مع انها تاخرت اكثر مما كان ينبغي فان الزيارة المرتقبة لوفد من حركة فتح الى قطاع غزة مطلع الاسبوع القادم يمكن ان تكون خطوة في اتجاه تصحيح الكثير من الاخطاء اذا ما اكتملت شروطها وتوفرت معها الارضية المطلوبة من اجل ارساء الحوار البناء ووضع حد لحالة التشرذم والانقسام التي سادت حتى الان بين حركتي فتح وحماس ابرز فصيلين على الساحة الفلسطينية بعد ان قررا خطا واستكبارا كل على الاخر الصوم عن الحوار والاضراب عن الكلام لا سيما عندما يتعلق الامر بالمصالح المصيرية المقدسة والمتعلقة بتقرير مصير ومستقبل الشعوب وهي المصالح التي لا تقبل التاجيل ولا يمكن ان تخضع للابتزازات والمساومات... والمؤسف ان انصار الحركتين ما كانوا ليتوانوا في مناسبات كثيرة عن الخروج عن صمتهم للدخول في حروب كلامية مفتوحة على الفضائيات لتبادل الاتهامات العلنية بما زاد الطين بلة وادخل الفلسطينيين في حلقة مفرغة واعاد القضية الفلسطينية سنوات ان لم يكن عقودا لى الوراء بعد ان تراجع موقعها في المحافل الدولية والاقليمية كل ذلك فيما تواصل الة الحرب الاسرائيلية هدم البيوت ومصادرة الاراضي وتوسيع المستوطنات املة ان يستمرالاختلاف الفلسطيني الفلسطيني الى ما لانهاية... لقد جمعت غزة الجريحة كل اسباب المتناقضات الصارخة وفيما كانت الوفود الاجنبية من اطباء ومسعفين وناشطين وحقوقيين وبرلمانيين القادمين برا او بحرا من العواصمالغربية واحيانا العربية تتدفق على القطاع المعزول رغم القيود والاجراءات والتهديدات الاسرائيلية فقد اهدر مسؤولو السلطة الفلسطينية الفرصة ولم يقدموا انذاك وربما لاسباب كثيرة اهمها الاحتلال الاسرائيلي على كسر الحاجز والمجازفة للوصول الى قطاع غزة المنكوب وفرض الامرالواقع ونقل ما كان اهل الضفة يجمعونه من مساعدات وتبرعات سخية في الجانب الاخر من ارض فلسطينالمحتلة... والامر هنا بالتاكيد لا يتعلق باي حال من الاحوال بالسقوط في محاولة محاسبة المسؤولين في الضفة ولا الانفصاليين في غزة فتلك من مسؤوليات الشعب الفلسطيني وحده دون غيره ولكن لوضع بعض النقاط على الحروف ومحاولة الاستفادة من التحولات والتطورات المتلاحقة على الساحة الدولية خاصة مع عودة التحركات على الساحة الدولية لملاحقة مسؤولي الاحتلال الاسرائيلي على مختلف الجرائم التي ارتكبوها في حق المدنيين وظهور بوادرلحملات مقاطعة اوروبية للبضائع الاسرائيلية احتجاجا على سياساتها العنصرية وجرائمها من جنين الى غزة فضلا عن تواتر التقارير الحقوقية والدولية بشان تكرار الانتهاكات والخروقات الاسرائيلية لابسط قواعد حقوق الانسان في الاراضي المحتلة وظهور لجان قانونية غربية او عربية وحتى اسرائيلية تسعى لمحاكمة سياسيين وعسكريين اسرائيليين امام الهياكل المعنية... وفي انتظار ان تؤتي الزيارة المرتقبة ثمارها يبقى المطلوب من كل الاطراف المعنية ان تكذب ولو مرة واحدة المقولة السائدة بان الفلسطينيين ومعهم العرب عموما قد تميزواعن غيرهم بتفويت الفرص واهدارها الى درجة لا يمكن لاي كان منافستهم في ذلك . سوف تخطئ حماس لو انها رفضت السماح لوفد فتح القادم الى القطاع بدخوله تماما كما اخطات يوم منعت اعضاء فتح في غزة من المشاركة في اشغال مؤتمر فتح السادس في بيت لحم قبل اسبوعين... مرة اخرى لقد اقترفت فتح خطا فادحا بتاجيل زيارتها الى غزة وستخطئ مجددا اذا تراجعت عن هذه الزيارة لاي سبب من الاسباب فلا مجال بعد كل المحن التي مربها اهالي غزة ودفعوا ومازالوا يدفعون ثمنها غاليا من دماء وارواح ابنائهم وضحاياهم تحت الصواريخ الاسرائيلية وفي انفاق الموت بحثا عن رغيف الحياة للقبول باستمرار المهزلة التي حولت الشعب الفلسطيني الى رهينة للخلافات والصراعات من اجل سلطة وهمية لا وجود لها الا في اذهان المتناحرين عليها...