فضيحة رشوة تهزّ الرابطة الثانية: إيقاف رئيس مستقبل القصرين وتواصل التحقيقات    جلسة عمل لمتابعة الاجراءات الرامية لتوفير مساكن اجتماعية في إطار آلية الكراء الممللك ومقاسم اجتماعية    الحماية المدنية: 537 تدخلا منها 124 لاطفاء الحرائق خلال24 ساعة الماضية    وزير النقل يشرف على اجتماع لجنة القيادة لمنظومة التصرف في السلامة بالخطوط التونسية    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    اليوم.. تنتهي مهلة الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي    مجلس الأمن يصوّت اليوم على مشروع قرار جديد بشأن غزة    عاجل: عامر بحبّة يبشّر التونسيين...''منخفض جوي كبير باش يضرب تونس في آخر سبتمبر''    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    طقس الخميس: سحب عابرة وحرارة تصل إلى 36 درجة بالجنوب الغربي    فرنسا على صفيح ساخن: مليون عامل إلى الشارع لمواجهة سياسات ماكرون    دوري أبطال أوروبا: باريس سان جرمان يكتسح أتالانتا برباعية وفوز مثير لليفربول على أتلتيكو مدريد    اريانة: جلسة عمل اللجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها وتنظيم النجدة    ترامب يصنف "أنتيفا" منظمة إرهابية كبرى بعد اغتيال حليفه تشارلي كيرك    شبكة إيه بي سي توقف برنامج جيمي كيميل بعد تصريحاته حول اغتيال كيرك وترامب يصف القرار ب"بشرى عظيمة"    فرنسا: ما الذي نعرفه عن اليوم الاحتجاجي الذي دعت إليه تنسيقية النقابات؟    سرقة عينات من الذهب بقيمة 700 ألف دولار من متحف في باريس    فقدان 61 مهاجرا غالبيتهم سودانيون في انقلاب قارب ثانٍ قبالة ليبيا    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    تونس ضيفة شرف مهرجان بغداد السينمائي...تكريم نجيب عيّاد و8 أفلام في البرمجة    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    من قلب القاهرة... عبد الحليم حافظ يستقبل جمهوره بعد الرحيل    تونس وكوريا: نحو شراكة في الابتكار الطبي والبيوصيدلة    مع الخريف: موسم الفيروسات يعود مجددًا وهذا هو التوقيت الأمثل للحصول على لقاح الإنفلونزا    تحويل جزئي لحركة المرور قرب مستشفى الحروق البليغة ببن عروس    غار الدماء: وفاة أم أضرمت النار في جسدها بسبب نقلة ابنتها    الديوانة تحبط محاولة تهريب مخدرات بميناء حلق الوادي الشمالي    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    فتحي زهير النوري: تونس تطمح لأن تكون منصّة ماليّة على المستوى العربي    تسجيل تراجع في صابة "الهندي" الأملس    عاجل/ إسبانيا تلوّح بمقاطعة المونديال في حال تأهّل إسرائيل    إلغاء الإضراب بمعهد صالح عزيز    تونس تحدد مخزون الحليب الطازج المعقم    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    وزير الداخلية: تونس في مواجهة مُباشرة مع التحدّيات والتهديدات والمخاطر السيبرنية    أولمبيك سيدي بوزيد يتعاقد مع الحارس وسيم الغزّي واللاعب علي المشراوي    الكاف: حجز كميّات من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    جريدة الزمن التونسي    جندوبة الرياضية تتعاقد مع اللاعب بلال العوني    عاجل/ الجامعة التونسية لكرة القدم تحذر وتتوعد بتتبع هؤلاء..    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة مستقبل قابس    الرابطة الأولى: تشكيلة شبيبة العمران في مواجهة النادي الإفريقي    الدينار التونسي يتراجع أمام الأورو إلى مستوى 3.4    المريض هو اللي باش يطلب استرجاع المصاريف من الكنام.. تفاصيل جديدة    مقارنة بالسنة الفارطة: زيادة ب 37 مدرسة خاصة في تونس    بنزرت: إصابات خفيفة في انقلاب حافلة عمّال بغزالة    قطاع التربية يحتج اليوم: ساعتان من الغضب داخل المؤسسات وأمام المندوبيات    الكورة اليوم ما تفلتهاش... هذا برنامج المقابلات للرابطة الأولى    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    جريدة الزمن التونسي    فيلمان تونسيان ضمن مسابقات مهرجان الجونة السينمائي    وفاة روبرت ريدفورد: رحيل أيقونة السينما الأميركية عن 89 عامًا    انطلاق المخطط الوطني للتكوين حول الجلطة الدماغية    كلمات تحمي ولادك في طريق المدرسة.. دعاء بسيط وأثره كبير    أولا وأخيرا ..أول عرس في حياتي    مع الشروق : الحقد السياسيّ الأعمى ووطنية الدّراويش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما تنفتح الدراما التونسية على «وسط البلاد»...
«عاشق السراب» لعلي اللواتي / الحبيب المسلماني:
نشر في الصباح يوم 24 - 09 - 2009

يكفي أن العمل اهتم بأحد الفنون التي ربما لم تحظ بعد بمكانتها كاملة بين عامة الناس حتى يستوقفنا مسلسل ''عاشق السراب'' الذي بثته قناة تونس 21 الفضائية خلال المنتصف الأول من شهر رمضان . فقد كانت الفكرة الأساسية تقوم حول الفن التشكيلي وتحديدا مكانة الفن المعاصر بالساحة الفنية بتونس... قراءة للمسلسل.
صاغ المسلسل، كما هو معروف، الكاتب علي اللواتي الذي تتعدّد اهتماماته الأدبية والفنية وهو بالإضافة إلى تخصّصه في الفن الإسلامي، رسام وناقد للفنون التشكيلية. ربما لم يحالف الحظ كثيرا هذا العمل عندما تم بثه سنين بعد تأليفه، فبدت بعض الأحداث وكأنها في غير زمنها خاصة ونحن في زمن الهاتف النقال... وبالنظر كذلك إلى ما يعيشه واقع الفنون التشكيلية من تغييرات سريعة مع الأعوام.
كان من الممكن أن يكون المسلسل في طليعة الأعمال الدرامية التي تبشّر بحركة جديدة على مستوى الدراما التونسية من خلال معالجة قضايا لم يتعود بها المشاهد التونسي على غرار علاقة التونسي بالفنون التشكيلية، لا سيّما المعاصر من بينها لو تم بثه قبل الدخول في القرن الجديد (ق21) ولكن ذلك لا يحول دون التفطّن إلى ذلك الإحساس العالي الذي ينبع من العمل ككل. احساس تفرضه أهم قضية طرحها المسلسل وهي قضية الفن بالأساس.
القيروان بعيدا عن التحنيط
تناول المسلسل الذي أخرجه الحبيب المسلماني والذي شارك فيه بالخصوص كل من صالح الجدي وليلى الشابي ويونس الفارحي وعلي الخميري ومجموعة من الشباب عددا من القضايا المتداخلة من بينها العلاقة الأسرية والتحولات الجديدة التي يعيشها المجتمع والتي من بين أبرز مميزاتها التغيير في القيم والرغبة في الإستثراء السريع على حساب الأخلاق والقانون.
وأبرز من جسم هذا التحول في هذا الإتجاه نور الدين الأسمر(جسد الشخصية علي الخميري) وابنته فاطمة التي واصلت في نهج والدها الذي يتاجر بشكل لا قانوني في مواد نادرة وهي عبارة عن حجارة تلقي بها الشهب والأفلاك ويتم العثور عليها في الصحراء.
دارت الأحداث بين مدينة القيروان والعاصمة وهي المرّات القليلة التي تلتفت فيها الدراما التلفزيونية إلى وسط البلاد حيث عادة ما تنحصر الأمور بين العاصمة والجنوب التونسي. وحاول المسلسل أن يقدم صورة عن الحياة بمدينة القيروان مع جهود واضحة لتجنب أسلوب البطاقات البريدية . قدم العمل القيروان مدينة تحدث فيها أشياء سلبية وإيجابية ولم يحنّطها في تلك الصورة التي تجعل من هذه المدينة العريقة وكأنها تعيش خارج قوانين هذا الزمن.
يحدث في القيروان أن تكون العلاقات متوترة بين الأسر وداخل الأسرة الواحدة ويحدث أن تعيش بعض الأطراف خيانات وأن تواجه الظلم وأن تظلم وتخرج عن القانون إلخ... قدم العمل أيضا «مالك عمران» الشاب الطموح الذي يحلم بثورة في مجال الفن التشكيلي المعاصر حتى ولو اصطدمت أحلامه بصخرة الواقع وقدم المرأة في صورتها المتعددة . المرأة القيروانية الجسورة والمرأة الضحية والمرأة المخدوعة والمرأة المحافظة إلى حد التشدد والمرأة الطموحة، إلخ كما هو موجود في مختلف مناطق البلاد. وبالتوازي مع ذلك تجولت الكاميرا في البيوت القيروانية وفي الدكاكين والأنهج العتيقة واهتمت باللباس التقليدي والصناعات التقليدية. ولم يركز المؤلف من منظورنا على النوعية من الحلويات التي تشتهر بها القيروان، المقروض وذلك بشكل مقصود حتى أن أحد أبطال العمل (مالك عمران) قال في احدى المرات بوضوح أنه يرجو أن لا تكون هدية الزائرة له من القيروان وهو الطالب بالعاصمة علبة من المقروض.
القصد من ذلك على ما يبدو يتمثل في الرغبة في عدم تحنيط مدينة القيروان في هذا الصنف من الحلويات وبعض الصناعات التقليدية والكشف عن امكانيات سكان المدينة وتنوع انتاجهم وانخراطهم في العصر.
أحلام الفنان وصخرة الواقع
الفن الذي يطمح مالك عمران إلى فرضه بالبلاد ككل يتجاوز فن «المرقوم» والزربية على الرغم من قيمة هذا الفن التقليدي وهو يتمثل في ابداع فن معاصر يقوم على الخيال وعلى الفكرة الطريفة وعلى المزج بين الفنون على غرار الرسم والموسيقى والرقص.
انتهت أحلام هذا الفنان عندما انساق وراء الواقع لكن مسلسل «عاشق السراب» فتح الباب أمام الحلم.
قدم المسلسل الممثل يونس الفارحي في شخصية المثقف الذي فقد صوابه في خضم البحث عن تحقيق حلمه ولا بد من الإقرار بأن يونس الفارحي يبرهن من خلال هذا الدور عن مدى استعداده الكبير ليكون جزءا هاما من مشروع علي اللواتي في كتابة الدراما للتلفزة التونسية لكن عموما أصبح يونس الفارحي وكأنه متخصص في الأدوار التي يكون فيها الخيط بين العلم والجنون أقل من رفيع.
اختار المسلمون في بداية الفتوحات وكما تؤكده كتب التاريخ مدينة القيروان كقاعدة للدولة الإسلامية بافريقية لأنها وكما فهمنا بعيدة عن البحر. هكذا أمّن المسلمون أنفسهم من الغزوات عن طريق البحر وإذا بالقيروان الحالية في ذهن ''كانوليكا'' المثقف المعتوه في المسلسل قائمة على مدينة مائية . ربما ولم لا؟
كل الأحلام في هذا العمل ممكنة والتصورات مقبولة. غير أن الواقع عادة ما يكون بالمرصاد. وكي لا تكون الأفكار مسقطة أو صعبة الهضم، تضمّن العمل بعض قصص الحب التي لم تكن أكثر من تبرير لبعض الأحداث أو محاولة للتخفيف من وطأة البعض منها.
تعرض العمل كذلك إلى مسألة التعليم الجامعي ودخول رأس المال إلى الجامعة.
لعبت الممثلة ليلى الشابي دور الحلقة التي تربط بين مختلف الأحداث وكان دورها مهما في هذا العمل. غير أن الآداء كان في بعض الأحيان يطرح نقطة استفهام. لم تنجح عملية «الكاستينغ» من منظورنا مائة بالمائة خاصة من خلال توزيع أدوار الشباب مما يجعل المتابع ينزعج من بعض المشاهد التي تبدو مفتعلة أو مبالغا فيها. كل الوجوه في هذا العمل تكاد تكون مكفهرة وحزينة ومتألمة ويبدو واضحا أن الممثلين لم يستطيعوا رفع النص إلى مستوى طموحات صاحب الفكرة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.