبو لشركة طيران الشرق الأوسط وأول من رفع علم لبنان في القطب الجنوبي الفلسطيني اللاجئ في لبنان جورج دوماني.
ثم يأتي المقال على أسماء الفلسطينيين الذين أنعشوا التعليم، وخاصة باللغة الإنقليزية، في الجامعة الأمريكية في بيروت ولمع منهم طلال أبو غزالة وحسيب الصباغ وكمال الشاعر وإحسان عباس ومحمد يوسف نجم ويضيف "ومن بين أساتذة الجامعات الفلسطينيون نقولا زيادة وبرهان الدجاني ونبيه أمين فارس وصلاح الدباغ -ونبيل الدجاني ويوسف الشبل وجين مقدسي وريتا عوض وفكتور سحاب ويسرى جوهرية عرنيطة -ورجا طنوس وسمير صيقلي ومحمود زايد وعصام مياسي وعصام عاشور وطريف الخالدي". ويؤكد الكاتب أن عدد خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت من الفلسطينيين يكاد يساوي عدد اللبنانيين.
كما يستعرض كوكبة من الفلسطينيين المبدعين في مجالات الفن والموسيقى والمسرح ومن بين من يذكرهم الموسيقي والإذاعي المبدع حليم الرومي الذي أطلق على صوت نهاد حداد لقب فيروز، وهو والد الفنانة الكبيرة ماجدة الرومي. كما أسس صبري الشريف أول فرقة مسرحية أثرت على عمل الرحابنة وأنشا مروان جرار ووديعة حداد جرار أول فرقة فنون شعبية.
وفي الصحافة ظهرت كوكبة من الفلسطينيين في لبنان كان لها شأن وأثر كبير في انطلاقة الصحافة اللبنانية التي بزّت كل نظيراتها العربية ومن بينهم غسان كنفاني ونبيل خوري ونايف شبلاق وتوفيق صايغ وكنعان أبوخضرا وجهاد الخازن ونجيب عزام والياس نعواس وسمير صنبر والياس صنبر والياس سحاب وخازن عبود ومحمد العدناني وزهدي جار الله وليس آخرهم سمير قصير. والمقال يستعرض كثيرا من الأسماء في مجالات الرسم والفن التشكيلي ودور البحث العلمي والعمل السياحي وغير ذلك من مجالات لا يتسع المقال لتغطيتها جميعا.
ما لم يذكره المقال
مع تقديرنا الكبير للمقال وللأستاذ طلال سلمان الذي وثق كل هذه المعلومات، نود أن نضيف إلى المقال ثلاث نقاط مهمة تجنب المقال ذكرها لا عن جهل بل رفعة في أخلاق الكاتب والناشر وترفعا عن ذكر بعض الشوائب والتي قد تؤثر على رسالة المقال:
أولا: إن هناك بعض الفلسطينيين من أساء فعلا للبنان ولشعبه ولساسته ومؤساسته ورجاله ونسائة.
ثانيا: إن هناك فئة من بين الفلسطينيين الذين حصلوا على الجنسية اللبنانية، وغالبيتهم من المسيحيين كما هو معروف، تنكروا لفلسطينيتهم وكأنها تهمة يعاقب عليها القانون. وحاولت هذه المجموعة وما زالت أن تكون أكثر ملكية من الملك بل وشارك بعض أفراد هذه المجموعة الصغيرة في مذابح ارتكبت ضد الفلسطينيين في لبنان. وفي مقابلة حيّة مع واحد من هذا الصنف مع المذيعة جزيل خوري في برنامجها الاسبق "حوار العمر" على شبكة الإل بي سي، أحمرّ وجه الضيف واصفر وتلعثم وانساب على وجهه عرق الإجهاد والخوف عندما كلمته إحدى قريباته من حيفا وكانت سعيدة جدا برؤيته وشكرت الرب لأنها استطاعت أخيرا أن تتعرف على ابن عمّها عبر شاشة التلفزيون، وكأنها قفشته متلبسا بتهمة إخفاء أصوله الفلسطينية فما كان منه إلا أن قطعها بجملة يتيمة جافة دون أن ينظر إلى الكاميرا قائلا "أهلا وسهلا". وهناك أمثال هذه الشخصية الكارهة للذات كثير.
ثالثا: إن الغالبية الساحقة من الفلسطينيين من غير المجنسين والذين ما زالوا يسكنون في لبنان لا خيارا بل قسرا، يعانون من أبشع أنواع الحرمان والتهميش والإقصاء بحجة عدم التوطين. فما دام رفض التوطين قد أصبح مادة في الدستور تجمع عليه كافة القوى اللبنانية بل ويتمسك به الفلسطينيون أصلا فما هي المبررات التي تساق لمنع الفلسطيني من ممارسة أكثر من ثمانين مهنة؟ كيف يعقل تحت أي مبرر قانوني أو سياسي أو إنساني أو أخلاقي الاّ يستطيع الفلسطيي أن يمارس مهنة الطب أو المحاماة أو جمع القمامة أو توزيع البريد في بلد منفتح حضاري كلبنان بحجة رفض التوطين؟ كيف يعقل أن يسمح لكافة جنسيات الأرض بالتملك في لبنان إلا الفلسطيني الذي لا يعرف وطنا إلا لبنان؟ أليست هذه العنصرية بعينها كما قال السيد سليم الحص رئيس الوزراء الأسبق؟
وأخيرا نود هنا أن نؤكد أن الشعب الفلسطيني ليس أفضل من غيره من الشعوب العربية الطيبة المعطاءة. إلا أنه وبحكم تجربته المتقدمة في صراعه مع موجات الاستعمار الإستيطاني الإحلالي في فلسطين تمكن من إنضاج خبرة فريدة من نوعها في تمتين عناصر القوة الذاتية من علم ومعرفة وشجاعة واتساع أفق ووعي قومي وإبداع، وعمل بعد النكبة وما زال على نقل هذه المعرفة والتجربة إلى إخوته العرب، إلا أن تلك الجهود والمساهمات كثيرا ما قوبلت بالنكران والجحود.
نتمنى أن يخرج أكثر من طلال سلمان واحد وأكثر من جريدة ومجلة ودورية في الكويت والإمارات والبحرين وقطر والسعودية وليبيا والجزائر يتحدثون عن فضل الفلسطينيين على هذه الدول ويوثقون أدوارهم ومساهماتهم في نهضتها، بعيدا عن أخذ الشعب الفلسطيني بجريرة قياداته وسلطته وفصائله والتي غالبا لا ترتقي إلى المستوى الحضاري والعلمي والثقافي لهذا الشعب. هذه ليست دعوة عصبوية بل إحقاقا للحق وتوثيقا للحقائق التي كثيرا ما تكون أولى الضحايا عند الخلافات السياسة.
(*) أستاذ جامعي وكاتب سياسي يعيش في نيويورك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.