تونس الصباح «تتقاطع الرؤى والمواقف لتنتج إبداعا»، قد نتعسف على الحقيقة إن قلنا أننا قد شاهدنا أو عاينا الابداع بعينه ونحن نواكب تصوير مسلسلي «أقفاص بلا طيور» و«عاشق السراب» في أيامهما الأخيرة، لكن ما جمعناه يكشف جانبا من «معاناة» الفريق العامل لانتاج عمل مقبول أو أكثر، فمع ارتفاع درجات الحرارة وتكثيف الحركة والتنقل بين الديكورات وحجرة الملابس والماكياج، قد يفقد الممثل والتقني والمخرج على حد السواء التركيز أو الرغبة في المواصلة، ولكن هؤلاء يؤكدون مع كل هذا أن قمة المتعة هي أن تتألم لتقدم إبداعا.. كما في منفلوري صباح يوم الاحد الفارط لنقترب من «بلاتوه» تصوير مسلسل «أقفاص بلا طيور» الذي يخرجه عز الدين الحرباوي ويشارك فيه من الممثلين كل من أحمد الحفيان ووجيهة الجندوبي ورؤوف بن عمر ودرصاف مملوك (العائدة) ومحمد بن علي بن جمعة وآخرون.. لم نجد هؤلاء هناك.. بل كنا على موعد مع تصوير مشاهد الممثل المنصف السويسي ووحيدة الدريدي (مختار ونبيهة) اللذين يجمعهما في البيت الذي يتم فيه التصوير أكثر من موقف وحوار... حرارة مرتفعة، ما يقارب ال7 اشخاص يقفون جميعا وراء الكاميرا، مهندس الصوت معز بالشيخ، مساعدة المخرج مروى بن جميع، تقنيون لتوظيب الديكور والحرص على تفاصيل الصورة، ومن غرفة المراقبة المخرج عز الدين الحرباوي وكاتبته سيدة بن محمود يتابعان التصوير عن بعد (عادة تكون حافلة الregie في منأى عن مكان التصوير) وتصبح مهمة مروى بن جميع (مساعدة المخرج) توجيه الممثلين بتبليغ ملاحظات المخرج عبر اللاسلكي، وعلى الممثل أن يستجيب أو يناقش.. في بعض الحالات! مختار ونبيهة! بدا المنصف السويسي متأثرا بعامل الحرارة في ذاك الصباح ونسي بعض ما كان عليه أن يحفظه من النص، لكن كعادته كان قادرا على التدارك، وفي هذا الاطار عبر هذا الفنان عن سعادته بالمشاركة في مسلسل «أقفاص بلا طيور» ووعد بدور مختلف عن كل الأدوار التي قدمها سابقا في التلفزة، ولم تخف الممثلة وحيدة الدريدي قلقها من هذا الظهور التلفزي الذي تعود به الى الشاشة الصغيرة بعد غياب تجاوز ال5 سنوات. وتقول وحيدة «أرجو ألا يؤثر غيابي عن التلفزة في ذاكرة المشاهد الذي يهمني أن تتواصل علاقتي به سواء عبر المسرح أو السينما أو التلفزة، وفي مسلسل «أقفاص بلا طيور» أحاول أن اجتهد أكثر لأقنع، وعادة لا يتغير نسق العمل ولا يتأثر بالظرفية الزمنية لدى الممثل» وأضافت ضاحكة «الأيام الأخيرة للتصوير، لا تعني ضرورة التخاذل أو اللامبالاة»! كان لنا لقاء مع مهندس الصوت معز بالشيخ الذي سألناه عن السبب الحقيقي وراء تغير أو لنقل تأرجح مستوى ارتفاع الصوت في مسلسلاتنا الرمضانية الى درجة تجعلنا متأهبين للتفاعل عبر «الكوموند» في كل لحظة، فبعض المشاهد صوتها عال، بينما تخال الممثلين في وضع همس في مواضيع اخرى. محدثي لم ينكر هذه الحقيقة، وقال أنها نتاج «الزربة» أو لنقل السرعة التي يتم فيها مزج أعمالنا الرمضانية. وقد يضطر مهندس الصوت الى «ترقيع» ذلك فيما بعد، لكن قد يعجز عن تنقية الصوت، حين تتدخل أصوات خارجية وتقتحم المناخ العام للتصوير ولا يتفطن المخرج أو السكريبت ذلك، وحينها يصبح فعل «الاصلاح» شبه مستحيل. وفي حين يتفاعل مهندس الصوت وجل فريق العمل مع زيارة «الصباح» لفضاء «مونوبري» لمواكبة التصوير أفضى مدير التصوير اسكندر بن سليمان الاجابة عن أسئلتنا وقال معللا ذلك بأن الصورة التي ستشاهدونها أثناء بث المسلسل هي الأقدر على الحديث والتعبير..! أخطاء.. وأخطاء قد يتبادر الى الذهن ونحن هناك في كواليس التصوير مشهد أو مشاهد بعض الاخطاء في الصورة والتوظيف المشهدي في المسلسل، فنتساءل من المذنب وكيف يمكن تفادي هذه المعظلة؟ سيدة بن محمود (سكريبت) أجابت عن هذه النقطة بالقول أن أضخم وأهم الأعمال التلفزية والسينمائية في العالم تحتوي هذا الصنف من الأخطاء، وأن الاقرار بغير ذلك غير صحيح بالمرة، وقد يقلص السكريبت من هذه الأخطاء حين يتفطن الى وجودها ولكن قد يسهم عامل الوقت أحيانا في عجز كامل الفريق عن التدارك، وتأتي بعض التفاصيل المشهدية في تنافر وقطع مع المنطق أو التسلسل!! صمود ولم يعتبر المخرج عز الدين الحرباوي الأيام الأخيرة من التصوير «فرصة» لأخذ نصيب من الراحة وقال «منذ ما يقارب الأربعة اشهر، لم استسلم للراحة يوما، ولم أفكر في ذلك، فكل أيام الاسبوع هي عمل ثم عمل للوصول الى النتيجة التي نرجوها مقنعة ومرضية، وبعد الانتهاء من التصوير (يوم 15 أوت آخر أيام تصوير مسلسل «أقفاص بلا طيور») نتحول رفقة مساعدي في التوليف الى الجزء الثاني من العمل وهو الذي يكتسي الأهمية نفسها إن لم نقل أكثر من مرحلة التصوير». ويضيف: «المونتاج هو الحياة الثانية التي نبعثها في العمل». سفر ابراهيم وللتذكير يتعرض مسلسل «أقفاص بلا طيور» الى تجربة مهاجر الى فرنسا يتورط في قضية سرقة ويودع السجن ظلما، ثم تنقطع أخباره عن أهله، قبل أن يظهر من جديد ليواجه صعوبات التأقلم من جديد في محيطه العائلي والاجتماعي، وحتى يثبت براءته ونجاح قريب له في توريطه أكثر حين استولى على مبلغ الكفالة التي كانت ستؤمن له مغادرة السجن واستعادة حريته... واذ نتركه في السجن، فذلك لأن سهرات رمضان مع هذا المسلسل ستخرجه حتما منه وتتعكر الأجواء لتصفو في النهاية.. وهي دائما مناخات الوجبات الرمضانية.. فهل هو الأمر ذاته مع «عاشق السراب» للحبيب المسلماني عن نص لعلي اللواتي؟.. هذا ما سنراه غدا.