تونس الصباح: الاقبال الجماهيري على المسرح الروماني بقرطاج ليلة أمس الأول في افتتاح الدورة 45 لمهرجان قرطاج الدولي وان لم يكن كبيرا فانه كان محترما نسبيا.. ثلاثة آلاف متفرّج تقريبا أخذوا أماكنهم في مدارج المسرح الأثري لمتابعة عرض «الصباح الجديد»، الدراما الغنائية التي وضع لها السيناريو الأستاذ محسن بن نفيسة وصاغ لها الموسيقى الموسيقار رشيد يدعس وأخرجها حاتم دربال.. ربما مثل اسم ابو القاسم الشابي في حد ذاته هذا الشاعر الذي له مكانته التاريخية في قلب وعقل عموم التونسيين من مختلف الأجيال أحد العوامل التي حفّزت على هذا الاقبال خاصة وأن القائمين على انتاج أوبيرات «الصباح الجديد» قدموها اعلاميا على أنها عمل فرجوي يتنزّل في اطار الاحتفال الوطني بمائوية هذا الشاعر التونسي الخالد وان مادتها الغنائية ولوحاتها الفرجوية تنهل من شعر أبي القاسم الشابي ومن «أجواء» ومناخات الحياة الاجتماعية في عصره.. والواقع ان مجموع اللوحات الفرجوية التي اشتمل عليها العرض قد عكست بدرجات متفاوتة هذه الأجواء والمناخات واستطاعت نسبيا ان تشد اليها الجمهور وان تجعله احيانا يتفاعل معها.. فالعرض ولئن انطلق بطيئا وثقيلا في البداية من خلال لوحة اولى تعبيرية راقصة قدمتها مجموعة من الشبان والشابات «تحكي» الرغبة الجامحة لأجساد شبابية غضّة وثائرة في النهوض والرنوّ نحو الأعالي والأفق البعيد.. وهي معان مركزية ومحورية في أشعار ابي القاسم الشابي.. فانه (العرض) استطاع احيانا في سياق لوحات أخرى ان يبدو فرجويا وساخنا ومليئا بالحركة وبالانفعالات مثلما هو الحال مثلا في لوحة المواجهة الشعبية مع البوليس الفرنسي في احدى الساحات العامة بوصفه رمزا استعماريا يحيل على كل «ظالم مستبد.. صديق الظلام عدو الحياة» بعبارة الشابي .. أغاني الحياة وما من شك في الاشتغال دراميا في عرض «الصباح الجديد» على المضامين الوطنية والاستنهاضية في بعض أشعار ابي القاسم الشابي هي التي اعطت للعرض معنى على مستوى المضمون.. لأنه على مستوى الشكل (الفرجة) لم يكن هناك «أشياء» تستحق الذكر في الواقع.. فمجموع اللوحات التعبيرية الراقصة وحتى التمثيلية التي تضمّنها لم ترقَ في أغلبها الى مستوى من الفنية يسمح بأن نقول عنها بأنها كانت مبهرة وفرجوية ومبتكرة.. بل على العكس قد يجوز القول بأن بعض هذه اللوحات وكأنها من صنع هواة وليس من صنع محترفين!!! ولكن، وحتى لا نبخس الناس اشياءهم وحتى لا يقال عنا بأننا عدميون فانه يمكن القول ايضا بان عرض «الصباح الجديد» وان لم يكن على درجة كبيرة من الجمالية والابهار فانه لم يخل في بعض فقراته وفتراته من بوادر جهد وبحث عكستها احيانا بعض لوحاته الفرجوية كما عكستها خاصة مادته اللحنية الموسيقية التي وضعها الأستاذ رشيد يدعس.. بل ربما جاز القول هنا بان المادة الموسيقية في العرض هي التي صنعت نقاط القوة فيه اذا ما صحّ القول بأن هناك نقاط قوة فيه!!! هذا تفصيلا.. اما اجمالا فانه يمكن القول بأن عرض «الصباح الجديد»كما عكسته مختلف لوحاته الكوريغرافية والتمثيلية التي جاء عليها لم يكن يبدو فنيا او فرجويا في حجم افتتاح دورة من دورات مهرجان دولي عريق مثل مهرجان قرطاج.. لقد كان عرضا عاديا جدا... بمعنى بلا ابهار.. بلا ابتكار وبلا جديد!