قبل قرطاج: قبل موعدها مع الجمهور الذي تجاوزت كثافته ال 7 آلاف بقليل التقت «باتريسيا» الصحافة المحلية وتحدثت الى الإعلاميين برحابة صدر ولكن لم يتجاوز اللقاء ال 20 دقيقة. قالت خلالها أنها سعيدة بالعودة الى تونس بعد 4 سنوات من الغياب، استغرقت ثلاثا منها في الانقطاع عن الغناء والتحضير لعرضها الفرجوي «Kabart» (كاباريه) الذي ستقدمه في السهرة، وحين سئلت عن مدى حرصها على الغناء باللغة العربية وهي التي غنت بالانقليزية والروسية والألمانية. أجابت بالنفي وأفادت بأنها لا تنوي تقديم أغان باللغة العربية في الوقت الراهن.. ووصفت «كاباريه» بالعرض الثري الذي يجمع بين الغناء والرقص والتجسيد ويقاسمها فيه على الركح عازفون وراقصة لأداء بعض اللوحات والمواقف. وبين ما وصفت وما شاهدنا، لم تكن «باتريسيا» غير محقّة أو مغرقة في صنف فضفاض من الدعاية. فقد غنت بروح شابة وطوّعت جسدها لتبليغ المعاني والدفاع عن فكرة العرض الأساسية التي ثمنت منزلة المرأة في الثلاثينات. «باتريسيا» التي ولدت في 5 ديسمبر 1966 «بفورباس» غنت ورقصت كما لو أنها فتاة في العشرين من عمرها. كانت حركاتها مدروسة، ولم ترتجل ما يسيء للتصور العام الذي تساهم الإضاءة في ترسيخه حسيا لدى المتفرّج وظهرت في البداية بعكاز وظفته لأداء أشهر أغانيها «Mon mec à moi» على طريقة «لايزا مينلّي» في فيلم «كاباري» ثم قدمت أكثر من نغم يحفظه الجمهور عن ظهر قلب. وقد أنصت لها محبّوها وتفاعلوا مع رقصاتها المدروسة وسعيها المتواصل لتغيير المشهد. نوعت هذه الفنانة مادتها الغنائية، وراوحت بين الماضي والحاضر، وشاهدنا على الشاشة العملاقة التي وظفتها صورا مؤثرة ومواقف تمثيلية جسدتها بحرفية واضحة، كما غيّرت ملابسها في 5 مناسبات وكانت في كل مرّة أكثر إقناعا.. «تغني البلوز» ولم تتنكر لأغنية النجاح والحظ «مادوموازال تغني البلوز» (Mademoiselle chante le blues) وعادت بذاكرتها وروحها الى سنة 1987 حين أسست لمسيرة فنية أوسع جماهيريا وتخطت عتبات أحد «الكاباريهات» بألمانيا حيث انطلقت لتصبح من فنانات الصف الأول بفرنسا وأوروبا.. وحرصت هذه الفنانة على استمالة جمهورها وحثته على تشجيعها بالتصفيق في بعض المواقع، كما شكرته على انتباهه في مواقع أخرى، وقد لاحظنا خلال هذه السهرة إكتظاظ المدارج بعدد هام من الأجانب (الفرنسيون) بشكل خاص الذين حضروا ورددوا أغنياتها. تقنيا يمكننا تثمين نوعية الصوت التي انبعثت في الفضاء والتي لم «تشنّف» آذاننا ببعض العثرات او الصيحات المفزعة التي قد نستمع إليها في حفلات أخرى! كوريغرافيا مدروسة لاحظ عدد من المتابعين للحفل أن صوت «باتريسيا كاس» كان صامدا في بعض المواقع التي رقصت فيها وانبطحت على الأرض (ولكن بدراية وفي انسجام مع محتوى الكلام الذي كانت تغنّيه!) وقد ذهب هؤلاء الى أن «البلاي باك» قد كان حاضرا في بعض الأغنيات التي طغت عليها المواقف الجسدية الموظفة فهل غنت «كاس» فعلا «البلاي باك»؟ سؤال وضعه البعض. تواصل الحفل على امتداد ساعتين من الزمن واحتوى احتراما كبيرا للمتفرج الذي تابعه ولم تترك هذه الفنانة وفريق العمل الذي رافقها للصدفة أو العشوائية مكانا، بل كانت كل الحركات والسكنات مدروسة، وليت بعض فنانينا يستفيدون من «باتريسيا كاس» ويتعلمون!!