تونس - الصباح: يستمر الوضع الاقتصادي العالمي مهتزا وغير قادر على تجاوز الأزمة المالية الخانقة التي عصفت به منذ نهاية 2007، وهو ما جعل الاستثمار الاجنبي في تونس بشقيه المباشر وغير المباشر محورا استراتيجيا شديد الأهمية والاولوية لاحتواء مضاعفات الازمة من جهة ومحاولة الافادة من الفرص وربما الامكانات التي قد توفرها للاقتصاد الوطني، وعلى هذا الأساس وبالنظر الى الانجازات الطبية التي في مجال استقدام المستثمرين والشركات الاجنبية التي وسعت من مشاريعها القديمة خلال السنة الماضية او التي انتصبت لاول مرة ببلادنا. على هذا الاساس يمكن القول ان السنة الماضية في ميدان الاستثمار الخارجي كانت ناجحة بكل المقاييس خاصة بالنظر الى تنوعها من جهة والى تاكيدها على الخط التصاعدي الذي استمر متواصلا في السنوات القليلة الماضية، كما يبرز في السياق ايضا النصيب الكبير الذي احتله قطاع الطاقة من حيث استقطابه لما يعادل ثلثي الاستثمارات الاجنبية تقريبا سنة حيث بلغ ما يفوق 1933 مليون دينار من اصل 3597.2 مليون دينار في سنة 2008. واذا كان ذلك مفهوما باعتبار الوضع الجديد الذي افرزته الازمة النفطية التي شهدها العالم سنتي 2008/2007 فان ذلك لا يعني ان هذه الاستثمارات غير مرشحة للاستمرار في السنوات القليلة القادمة، وذلك بحكم استمرار شبح الرجة النفطية الثالثة المنتظرة في تهديد مختلف الاقتصاديات العالمية، اضافة الى استمرار الازمات السياسية الاقليمية والدولية التي من شانها ان تتهدد الانتاج والتوزيع للنفط ومشتقاته في اكثر من منطقة، ما يجعل شركات الاستثمار النفطي احرص من اي وقت مضى على تكثيف التنقيب والاستكشاف اضافة الى اعتماد تقنيات جديدة واستثمارات ضخمة لاستغلال احتياطات نفطية لم تكن مجدية عنما كان سعر برميل النفط في ادنى مستوياته، او على اعماق كبيرة بحيث لاتبرر الكلفة الاستثمارات الكبيرة التي ترصد لها، هذا طبعا اضافة الى التوجه الجديد في الاستثمار في انشطة نفطية تكميلية على غرار التكرير والتحويل واستغلال الغاز. واذا كانت الاستثمارات النفطية في تونس قد تمكنت من احراز القسط الاكبر سنة 2008 فان ذلك لا يعني ان التوجه العام سيظل كذلك على امتداد الفترة الماضية ذلك ان تونس قد تمكنت من احراز تفوق واضح في الفترة الأخيرة في مجال استقطاب الاستثمارات الخارجية في قطاعات جديدة مثل الخدمات ولاسيما المرتبطة منها بتكنولوجيا الاعلام والاتصال مثل الاحداثات الهامة العديدة التي شهدتها بلادنا في مجال خدمات مراكز النداء الدولية او البرامج والتطبيقات الاعلامية في مختلف المجالات ذات القيمة المضافة في ميدان هندسة الموارد البشرية او برمجة الاسواق، وما الى ذلك. وعلى هذا الاساس ينتظر ان تكون الاستثمارات الاجنبية في تونس على امتداد هذا العام 2009 في حدود ملياري دولار تقريبا اعتمادا على نوايا الاستثمار المصرح بها السنة الماضية، ولاسيما الاستثمارات ذات الاضافة النوعية مثل صناعة مكونات الطائرات من خلال مشروع ايرباص، وشركة المناولة التابعة لها «لاكوتيار» او مختلف المؤسسات المختصة في نقل الخدمات خارج بلد المنشا