الحضور الأمريكي سبب أغلب مشاكل العراق وتنفيذ الاتفاقية الأمنية سيساعد على تقليص العنف بعيدا عن اعين الصحافيين وفي منأى عن المراقبين تتواصل اشغال "الدورة التدريبية في مجال حقوق الطفل لكوادر الوزارات والمنظمات غير الحكومية العراقية "و ذلك بالاشتراك بين المعهد العربي لحقوق الانسان في تونس وبدعم المكتب الدانماركي للاستشارات الذي يمول هذه الدورة التي اختار ان تحتضنها تونس وذلك بمشاركة نحو عشرين من الاطارات ورجال القانون والخبراء العراقيين وممثلين عن المنظمات غير الحكومية. اما الهدف من هذه الدورة فيتعلق بارساء ثقافة حقوق الانسان ونشرها في العراق باستحداث وزارة تعنى بحقوق الانسان الامر الذي قد يبدو متناقضا في بلد لا يزال يرزح تحت قيود الاحتلال العسكري الاجنبي ولايزال الحديث فيه عن حقوق الانسان اشبه بالحديث عن الترف او لزوم ما لا يلزم امام تواتر التقارير اليومية عن الانتهاكات المتكررة التي تستهدف العراقيين وتحولهم الى رهائن للوضع القائم بكل ما فيه من تجاوزات وخروقات لابسط قواعد حقوق الانسان. تونس - الصباح ورغم التكتم والسرية التي فرضت على هذا اللقاء العراقي العراقي والذي لا يخرج عن طبيعة اللقاءات او ورشات العمل الرسمية في الحكومة العراقية فقد كان لما سمعناه من بعض المشاركين في هذه الدورة عن واقع حقوق الطفل العراقي وحقوق المراة العراقية ما يكشف جزءا من المعاناة المستمرة للشعب العراقي بعد ست سنوات على الاجتياح الامريكي لبلاد الرافدين حيث تقول رضية جواد مسؤولة ملف حقوق الطفل في وزارة حقوق الانسان العراقية ان الوجود الامريكي في العراق يتحمل مسؤولية اغلب المشاكل التي يواجهها العراقيون وهي تعتبر ان الاهتمام بقضايا حقوق الانسان العراقي فيما لا يزال العراق تحت الاحتلال لا يمكن الاستهزاء بها والتقليل من اهميتها وتعترف بان الفساد الاداري قد بلغ ذروته في العراق وان البرلمان العراقي بات يستدعي وزراء ومسؤولين لمساءلتهم قبل حتى ان يتم القبض على وزير التجارة عبد الفتاح السوداني الذي تم القبض عليه في المطار وهو يستعد للهرب وتقول رضية " نحن في العراق نعيش ظروفا استثنائية والاحتلال مفروض علينا واذا لم يكن بيدي ان ازيله بامكاني ان اساعد في تحقيق التغيير المطلوب وان اقدم ما يخدم ويفيد مصالح شعبي في هذه المرحلة ويساعد على ارساء ثقافة حقوق الانسان "و ترفض رضية اعتبار ان ما تقوم به لا يقدم ولا يؤخر في حياة العراقيين شيئا وتقول وهي اصيلة العاصمة بغداد ان العراق مر بظروف غير طبيعية على مدى اكثر من جيل بين معاناة جراء الحروب الخارجية والداخلية وبين الحصار بما يجعل من الصعب ان لم يكن من المستحيل احصاء عدد الارامل وجيوش الايتام على مدى عقود طويلة ومنذ 2003 عاش العراق على وقع دوامة العنف الطائفي التي بدات في التراجع سنة 2007 لتبدا بعض المناطق التي فرغت كليا من اهلها في استعادة الحياة الطبيعية اليها ورجوع العوائل الى بيوتهم وتضيف محدثتنا ان المراة العراقية تحملت تركة ثقيلة واعباء اكبر من طاقتها بسبب غياب العائل وتكرار عمليات القتل والخطف التي جعلت لكل بيت عراقي ولكل عائلة حكاية ترويها هي اشبه بالافلام البوليسية الخيالية. وعن المشهد العراقي الحالي وبدء العد التنازلي لدخول الاتفاقية الامريكية العراقية حيز التنفيذ نهاية الشهر الحالي تقول رضية ان العراق بدا يشهد نوعا من الاستقرار منذ السنة الماضية وان المدارس والجامعات سجلت عودة تلاميذها وطلبتها الذين كانوا هجروها بسبب موجة العنف الممنهجة التي استهدفت الجامعيين والباحثين والعلماء. وعن سبب ظهور الاقتتال الطائفي الذي لم يعرف له العراق شبيها من قبل حتى في ظل قبضة الرجل الواحد تقول مسؤولة ملف حقوق الطفل العراقي ان العراق مر من قبضة شخص واحد الى مرحلة الانفلات التام من كل القيود والمؤسسات بما كان حافزا لغياب الاستقرار ونهب اموال العراق وهتك عرضه وفي قراءتها لموجة الاقتتال الطائفي بين العراقيين بعد الاجتياح تقول محدثتنا ان الطائفية شان غريب عن العراق وان ما حدث ان كل طائفة كانت تشعر بالغبن والكبت في السابق ارادت ممارسة طقوسها على طريقتها فكانت الفوضى واصبح الناس الذين تعايشوا وتصاهروا على مدى عقود طويلة اعداء وباتت كل طائفة تقتص لنفسها وقد كان للميليشيات المسلحة دورها في اتساع دائرة العنف. وتوقعت رضية ان يساعد تطبيق بنود الاتفاقية الامنية على تحسين المشهد العراقي وتقليص عدد الامريكيين وتحركاتهم الى داخل قواعدهم، وعن عودة العراق الى الساحة العربية تقول محدثتنا ان هذا مطمح عراقي مشيرة الى ان بعض السفارات العربية بدات باعادة فتح ابوابها في المنطقة الخضراء وان الحكومات العربية لم تكن لديها رغبة في الاتصال والتقارب مع الحكومات العراقية وان مطمح العراق اليوم جمع صفوفه وتحقيق امنه واستقراره وعدم تشكيل أي خطر على جيرانه .اما عن هجرة العلماء العراقيين فتقول محدثتنا بنبرة لا تخلو من الالم انه لا احد اليوم يعلم كم عدد العلماء والجامعيين والاطباء والباحثين الذين قتلوا على يد عصابات منظمة بعد سقوط النظام السابق وتحول العراق الى ساحة مفتوحة للتنظيمات المتصارعة ودول الجوار واشارات رضية الى ان الحكومة العراقية الراهنة تسعى بكل الطرق لاستمالة الادمغة العراقية المهاجرة وتشجيعها على العودة وتحاول ان تقدم لها من الامتيازات ما يمكن ان يقنعها بالعودة لاعادة بناء العراق. وتضيف محدثتنا ان العراقيين لم يكن لهم ذنب يذكر في كل ما يحدث وان الناس لا يريدون غير العيش بامان. وعما تحمله في ذاكرتها من ايام الاجتياح تقول رضية كنا في بغداد نسمع القصف ونتابع الاخبار العراقية وغير العراقية عبر الفضائيات عن المعارك في الجنوب وعن شجاعة اهل البصرة وبغداد وذيقار الى ان قصف الامريكيون محطات الكهرباء وانقطت عنا الاخبار وبتنا نقتصر على الراديو في اقتناص الاخبار وكان واضح ان الامريكيين يريدون فتح عدة جبهات وكانت الكلمة الفصل في نهاية المطاف للقوة العسكرية. وعن كيفية تلقي العراقيين اخبار وفضائح سجن ابوغريب تقول ان العراقيين ياملون في تجاوز تلك الصفحة وان السلطات العراقية باتت حريصة الان على الا يكون اصدار بطاقات ورسوم الايقاف الا من جانب العراق وان القضاء العراقي يحرص على متابعة محاكمة الجنود الامريكيين المتورطين في قتل عراقيين وان محاكمة الجنود المسؤولين عن قتل واغتصاب الطفلة عبير وعائلتها تمت بحضور اهالي الضحايا وممثلين عن اجهزة القضاء العراقي. بدوره يقول رحيم مالكي رئيس وفد وزارة حقوق الانسان في العراق المحامي ومدير قسم التشريعات القانونية في وزارة حقوق الانسان ان اختيار تونس لعقد هذه الورشة نتيجة للدور الفاعل للمعهد العربي لحقوق الانسان في مجال نشر ثقافة حقوق الانسان واضاف ان ثقافة حقوق الانسان تعد حديثة العهد في العراق بما يفسر الحرص على بعث وزارة لحقوق الانسان وان النجاح في هذه الدورة يقتضي اعداد الاطارات والكفاءات لتبني مبادئ حقوق الانسان واعتبر محدثنا ان العراق كاد ان يقترب من الحرب الاهلية ولكن حب العراق للخير على حد تعبيره نبه العراقيين للمؤامرة الكبيرة فلم ينزلقوا وراءها واشار الى ان الاوضاع بدات تتحسن منذ العام الماضي واوضح ان الجماعات المسلحة وممارساتها استهدفت المدنيين حتى ان بعض العمليات التفجيرية التي كانت تستهدف الاسواق الشعبية ودور العبادة كانت تؤدي الى مقتل العشرات في نفس الوقت اما عن هجرة الادمغة فهي مرتبطة حسب رايه بالاجندا الخاصة بتلك الجماعات التي تستهدف الكفاءات العراقية وتفريغ الساحة من القدرات التي يمكن ان تستمر معها عمليات التنمية...