بعد مسلسلي «أم كلثوم» و«اسمهان» اللذين حقّقا نجاحا جماهيريا كبيرا لا تزال «ماكينة» الانتاج الدرامي التلفزي تدور في هذه العاصمة العربية او تلك معلنة عن قرب ظهور المزيد من المسلسلات الدرامية التي تروي جوانب من السيرة الذاتية لبعض النجوم والرموز التاريخيين في سماء الفن والموسيقى العربية. ففيما ينتظر مثلا ان يشاهد الجمهور العربي خلال رمضان 2009 مسلسلا تلفزيونيا مصريا جديدا تتقمص دور البطولة فيه الممثلة التونسية الشابة سناء كسوس ويروي جوانب من السيرة الذاتية للفنانة وردة الجزائرية،، ها ان الاخبار الواردة من العاصمة المصرية تشير الى ان المخرج المصري زهير يشتغل بدوره هذه الايام على مسلسل تلفزي جديد عنوانه «قلبي دليلي» يروي من خلاله سيرة حياة الفنانة الراحلة ليلى مراد.. وهو مسلسل مرشح لان يرى النور في قادم الايام على الرغم من الاعتراض الذي ابداه ابن الفنانة ليلى مراد الذي اشعر منتج المسلسل اسماعيل عبد القادر بانه يعترض من حيث المبدأ على انتاج مسلسل يروي سيرة حياة والدته الفنانة ليلى مراد. خصوصية فنية ودرامية والواقع ان الناظر في مجموع مسلسلات السيرة الذاتية التي عُرضت خلال السنوات الاخيرة في قنوات تلفزيونية عربية مختلفة وشاهدها الجمهور العربي يلاحظ انها مثلت نوعية من الانتاج الدرامي مختلف وذي نكهة وانها وجدت استحسانا وقبولا لدى المتفرج.. واذا كان ذلك يبدو عائدا في جانب منه الى نجومية وقيمة الشخصية المحوريةالتي تأسّس عليها البناء الدرامي لهذه الانتاجات باعتبارها شخصيات فنية لها حضورها الكبير في ذاكرة ومخيال عموم الناس فانها (المسلسلات) بدت ايضا في حد ذاتها جميلة وحميمية وذات خصوصية فنية ودرامية. فمسلسل «أم كلثوم» مثلا الذي تقمصت فيه الممثلة صابرين شخصية كوكب الشرق السيدة أم كلثوم سيبقى واحدا من أجمل الانتاجات التلفزية الدرامية التي تندرج ضمن مسلسلات السيرة الذاتية للفنانين وذلك لا فقط لقيمته الفنية بل وايضا لانه «يؤرخ» بأسلوب درامي جميل ومؤثر لمسيرة فنانة عربية يبدو ان الزمان سوف لن يجود بمثلها مرة اخرى تدعى السيدة أم كلثون.. تونسيا.. ماذا هناك؟ ولكن، اذا ما عنّ لنا ان تتساءل بالمقابل عن رصيد التجربة التونسية في مجال الانتاج الدرامي التلفزيوني المتعلق بمسلسلات السيرة الذاتية للفنانين والمبدعين فماذا عسانا نجد؟ الاجابة واضحة وقصيرة: هناك تجربة وحيدة ويتيمة تتمثل في مسلسل تلفزيوني بعنوان «خميّس ترنان» كتبه السيناريست الطاهر الفازع وعرضته التلفزية التونسية في تسعينات القرن الماضي.. هذا المسلسل الذي تقمص فيه الممثل عبد القادر مقداد شخصية الموسيقار التونسي الشهير خميّس ترنان الذي يعد أحد اعلام الرشديية وأحد الرموز التاريخيين في تاريخ الموسيقى والاغنية التونسية بقي بمثابة »بيضة الديك» التي لم تتكرر اذ لم نشاهد بعده مسلسل اخر يروي جوانب من السيرة الذاتية لفنان او فنانة تونسية.. فهل ذلك يعود الى عدم وجود اسماء فنية تونسية تتوفر سيرتها الذاتية على ما من شأنه ان يكون مادة مثيرة لمسلسل تلفزي؟ طبعا، هناك عديد الاسماء التي تعد بحق علامات فنية في تاريخ الاغنية والموسيقى التونسية ولها من الرصيد الفني والتاريخي (على مستوى التجربة) ما يؤهلها لان تكون شخصية محورية في مسلسل درامي من صنف مسلسلات السيرة الذاتية اعتبارا لا فقط لرصيدها الفني الذاتي بل وايضا لثراء ورمزية الفترة التاريخية التي ظهرت فيها مثل هذه الاسماء وما شهدته هذه الفترة من احداث مختلفة.. فالفنانة صليحة مثلا هذه المرأة المناضلة القادمة من ارياف الشمال الغربي التونسي والتي «تجرّأت» منذ ثلاثينات القرن الماضي على اقتحام ميدان الفن والغناء لتتربع على عرش الاغنية التونسية ولتكون اشهر وربما أعذب وأقوى صوت غنائي نسائي تونسي تبدو جديرة بمسلسل تلفزيوني يروي مسيرتها الفنية التي هي جزء لا يتجزأ من سجل سيرتها الذاتية كانسانة. نفس الكلام يمكن ان نقوله عن الفنان والشاعر والرحالة محمد الجموسي بوصفه شخصية فنية وثقافية تونسية متميزة واصيلة عاش حياة ثرية بمختلف انواع الابداع وسافر مبكرا الى الشرق (القاهرة) والى الغرب (باريس) من أجل اثراء تجربته الفنية والحياتية. كذلك تعتبر الفنانة علية بنت رجل المسرح الممثل الكبير البشير الرحال.. اسما علما في سماء الاغنية والموسيقى التونسية.. فهذه الفنانة التونسية الكبيرة هي سليلة بيت فني تونسي عريق ولها في رصيد سيرتها الذاتية من أحداث ونجاحات وربما ايضا من مآس (ظروف وفاتها) ما يجعلها مرشّحة لان تكون شخصيتها محور مسلسل درامي من مسلسلات السيرة الذاتية للفنانين. فعل يمكن ات نشاهد مستقبلا انتاجات درامية تونسية تنهل من سيرة هؤلاء الأعلام وغيرهم. الاجابة عند كتّاب السيناريو والمخرجين.