انضمت الصين بالامس الى قائمة الدول الاجنبية التي سبقتها في السنوات القليلة الماضية لاطلاق قنوات باللغة العربية موجهة للمشاهد العربي في اثنين وعشرين بلدا عربيا بات استراتيجيا لدى عديد العواصم غير العربية شعاره العلني بناء جسر للتواصل مع العالم العربي والاسلامي في مرحلة ما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما افرزته من تحولات في العلاقات بين الشرق والغرب ولكن هدفه ابعد من ذلك وربما يتجاوز حدود الشعارات المطلقة هنا وهناك...فليس سرا بالمرة ان احتواء قناة الجزيرة التي استحوذت في احيان كثيرة على اهتمام المشاهد في العالم العربي خاصة في الحرب على العراق ثم في الحرب على لبنان وجنين ومنه ايضا احتواء قناة المنار اللبنانية التي كانت تلتقط في بعض العواصم الاوروبية كان له دوره في المضي قدما باتجاه تفعيل هذا الخيار وقطع الطريق امام ما اعتبر في حينه بالقنوات "التحريضية "المرفوضة في الغرب وهو الامر الذي وان شكل دافعا لتضاعف عدد الفضائيات العربية في غير الدول العربية فانه قد اثلج صدور الكثير من المسؤولين في الدول العربية ممن لا ينظرون الى قناة الجزيرة بعين الرضا لاسباب مختلفة.... واذا كانت اغلب تلك القنوات العربية التي وجدت لها محطات في العواصمالغربية قد عمدت الى الاقتداء بخطوات قناة الحرة التي اطلقتها الخارجية الامريكية في العراق للوصول الى قلب وعقل اكبر عدد ممكن من فئات الشعب العراقي بعد اجتياح هذا البلد والترويج بطريقة او باخرى لبرنامج الشرق الاوسط الجديد في المنطقة وفق اسس الفوضى الخلاقة التي ابتدعها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش بالاعتماد على خبرات طاقات اعلامية عربية اريد لها ان تكون وسيلة لترويج تلك البرامج فان التجارب المتتالية التي سارت على خطى قناة الحرة واذاعة سوا كان لها اهدافها المختلفة. وكما ان الحكومة الالمانية قد حرصت على اطلاق اول قناة لها باللغة العربية عبر الاقمار الصناعية تغطي منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا كذلك فعلت روسيا بدورها التي رات ان عليها ان تجد لها منفذا الى اصدقائها في العالم العربي بعد ان شعرت باحتدام حجم المنافسة لاستقطاب تلك المجتمعات لاسيما فئات الشباب منها فكان لها بدورها قناتها الخاصة التي تخاطب عبرها العالم الاسلامي وكذلك فعلت فرنسا التي قررت ان تطلق قناة فرانس24 وبريطانيا التي وسعت تجربة البث الاذاعي للبي بي سي ليشمل النقل ويبدو انه حتى اسرائيل بصدد بحث افضل السبل لاستقطاب المشاهد العربي فيما نحجت ايران في ان يكون لها قناتها العربية وهي قناة العالم ... ولعل العنصر المشترك بين جميع هذه الفضائيات انها انطلقت من بلدان يتعايش فيها اعداد لا يستهان بها من المهاجرين من العالم العربي والاسلامي وقد بدات تجاربها بعدد محدود من ساعات البث وحرصت منذ البداية على الترويج على رسالتها للمتفرج العربي ستكون متنوعة في برامجها وذلك قبل ان توسع تجربتها وتمدد في ساعات البث... ولا شك ان في اختيار السلطات الصينية مثل هذا التوقيت لاطلاق الفضائية الاولى من نوعها في اعقاب الاحداث الدموية التي اهتزلها اقليم سينتيانغ والمواجهات بين اقلية الايغور التي تدين بالاسلام وبين اقلية الهان ما يعكس رغبة من جانب بلد الكونفيسوس في تطويق تداعيات تلك الاحداث على العلاقات بين الصين وبين الدول العربية والاسلامية وقد كان للصينيين تجربة سابقة في اطلاق قناة صينية بالانقليزية لمخاطبة الاوساط الشعبية وليس الرسمية في الغرب فالسلطات الصينية لها تجربة صعبة ومثيرة مع الاعلام الغربي وفي طريقته للتعاطي مع القضايا الداخلية الصينية منذ احداث تيان ان مين قبل عشرين عاما الى احداث الالمبياد العام الماضي الى احداث سينتيانغ قبل ايام والصين لا ترغب باي حال من الاحوال ان تبقى في نظر الاعلام الغربي رمزا لخرق حقوق الانسان وقد اختارت ان ترد على طريقتها على ما يستهدفها واطلقت بذلك قناتها الجديدة كسلاح جديد قابل للوصول الى مختلف الشعوب والمجتمعات بطريقة سلمية ... اكثر من الفين وخمسمائة قناة هو عدد الفضائيات في العالم وهو عدد قابل للارتفاع في كل حين بينها نحو أربعمائة وتسعون قناة عربية بما يجعل المشاهد امام كم فظيع ان لم يكن امام تخمة من الفضائيات التي باتت تنبت كالفقاع الا ان الاكيد ان القليل والقليل جدا من تلك الفضائيات التي تنجح في استقطاب اهتمام المشاهد وهي حتى وان ثارت اهتمامه حينا فانها لن تكون كذلك كل الوقت ولعل في قناة البي البي سي بالعربية ما يمكن ان يعكس هذا الواقع وهي التي نجحت الى حد ما في شد المتتبع في جزء من العالم العربي لا سيما في طريقة متابعتها للاحداث المهمة بعيدا عن الغوغائية والاثارة وقد كان متتبعو البي بي سي بالامس على موعد مهم مع النخبة التي اشتركت في اعداد تقرير التنمية البشرية في العالم العربي بالاشتراك مع الاممالمتحدة واستضافت لذلك المسؤولة الاممية امة العليم السوس ود كلوفيس مقصود وغيرهم من المسؤوليين الاممين والسياسيين في العالم العربي للخوض في احد اهم القضايا المصيرية العالقة في العالم العربي والمتعلقة بامن الانسان فيه ...