السياسة..حضن المتناقضات يلتقي فيها اليمين باليسار واليسار.. بأقصى اليمين تجري فيها المصالح..برياح الحاكمين وتتعطل الدولة.. إذا غضب أصحاب المصالح.. الحاكم في السياسة.. مثل لعبة البوكر.. هناك دائما.. غالب ومغلوب.. وفي أفغانستان..السياسة لعبة يلهو بها الجميع.. الذين في الحكم..والذين هم خارجه.. لكن الجميع غالب..والجميع مغلوب في آن معا.. * * * اقتحم السوفيات أفغانستان.. فأنهوا الدولة..وأنشأوا الفوضى جعلوا منها حديقتهم الخلفية لكنهم لم يعرفوا كيف يحصدون ثمارها.. استفاقت القبائل..ولدت زعامات جاء السلاح..وأينع الكوكايين أطرد الروس..بمساعدة أمريكية نشأت طالبان..بين «تورا بورا» زحفت باتجاه كابول.. تغلغلت في المجتمع..بدّلت العقول غيرت «المعادلات» القائمة وأنشأت «معادلات» جديدة.. فكثر الاعداء.. وتقلص عدد الحلفاء استيقظ «الضمير الامريكي» فجلب «صحوات الأطلسي».. وجاء بحامد كرازاي..بديلا أمريكيا جاهزا.. * * * جُبلَ الأفغان..على مقت الاجنبي.. قاوموا السوفيات..بسلاح أمريكي.. واستخدموا سلاح «رامبو»...لضرب القوات الأمريكية ظن كرازاي..ان البوابة الأمريكية واللغة البشتونية..والجلباب الافغاني الاصيل طريق سالكة للحكم..في بلد الحكام والزعماء فيه أكثر من الشعب.. ورغم انه «دخل» كابول..عبر انتخابات بمهندسين من واشنطن.. ومكاتب اقتراع من نيويورك وعمليات فرز..تمت خارج أفغانستان.. الا ان المتفرجين الأفغان رفضوا ان يكونوا..مجرّد مصفقين في مسرحية بطلها..ابن افغاني «ضالّ» ومخرجها..زعيم في مدينة هوليود.. فلا كرازاي..حكم بما أراد الأمريكان ولا واشنطن..وجدت حساباتها التي ضبطتها..بمعادلات خاطئة.. * * * كرازاي..لاعب أمريكي ببدلة أفغانية.. خلط السياسة..ب«القبلية».. ضرب الطاجيك..بالبشتون.. ثم عاد ليستميلهم.. ضد طالبان.. اتكأ على الأطلسي.. فيما قواته الافغانية تتدرب في واشنطن.. تودد الى باكستان.. ليستفرد بطالبان استنجد بزعيم الطاجيك (1) لمواجهة غريمه في الرئاسية (2) عرض حماية «الملا عمر».. مقابل صلح مع طالبان.. غازل الشعب الأفغاني بديمقراطية افغانية.. ذات مذاق أمريكي فتقيأ الشعب طبخته الفاسدة فلا الامريكان نجحوا في تصدير «الهمبورغر» ولا كرازاي اقنعهم بالوجبة الافغانية.. * * * أفغانستان.. «دولة» من «باب دوّار».. تتدخل باكستان.. فتتحرك روسيا.. يحشر الاطلسي انفه.. فتستشيط إيران غضبا.. تمد السعودية يدها.. فتغضب طالبان.. تتحرك طالبان.. فتتهم «قاعدة العراق» و«جهادية» بن لادن.. وملالي باكستان.. تتساءل فرنسا فتستفسر بريطانيا اما الروس.. فهم مثل اللاعب الاحتياطي المهيأ للعب.. حتى في الوقت المبدّل.. المهم ان استقلال افغانستان.. مشروع مؤجل الى حين تقسيم الكعكة بسكين أمريكي.. وطباخ أوروبي ماهر.. * * * رشوة اعدائك.. تكتيك فعّال.. واستمالة القبائل.. نهج استعماري ثابت خلطت امريكا الاستراتيجيا.. بالاستعمار واخرجت طبخة عنوانها: «صحوات افغانستان».. تمثلت النموذج العراقي..رغم فشلها فيه فهي اليوم بين صفيح طالبان الساخن ومكائد «الصحوات».. والقبائل.. وعين بن لادن.. التي لم تمت وتصاعد الغضب الأفغاني المتنامي وتربص.. الذئب الروسي.. وترصّد.. الثعلب الايراني.. وافغانستان في كل ذلك.. تائهة.. بين رئيس منزوع الصلاحيات وقبائل.. اقوى من الجيش الافغاني وشعب.. مورده الرئيسي افيون..اذا ما جاع تناول منه جرعات.. فيرقد الى حين طبخة إقليمية جديدة.. قد تدرج افغانستان ضمن «مشروع الشرق الاوسط الكبير».. الذي لم يحن اوانه بعد.. (1) عبد الرشيد دوستم