ومن بين أبرز المستجدات في الأيام القليلة الماضية الموقف السياسي المهم جدا الذي أعلن عنه يوم الجمعة الماضي خلال الاجتماع الإقليمي لكوادر حزب التجمع في ولايات الشمال الذي عقد في بنزرت من قبل السيد عبد العزيز بن ضياء عضو الديوان السياسي وزير الدولة الناطق الرسمي المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية. حسب خطاب السيد بن ضياء فان حزب التجمع لن يتحالف مع أي طرف حزبي في الانتخابات القادمة.. وأنه سيعتمد على جماهيريته وقوته واشعاعه وشرعيته السياسية وشعبية رئيسه الرئيس زين العابدين بن علي.. موقف اتحاد الشغل الحدث السياسي الثاني المهم الذي استقطب أنظار كثير من المراقبين السياسيين والإعلاميين في تونس القرار الذي اتخذه أقوى طرف سياسي في تونس بعد حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي ينتمي إليه أغلب أعضاء الحكومة وكبار المسؤولين في الدولة وتمثل في مساندة اتحاد نقابات العمال الذي يضم نحو مليون منخرط ترشيح الرئيس زين العابدين بن علي في انتخابات أكتوبر القادم . هذا القرار السياسي المهم لم يصدر عن المكتب التنفيذي أو عن الامين العام السيد عبد السلام جراد بل عن القيادة المركزية الموسعة ("الهيئة الإدارية") للاتحاد العام التونسي للشغل في اجتماعها الدوري. وقد أعلنت بوضوح في بيان مطول مساندة ترشح الرئيس بن علي دعما لسياسته العامة وخاصة لسياسته الاجتماعية. شعبية ويجمع المراقبون في تونس أن هذا القرار سيعطي انتخابات 25 أكتوبر القادم أبعادا سياسية جديدة لان اتحاد الشغل هو أساسا المنظمة النقابية العمالية الوطنية الوحيدة في البلاد.. والتي أكدت التجارب والوقائع أنها أهم هيكل جماهيري.. وسبق أن نظمت في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة إضرابات عامة شلت البلاد وتسببت في اضطرابات كبيرة.. كما نجحت خلال العقدين الماضيين في تنظيم تحركات اجتماعية وسياسية جماهيرية.. من بينها إضرابات عمالية ومسيرات شعبية مساندة لفلسطين وأخرى معارضة للحرب على العراق ولبنان والشعب الفلسطيني في غزة.. تنمية اقتصادية واجتماعية ومن أهم ما يلفت الانتباه في بيان " الهيئة الإدارية " لاتحاد الشغل مراهنته على "المسار السياسي الوطني الذي يقوده رئيس الدولة زين العابدين بن علي ونجاحه في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاستقرار الأمني في تونس رغم محدودية مواردها وثرواتها ".كما دعت إلى تعزيز التوازن الاجتماعي والمسار الديمقراطي وإلى" تفعيل دور مجلس النواب وتعزيز تركيبته التعددية حتى يضطلع بمسؤوليته الدستورية في ضبط خيارات البلاد ومراقبة تطبيقها". زيادات عامة في رواتب العمال وقد أعطت تصريحات الأمين العام لاتحاد نقابات العمال السيد عبد السلام جراد في تصريح صحفي ل"الصباح" في أعقاب إصدار قرار دعم ترشيح بن علي ، أن " قرار المنظمة النقابية، تم بعيدا عن المجاملة أو التزكية، لأن الانتخابات ليست مبايعة بل موقف وطني ".وتعليقا على بعض النقابيين المعارضين له أورد الزعيم النقابي "كان في وسع اتحاد النقابات أن يختار الحياد، لكننا معشر النقابيين لسنا جحودين للسياسة الاجتماعية التي يقودها الرئيس زين العابدين بن علي منذ استلامه مقاليد الأمور في البلاد في نوفمبر1987 والتي ضمنت زيادات سنوية للاجور والرواتب وتحسين الاوضاع المادية والمهنية والمعنوية للغالبية الساحقة من العمال والموظفين والعائلات المنتمية الى الطبقتين الوسطى والدنيا وضمنت استقرار البلاد اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا". يذكر أن تلك الزيادات في الاجور التي تراجع كل 3 اعوام في امتصاص مفعول التضخم المالي نسبيا.. وفي ضمان حد أدنى من الاستقرار بخلاف ما كان عليه الامر في دول "طبقت توصيات صندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي دون مراعاة مطالب الطبقة العاملة وضعفاء الحال . الاستقلالية.. والحياد؟ واعتبر بعض المراقبين أنه من الطبيعي في مثل هذه المناسبات أن تتعالى أصوات بعض رموز المعارضة تدعو إلى "حياد اتحاد نقابات العمال " خاصة بعد أن تأكد ترشح ما لا يقل عن 3 من قادة أحزاب المعارضة للرئاسة إلى جانب الرئيس بن علي وهم السادة أحمد الاينوبلي الامين العام لحزب الاتحاد الديمقراطي التقدمي ومحمد بوشيحة الامين العام لحزب الوحدة الشعبية وأحمد ابراهيم الامين الاول لحزب التجديد (الذي ترشح باسم تحالف يساري عرف بتسمية مجموعة "المبادرة").. ولكن النقابيين القريبين من حزب الرئيس زين العابدين بن علي دافعوا بقوة عن القرار الذي اتخذته غالبية أعضاء القيادة النقابية فيما يتعلق ب"الانحياز إلى مرشح الأغلبية الساحقة من التونسيين الذي رفض منذ مطلع العقد الماضي بعض التوصيات الاقتصادية الصادرة عن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومؤسسات أوروبية كبرى.. لأنها تجاهلت أوضاع العائلات الفقيرة ومشاغل الملايين من صغار الأجراء والأولويات الاجتماعية للطبقة الوسطى".