تونس - الصباح: تباينت الآراء حول النظرة البراغماتية في الممارسات السياسية لبعض الشباب المنخرط في الأحزاب الوطنية وخاصة المعارضة منها، بين رافض يرى أن الأحزاب بحاجة الى طاقات تعطيها الاضافة، لا الى أخرى تأخذ منها، وبين قابل باعتبارها نظرة طبيعية لأن الطموح مشروع للوصول الى مناصب طلائعية. «وفرة» عدد المنخرطين بالحزب الحاكم جعلت العديد من الشبان يفضلون التوجه الى أحزاب المعارضة لامكانية الفوز بمناصب قيادية داخل الحزب أو خارجه في أسرع وقت ممكن. ومن هنا نلاحظ أن مفهوم النضال للدفاع عن أفكار معينة أصبح يفقد معناه داخل بعض الأحزاب وطغت فكرة «النضال الشخصي» لتحقيق المصلحة الخاصة لا المصلحة العامة في تكريس للمبدإ الماكيافيلي القائل «الغاية تبرر الوسيلة». «رجل كألف وألف كأف» وفي سؤالنا عن حقيقة بروز العقلية النفعية عند بعض الشباب في التوجه الى الاحزاب السياسية وخاصة المعارضة منها، أجابنا السيد عبد السلام بوعائشة عضو المجلس الوطني بحزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي ان هذه النظرية يمكن ان تكون حقيقية، خاصة ان العقلية النفعية أصبحت تميز اغلب افراد المجتمع التونسي فالمصلحة الخاصة حسب رأيه اصبحت تغلب على المصلحة العامة. واكد محدثنا ان الساحة السياسية في تونس وخاصة احزاب المعارضة في حاجة لمن يقدم لها وليس في حاجة لمن ينتظر منها منافع شخصية ضيقة، حتى لا تكون هذه الاحزاب جسر عبور لضمان المصالح الشخصية، واستدرك بوعائشة قائلا ان اي حزب يسعى لحل مشاكل منخرطيه ومساعدتهم على تحقيق طموحاتهم لكن دون تكريس العقلية النفعية التي يراها ظاهرة سلبية لدى الشباب. وهذا ما يفسر توجه حزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي حسبما قاله محدثنا، الى الاهتمام «بجودة» المنخرطين الشبان وليس الاهتمام بالعدد استنادا الى المثل العربي القائل «رجل كألف وألف كأف». طريق مختصرة كما اتصلنا بعضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبية «محمد سفينة» الذي ذكر ان طول صف الانتظار للوصول الى تحقيق الطموح الشخصي داخل الحزب الحاكم نظرا للعدد الهام لمناضليه جعل بعض الشبان يتحولون الى احزاب المعارضة قصد ضمان امكانية الحصول على مراكز مهمة في نظرة براغماتية تعتبر سلبية تفتك بسلامة العمل السياسي الرشيد، واضاف «ان حزب الوحدة الشعبية يسعى لابعاد من لهم رغبة الوصول الى المناصب والذين تنتابهم هواجس مبكرة للبروز وتحقيق مواقع قيادية، وقد يكون بعضهم يعتبر ان احزاب المعارضة طريق مختصرة توصل الى اعتلاء مناصب طلائعية او تحقيق ارباح مالية». مضيفا ان الحزب سعى للتصدي لمثل هذه الممارسات والعقليات النفعية السلبية وذلك من خلال التعويل على نضج الشباب المنخرط بالحزب ووعيه والتزامه بالتعددية والديموقراطية. ويرى محمد سفينة ان للتأطير داخل الاحزاب دورا كبيرا في تسيير هؤلاء الشبان نحو الطريق الصحيحة التي تفتح لهم ابواب تحقيق طموحاتهم المشروعة بطرق مشروعة. ايجابية النظرة النفعية وعكس ما يراه البقية يرى السيد العروسي النالوتي عضو المكتب السياسي بحركة الديموقراطيين الاشتراكيين ان النظرة النفعية للشباب ليست بالضرورة سلبية بل ايجابية احيانا ويفسر لنا ذلك بانه من الطبيعي ان يفكر اي شاب من هذا المنظور حتى يبرز داخل الحزب المنتمي اليه وبالتالي يحقق ما يطمح له من خلال نشاطه السياسي الذي اختاره، واضاف ان حزبا سياسيا «يحترم نفسه» يجب ان يسلم المشعل للشباب لتحمل المسؤولية. ومن جهة اخرى يرى ان ما يشهده الحزب الحاكم من ضغط على مستوى الكم يعتبر نقطة ايجابية لصالح الاحزاب الاخرى وبالتالي ينادي محدثنا ب«الطموح» لا «بالطمع»، فمن حق اي شاب منخرط في الاحزاب السياسية وخاصة المعارضة البروز قصد الفوز بمراكز طلائعية وقيادية داخل الحزب او خارجه، والوصول الى المناصب حسب رأيه ليس وجودا جسديا بل هو قيمة ومستوى جيد، وبالتالي فان التأطير ضروري داخل الاحزاب حتى تفتح الابواب امام شبابها لتحقيق طموحاتهم في البروز.