تؤدي حاليًا هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية زيارة إلى إفريقيا تقودها إلى سبعة دول إفريقية هي كينيا وجنوب إفريقيا وأنغولا والكونغو والنيجر وليبيريا والرأس الأخضر وتدوم أحد عشر يومًا كاملة. وستحاول الوزيرة الأمريكية خلال جولتها الإفريقية الطويلة هذه أن تقنع القادة الأفارقة بأن الإدارة الأمريكية رغم انشغالها بالملفات الساخنة على الساحة الدولية كقضايا أفغانستان والعراق والشرق الأوسط والأزمة الاقتصادية العالمية... فإنها لا تهمل قضايا القارة السمراء بعد أن فجّر حلول «أحد أبنائها» بالبيت الأبيض موجة كبيرة من الأمل وكثيرًا من الحلم خاصة بعد قيام هذا الأخير منذ قرابة الشهر بزيارة خاطفة لها وإلقاء خطابه المشهود الذي ذكّر فيه بأنه «على القادة الأفارقة أن يضطلعوا بمسؤولياتهم في مواجهة المشاكل المزمنة التي ما فتئت تعاني منها قارتهم..» مطلقًا عبارته الشهيرة «WE CAN» واعدً إياهم بمزيد الدعم والعطاء لا سيما إزاء التمدد الصيني المتزايد بالقارة الإفريقية الذي يثير مخاوف أمريكا وانشغالها بتزايد النفوذ الأسمر في المنطقة سياسيًا واقتصاديًا على وجه الخصوص. وكما هو معلوم فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تتميّز بصفة خاصة بحبّها للبشرية وعطفها بوجه أخص على الأفارقة، وأن هيلاري كلينتون كما هو شأن غيرها من كبار المسؤولين الأمريكان وغير الأمريكان لدى قيامهم بزيارات خارج بلادهم، سينصبّ همّها بالأساس على البحث وتثبيت مصالح بلادها، وهو المدركة تمام الإدراك، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، حرص بلادها الشديد على عدم وضع بيضاتها كلها في سلة واحدة كما يقال ستسعى وهي تزور بلدانًا غنية بمخزونها النفطي لإلقاء على مسامع قادة كل بلد وشعوبه خطابًا مضبوطًا على المقاس، تحاول من خلاله إبقاء جذوة الأمل وقّادة بقدوم المهدي المنتظر الذي سيحوّل جفافهم خصبًا وفقرهم غنًى وفساد حكمهم رشادًا ودكتاتورياتهم ديمقراطية وحروبهم سلامًا وخلافاتهم مصالحات، وهو أمر بعيد المنال ولا يرجى حصوله إطلاقًا إلا بإدراك الأفارقة العميق لحقيقة مصالحهم، وبالتالي حسن تدبيرهم لشؤونهم واعتمادهم بالأساس على عرق جبينهم وجهود سواعدهم وتضامنهم... فالعلاقات الدولية كما يعلم الجميع لا تقوم أبدًا على العواطف وحسن النوايا، بل تقوم بالأساس على المصالح والمنافع. وفي نهاية المطاف ستنتصر مجدّدًا الحكمة القديمة الجديدة القائلة إن الالتزامات والوعود لا تُلزم إلا من يصدّقها. وكم صدّق الأفارقة طوال تاريخهم المديد من وعود كذّبتها الأيام وتنكّرت لها الأحداث. والعبرة لمن يعتبر.