يقبل الطلبة والجامعيون و الباحثون والأولياء بداية من هذا الأسبوع على سنة جامعية جديدة )2010/2009(،تحمل الكثير من الانتظارات وتتضمن الكثير من الإصلاحات، حول هذه المواضيع وغيرها من المواضيع الأخرى كان لنا حديث مع الأستاذ محمّد رشاد بوسمة مدير التجديد الجامعي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا وهو أستاذ تعليم عال بالمدرسة الوطنية للمهندسين بتونس منذ سنة 1981 وباحث بوحدة البحث والاستشعار عن بعد و أنظمة المعلومات الجغرافية . و هذا أهمّ ما دار بيننا من حديث . حوار محمد القبي
* ما هو الدّور الذي تقوم به الإدارة العامّة للتوجيه الجامعي في صلب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا وما هي وظائفها المختلفة ؟ الإدارة العامّة كما يدلّ على ذلك اسمها هي إدارة تشرف على إنجاز الإصلاحات التي يأذن بها السيد وزير التعليم العالي و البحث العلمي و التكنولوجيا و تفعيلها بالجامعات التونسية و مؤسسات التعليم العالي و البحث العلمي، هي إصلاحات تتعلّق بالخصوص بالجوانب البيداغوجية ، كإصلاح «أمد» في الإجازة والماجيستير والدكتوراه بالجوانب الادارية على غرار تعاقد الجامعات التونسية مع الدولة وهو مشروع نحن بصدد إنجازه كما تقوم بتشبيك المؤسسات الجامعية مع بعضها البعض خاصّة في نفس الاختصاصات مثلا شبكات المعاهد العليا للفنون و الحرف وشبكات المعاهد العليا للعلوم التطبيقية وهناك مشاريع أخرى تتعلق ببعث المراصد بالجامعات وبعث خلايا الإدماج بالمؤسسات الجامعية و بعث خلايا التنمية البيداغوجية بالجامعات ،يعني أنّ هناك عددا هاما من المشاريع التي تقوم بها الإدارة العامّة. * في صلب الإدارة العامّة، هل هناك بعض المصاعب وبعض المشاغل ؟ في الحقيقة لا يمكن القول بأنّها مصاعب لأنّ دور الإدارة العامّة يتمثّل في إنجاز وتنفيذ مجهودات الدولة و توجهات الوزارة إذ يقع ضبط برامج و تقوم الإدارة بتنفيذ تلك البرامج و تلك التوجّهات، و تتمثّل الصعوبات ربّما عند التنفيذ على مستوى المؤسسات الجامعية وهذا طبيعي باعتبار أنّ المؤسسات يمكن أن يكون لديها فهم مختلف لتلك التوجهات، ربما تكون لديها طاقة إنجاز مختلفة،هناك مؤسسات عريقة ومهيكلة،فيها من الموارد البشرية ما يكفي للقيام بالإنجازات المطلوبة، و هناك أيضا مؤسسات فتية ربما تفتقر إلى موارد بشرية، قد تحصل بعض الصعوبات عند التنفيذ و دورنا يتمثل من جهة متابعة المتابعة ومن جهة أخرى نحاول مساعدة المؤسسات على تحقيق وإنجاز ما يتمّ ضبطه في مستوى الوزارة. * خضتم خلال السنة الجامعية الماضية تجربة هامة تتمثل في الإجازات التطبيقية ذات البناء المشترك والتشغيلية في إطار ثنائي بين الجامعيين و المهنيين دون عقد وفي إطار التكامل بين الطرفين ، بالإضافة إلى تشريك الطلبة في التقديم، كيف تقيّمون هذه التجربة ونحن نستعدّ لاستقبال سنة جامعية جديدة؟ هي تجربة فريدة من نوعها، فهي مساهمة من قطاع التعليم العالي في تشغيلية الخرّيجين و الجميع يعلم الآن أنّ هذا هو هاجسنا الكبير في التعليم العالي الذي يضع في السوق آلاف الخرّجين، ففي شهر جوان الماضي بلغ عددهم أكثر من 60 ألف، وحاليا هناك صعوبات في إدماج عدد كبير من خرّيجي التعليم العالي. ومن مساهمات قطاع التعليم في إيجاد الحلول البناء المشترك في الإجازات التطبيقية والمجيستير المهني ، وإذا ما قمنا بإعداد شهائد يقع الاتّفاق عليها بين المؤسسة الجامعية التي كانت من قبل تشرف وحدها على الشهائد، أمّا اليوم فيقع تشريك المهنيين في إعداد هذه الشهائد و كذلك في التدريس و هذا من شأنه أن ييسّر عملية إدماج الخرّيجين لأنّ المشغّلين أصبحوا مساهمين في عملية التكوين وبهذه المشاركة يتفطّنون إلى وجود إمكانيات لدى هؤلاء الطّلبة الذين تكوّنوا وفق المواصفات الأكاديمية المطلوبة و كذلك مواصفات الجودة ، فضلا عن المواصفات المهنية بحيث يصبح الطالب المتخرج المنخرط في الإجازة التطبيقية ذات البناء المشترك لديه المؤهلات الكافية لإدماجه بسرعة ومن بين ما يعيبه المشغلون على المؤسسات الجامعية من قبل هو أنّ الطلبة المكوّنين ليسوا وظيفيين ،فينبغي للمشغّل أن ينفق عليهم عدّة أشهر أخرى حتّى يصبحوا وظيفين بأتمّ معنى الكلمة، لذلك أدخلنا فكرة التكوين بالتّداول حتّى يتعرّف الطالب إلى المؤسسة الاقتصادية. * هل ترى أنّ نجاح هذه الإجازات التطبيقية يتعلّق بمسألة إدماج الطلبة في سوق الشغل بنسبة مائة بالمائة مما جعلهم يقبلون عليها؟ إذا لم تمكّن هذه الإجازات من الإدماج السريع للخرّجين لن يكون بينها وبين الإجازات الأخرى أيّ فرق، و لن تكون ذات جدوى، لذلك فالإضافة الحقيقية لهذا النوع من الإجازات هو الإدماج السريع للخريجين، وبالنسبة إلينا هذا أهمّ معيار لنجاح التجربة و قد تمّ توفير جميع الظروف لنجاحها و ذلك بانتقاء هؤلاء الطلبة بصفة مشتركة بين الجامعة و المؤسسات الاقتصادية حسب الملفّات و تحديد عدد الطلبة المزمع تكوينهم،فلا يتجاوز الثلاثين حتّى يقع تأطيرهم في أفضل ما يكون وحتّى يقع إيجاد التربصات الكافية، فإذا تحقّق التشغيل بنسبة 80 بالمائة خلال الأشهر الثلاثة الأولى التي تلي التخرّج يمكن اعتبار أنّ هذه الإجازة ناجحة. * لماذا لا تعمّم هذه التجربة في اختصاصات أخرى كاللغات العربية والفرنسية والانقليزية وعلم الاجتماع الذي يشكو فيه الخريجون البطالة الكاملة منذ فترة و هي مسألة تؤرّق الجميع بمن فيهم المسؤولين في وزارة الإشراف؟ هدفنا في أقرب ممكن هو أن يكون التكوين في جميع المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية وفق البناء المشترك و هذا هام و هام جدّا ، على الأقلّ نضمن أن الإجازات التطبيقية في هذه المعاهد وفق البناء المشترك ولا نتصوّر أنّنا سنجد صعوبات كبرى، هذا على المدى القريب ، أمّا على المدى المتوسّط والبعيد فبودّنا لو تكون الإجازات التطبيقية وفق البناء المشترك في جميع الاختصاصات، وأغتنم الفرصة لتوجيه نداء لكلّ الجامعيين والمهنيين لاسيما في الاختصاصات التي ذكرتها قبل قليل كالألسنيات واللغات والعلوم القانونية و العلوم الاقتصادية والتصرّف، بودّنا أن تحصل أكثر ما يمكن من المبادرات في إعداد مشاريع تتعلق بالإجازات التطبيقية ذات البناء المشترك و نحن ندرك جيّدا أهمّية هذه المجالات في العديد من القطاعات، لكن مع الأسف فهي مازالت غير مستغلّة، فالمبادرة الحقيقية لا تأتي من الوزارة، لأنّنا نريدها أساسا من المنبع ونعني بذلك في المؤسسات الاقتصادية، وفي نطاق التنسيق بين الوزارة والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وضعنا الإطار العام لذلك في إطار الاتفاقية التي تمّ عقدها في أفريل من سنة 2005 ، والكرة الآن بين أرجل المسؤولين في المؤسسات الجامعية والمؤسسات الاقتصادية ، ونحن في مستوى الوزارة لدينا جملة من الإمكانيات التي تمكّننا من المساعدة على ذلك ، حاليا نحن في بداية الطريق إذ هناك بلدان قد سبقتنا منها ألمانيا على سبيل المثال ، ففيها التكوين ممهنن ، هو تكوين بالتداول، تكوين يتمّ بمشاركة المؤسسة الاقتصادية بصفة فعالة ، فنحن نسعى إلى مضاعفة أعداد هذه الإجازات التطبيقية في السنة المقبلة إلى أن يقع تعميمها.